جدل محتدم حول مشروع لاستعادة رونق الأهرامات
٣٠ يناير ٢٠١٩يستمر توافد السياح على منطقة الأهرامات وذلك لزيارة واحدة من عجاب الدنيا السبع. كما تشهد تلك المنطقة حاليا المزيد من الجهود لتطويرها ضمن استراتيجية "مصر 2030 " الهادفة إلى تعزيز القطاع السياحي واستعادة مكانته الريادية.
الأهرامات بالأنوار البراقة
في إطار هذه الجهود تنتظر الأهرامات تنفيذ مشروع يفضي إلى تراقص الأنوار الثلاثية الأبعاد على جدرانها متنقلة من هرم لآخر على وقع أنغام موسيقية وعروض بصرية بأبعاد ثلاثية، وبدوره يترقب المخرج الفني بير ماركوت، رئيس شركة "بريزيم الدولية" منذ سنوات، أن تأخذ عروض المشروع الذي يحمل اسم "إنارة" طريقها إلى التنفيذ في مصر وتتحول كغيرها من العروض المشابهة في دول عديدة لتأسر عقول الكثيرين، وخلال حديث مع DWعربية يؤكد ماركوت أنه عاقد العزم على تنفيذ المشروع في بلاد الفراعنة رغم كل التحديات التي تقف أمامه.
ويطمح المخرج الفني المنخرط في مجال الفنون البصرية منذ ربع قرن على تجسيد التراث الثقافي الغني لمصر مستخدما العروض البصرية الثلاثية الأبعاد بألوان ومؤثرات صوتية متنوعة وفريدة.
ردود أفعال متباينة
في إطار ردود الأفعال على المشروع شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تجاذبات سياسية حادة تناولت موضوع الاستثمار الإماراتي في مصر عامة وفي منطقة الاهرامات خاصة. يأتي ذلك بعد ورود معلومات تفيد بدخول استثمارات إماراتية في مشروع تطوير المنطقة التي اطلقت عليها وزارة قطاع الأعمال المصرية "منطقة الصوت والضوء". وعلى سبيل المثال كتب أحد المستخدمين حول ذلك على موقع تويتر: "شركة اماراتية تدفع 50 مليون دولار مقابل استغلال الاهرامات لمدة 20 عاما".
أما المواطن إيهاب المصري، المقيم في السعودية، فرأى في تغريدة له أن الأمر اشاعة وكتب: "الناس اللي مطلعة اشاعة ان الدولة حاتبيع الاهرامات موش عارف زي إي ... الموضوع عقد بين " شركة الصوت والضوء المصرية" مع شركة "بريزم اینترنشنال..."
المعلومات الأخرى المتوفرة عن طريق البحث من جهتها تفيد بأن "بريزم الدولية" ليست إماراتية بل شركة فرنسية تتخذ من دبي مقرا لإدارة أعمالها، كما تفيد المعلومات بأنها تعاقدت مع شريك مصري على تطوير منطقة "الصوت والضوء". في هذا السياق ذكر رئيس مجلس إدارة "شركة مصر للصوت والضوء"، سامح سعد خلال حديث مع DWعربية أنهم بحاجة إلى طريقة فنية لجذب أنظار الشباب والجيل الجديد، لذلك هم بحاجة الى تقنيات مثل تقنية الابعاد الثلاثية وهولوجرام وعروض الإضاءة المختلفة ذات التكلفة العالية بحدود 15 إلى 20 مليون دولار. وأضاف السيد سعد أن الموضوع ليس فقط موضوع استثمار فقط، بل أيضا حاجة إلى نهج فني يواكب تحديث نظام العروض البصرية باستخدام أعلى التقنيات.
تطوير هضبة الأهرامات
وفي ظل الاهتمام بزيارة المواقع الأثرية في منطقة الاهرامات، لا تزال الأيادي المصرية تعمل أيضا على تطوير منطقة "هضبة الأهرام" التي تشكل المدخل الرئيسي للوصول إلى الأهرامات الثلاثة بهدف توفير خدمات اضافية للسياح. وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار د. مصطفى وزيري خلال حديث هاتفي مع DWعربية أن المجلس وقع عقد مشروع لتقديم وتشغيل خدمات الزائرين بمنطقة أهرامات الجيزة مع الشركة المصرية للاستثمار القابضة/ أوراسكوم.
ووفقا لما جرى تداوله في وسائل الاعلام المحلية يشمل المشروع: أنشطة تسويقية للمنطقة وأخرى لتشغيل ساحة انتظار للحافلات خارج المنطقة الأثرية، مع قيام الشركة بتوفير وتشغيل وصيانة وسائل انتقال للزائرين داخلها، كما تقوم الشركة بتشغيل وصيانة الخدمات المقدمة بمركز الزوار الجديد.
"نزلة السمان" والأهرامات
من جانب اخر، تفاعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الاخيرة مع وسمة خاصة بمنطقة "نزلة السمان" التي تندرج ضمن المناطق المستهدفة في إطار عملية تطوير منطقة هضبة الاهرامات، الجدير ذكره أن التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا تويتر، طغى عليها الطابع السياسي أيضا. وقد اشتدت حدة التعليقات عقب محاولات تصدى أهالي "نزلة السمان" لقوات الأمن المصرية التي أزالت أربعة بيوت مخالفه لقوانين البناء والآثار وبدون تراخيص، وهي منازل خالية من السكان وتقع في حرم منطقة الأهرامات، وذلك حسب ما ذكرت تقارير صادرة عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري.
ومن بين تللك التعليقات، رد عصام الشاهر على تغريدة لخبيرة الآثار مونيكا حنا، حمّل فيه السلطات المحلية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، معتبرا أن القضية أبعد من عقارات مخالفة، فأصحاب تلك العقارات يقومون بتأجيرها كفنادق ثلاث نجوم بالدولار، على حد تعبير القائل.
وكانت خبيرة الآثار، مونيكا حنا، قد أشارت في تغريدتها، إلى أن المواطنين الذين يتضامنون مع تلك المخالفات في نزلة السمان عليهم أن يشاهدوا هذه الصور، مضيفة في الوقت نفسه أثر ذلك على مستقبل مصر وتراثها.
وطالما حركة تطوير منطقة الأهرامات تمضي قدما للنهوض في قطاع السياحة والحفاظ على التراث المصري القديم في ظل استراتيجية الجيزة 2030 خطة واعدة، إلا أن حركة السياحة تبقى مرتبطة بالاستقرار السياسي والأمني في عموم مصر. ورغم ذلك لا يزال المخرج الفني بير ماركوت مصمما على أن ينفذ مشروعه رغم كل التحديات، وسيبحث عن شريك آخر، ونرى في المسرح المفتوح تاريخ مصر العريق يشع ضوءا على جدارن الاهرمات.
الكاتب جمال سعد