تونس بعد ثورة الياسمين:اقتصاد منهك يحاول التعافي
٢٣ مارس ٢٠١١بعد أن هدأ حماس أيام الثورة، عادت الى السطح ملامح اقتصاد أنهكته سنوات من الحكم التسلطي الذي قصر الثروات على طبقة معينة من الناس ارتبطت مصالحها ببقاء ومصالح الحزب الحاكم.
البطالة التي اشتكت منها كل مدن تونس، ما زالت تلقي بظلالها على الاقتصاد، وتحاول الحكومة المؤقتة من خلال إجراءات سريعة أن تضع حلولا سريعة لهذه المشكلة.
إجراءات سريعة لتخطي البطالة
المستشار الاقتصادي التونسي سالم فراتي وفي حديث مع دويتشه فيله أشار إلى أن الحكومة المؤقتة قامت بتخصيص منحة شهرية لمدة سنة للشباب العاطلين عن العمل لتسهيل اندماجهم في المؤسسات الاقتصادية للدولة، كما أعيد النظر في أساليب انتداب الكوادر بتبني مبدأ الشفافية في العمل، وهذه الإجراءات بدأت تدعم عودة الانتعاش إلى الاقتصاد ، وهو أمر يلزمه مزيد من الاستقرار.
وأيّد الخبير التونسي في الشؤون الاقتصادية د. رضا كويعة في حديث مع دويتشه فيله ما ذهب اليه فراتي لكنه أستدرك بالقول إن" إجراءات الحكومة لا تكفي لتجاوز المشكلة لوجود أكثر من 150 ألف خريج جامعة دون عمل علاوة على 350 ألف عاطل عن العمل وهو يمثل %18 من اليد العاملة، ومن الصعب أن يجري احتواء كل هذه الأيدي العاملة بين ليلة وضحاها".
عودة الاستقرار إلى الأسواق
واستقرت أسعار السلع الأساسية عند مستوياتها لما قبل الثورة، كما أن الرز والطحين والسمن والسكر والشاي متوفرة بأسعارها السابقة ما يؤشر إلى استقرار الأسواق وعودة ثقة تجار الجملة والتجزئة إلى ما كانت عليه، كما عادت المصانع إلى العمل ولم يعاني الوقود من أي شحة.
وتقوم الحكومة بدعم أسعار الخبز ما ساهم في محافظة المواد على سقف أسعارها، ولكن ما يحدث في ليبيا أثر على أسعار بعض السلع التي دأب السوق التونسي على استيرادها من ليبيا.
وكدليل على عودة الدورة الاقتصادية إلى الاستقرار، عادت دوائر الحكومة والمصارف لتمارس عملها بشكل منتظم، كما انتظم دفع رواتب الموظفين في مواعيده.
رئيس البنك الدولي روبرت زوليك أكد في تصريح أطلقه مطلع هذا الأسبوع أنّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تسبب الاضطرابات السياسية الجارية في الشرق الأوسط لن تنتهي بسبب استبدال زعيم بآخر، فيما يرى د. رضا كويعة "أن الجميع اليوم يطالبون بحقوقهم ورفعوا سقف توقعاتهم ، فمن كان يسكن كوخا صار يطالب بأن يكون له مسكن، ومن كان يمتلك عملا متواضعا صار يطالب بعمل محترم"، وهذا بالطبع يجعل الاستجابة السريعة إلى هذه المطالب المتجددة أمرا صعبا.
السياحة تتنفس من جديد
ويعتمد اقتصاد تونس الى حد كبير على قطاع السياحة الذي أمّن في عام 2010 نحو 2.55 مليار يورو كما ورد في تقرير للغرفة التجارية العربية الألمانية ، وقد تباطأ هذا القطاع أيام الثورة ، لكن المستشار الاقتصادي التونسي سالم فراتي يرى أنه قد بدأ يتعافى من جديد بعد أن سادت البلد حالة من الاستقرار مؤكدا أن شخصيات دولية عديدة زارت تونس وسوف تنقل إلى المستثمرين انطباعات ايجابية عن الوضع في هذا البلد، ما يشجع عودة الحياة إلى قطاع السياحة وقطاع الاستثمار، لكنه استدرك بالقول أن تونس كانت مزارا سياحيا مغاربيا أيضا، والوضع في الدول المغاربية عموما لم يعد مستقرا ما يمكن أن يؤثر على حجم النشاط السياحي مستقبلا بغض النظر عن تحقق الاستقرار في تونس.
ملهم الملائكة
مراجعة: هبة الله إسماعيل