تيودور شتورم شاعر الواقعية المخلص لمدينته العريقة
٢٩ مارس ٢٠٠٩بداية تم التقليل من شأن الشاعر الألماني تيودور شتورم الذي نُظر إليه كمجرد شاعر متحمس لوطنه، لكن في العقود الأخيرة اتضح أنه كان واحدا من رواد الشعر الواقعي الألماني إلى جانب فونتانه وكيلر. وفي أعماله تناول جوانب من الحياة البرجوازية التي عايشها. يضاف إلى ذلك أنه كان مولعا إلى حد كبير بقصص الرعب، كما يظهر ذلك في روايته "فارس الجواد الأبيض Schimmelreiter" التي تدور أحداثها في ليلة عاصفة. وهذه الرواية العاطفية والدرامية كانت آخر وأفضل أعمال شتورم.
المحاماة بداية مشواره المهني
ولد تيودور شتورم في 14 سبتمبر من عام 1817 في مدينة هوسوم. وانحدر من عائلة أرستقراطية من هولشتاين. والده كان محاميا، ووالدته ابنة لأحد التجار الأغنياء. البيت الذي يحمل رقم 9 في شارع السوق، والذي ولد فيه شتورم يعتبر صغير جدا مقارنة بمنازل التجار المحيطة به، كان البيت مسرحا لروايته "هناك عند السوق".
بدأ شتورم تعليمه المدرسي في مدرسة للنخبة، لكن، ونظرا لتغيبه المتكرر عن المدرسة، قرر والده إرساله إلى المدرسة الثانوية في مدينة لوبيك. بعد ذلك درس القانون في جامعتي كيل وبرلين وعمل محاميا في هوسوم. ومكتب المحاماة الذي عمل فيه كان في قلعة المدينة التي تحولت إلى مركز ثقافي تقام فيه اليوم الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية.
شاعر مخلص لمدينته
أمضى تيودور شتورم معظم فترات حياته في هوسوم التي كانت مسرحا للأحداث في 15 رواية من رواياته الـ 58. وفي رواياته وأشعاره يأخذك شتورم في رحلة عبر الأحداث التي طبعت فترة شبابه.
في الفترة ما بين 1866 و 1880 سكن شتورم وزوجته وأبناءهما الثمانية في حي التجار بمنزل كبير وقديم يعود إلى القرن الثامن عشر. وفي عام 1881 انتقل شتورم إلى بيته الفخم في هاديمارشن حيث قضى بقية عمره إلى أن توفي في الرابع من يوليو/تموز 1888. وفي عام 1972 تم تحويل هذا البيت إلى متحف وفيه أيضا مقر جمعية تيودور شتورم الأدبية التي تأسست في عام 1948، والتي تعتبر أكبر جمعية أدبية في ألمانيا تضم 1500 عضو في عشرين دولة.
ومدينة مخلصة لشاعرها
أحب الشاعر شتورم مدينته التي وصفها في أحد الأيام كالتالي: "إنها مجرد مدينة صغيرة متواضعة، إنها مسقط رأسي، وهي تقع في منطقة ساحلية خالية من الأشجار. بيوتها قديمة وكئيبة. ومع ذلك كنت أعتبرها دائما مكانا مريحا." والمدينة التي تقع على شاطئ بحر الشمال في ولاية شليسفيج هولشتاين تعتبر اليوم لؤلؤة المدن الشمالية في ألمانيا. وفي القسم القديم منها تقف اليوم شامخة بيوت الطبقة البرجوازية التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر. أما حي الصيادين فيتميز بأزقته الخلابة ومنازله الصغيرة. وفي الميناء ترابط قوارب الصيد، وفي أكشاك البيع يمكنك أن تشتري أسماكا طازجة.
أما في المتحف البحري فبإمكانك التعرف على تاريخ صيد الحيتان، وتاريخ صناعة السفن، وحرفة الصيد التقليدية. ويعد متحف أوستنفيلده أقدم متاحف الهواء الطلق في الدول الناطقة بالألمانية.
بيد أن الذي يلفت نظر الزائر لمدينة هوسوم بشكل خاص هو الشاعر الألماني تيودود شتورم؛ فهو حاضر في كل مكان، سواء في هيئة نصب تذكاري، أو في كتبه التي تملأ المكتبات، أو في شارع أو مقهى يحمل اسمه، أو في كعكة سميت باسمه.
(م.ع/ا.م/ د.ب.ا)