حلف الناتو يحتفل بذكرى تأسيسه الـ 75 وسط تحديات غير مسبوقة
٤ أبريل ٢٠٢٤حضّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الولايات المتحدة الخميس (الرابع من أبريل/نيسان 2024) على الوقوف بجانب أوروبا تزامناً مع الذكرى الـ75 لتأسيس الحلف الذي يواجه التهديدات الروسية وشبح عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ويحتفل الحلف اليوم الخميس في مقره الرئيسي ببروكسل بالذكرى السنوية لتأسيسه بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل العسكري. وتأسس حلف شمال الأطلسي في الرابع من نيسان/إبريل عام 1949 في واشنطن رداً على سياسات التهديد التي انتهجها الاتحاد السوفييتي الشيوعي في هذا الوقت.
الحرب الأوكرانية تعيد انعاش الحلف
وأعاد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022 إنعاش الناتو فيما واجه أحد أخطر التحديات تشكيله، فيما عزز الحلف قواته في أنحاء شرق أوروبا وبات يضم 32 عضواً بعدما انضمت كل من فنلندا والسويد إلى صفوفه.
وبينما يخيّم شبح ترامب على مستقبل الحلف، تواجه بلدان الناتو التحدي الأكثر إلحاحاً المتمثل في ضمان عدم خسارة أوكرانيا معركتها للتصدي لروسيا.
وألقى أعضاء الحلف بثقلهم خلف كييف الساعية للانضمام إلى الناتو عبر إرسال أسلحة بقيمة عشرات مليارات الدولارات. لكن هذه الإمدادات تراجعت الآن في وقت ما زالت حزمة مساعدات ضرورية عالقة في إطار السجالات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة. وعلى خط الجبهة، تواجه القوات الأوكرانية التي تعاني نقصا في الذخيرة مقارنة بتلك الروسية، انتكاسات متتالية.
وقال ستولتنبرغ خلال مراسم أقيمت في مقر الحلف في بروكسل "لا أؤمن بأمريكا وحيدة، كما لا أؤمن بأوروبا وحيدة... أؤمن بأمريكا وأوروبا معاً في حلف شمال الأطلسي، لأنّنا أقوى وأكثر أمانا معاً".
ويثير أي احتمال بهزيمة أوكرانيا قلق بلدان الناتو القريبة من روسيا جغرافيا إذ تخشى من أن تصبح هدف الكرملين التالي. وقال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبرغيس "للأسف، هناك احتمال بأن معارك الناتو الأكبر ما زالت آتية في المستقبل". وتابع "إذا أتت هذه المعارك ولم نكن مستعدين، سيكون هذا أكبر خطأ لدينا على الإطلاق".
مخاوف من عودة ترامب
لكن بينما أعادت الحرب تركيز الناتو على عدوته التاريخية موسكو شرقاً، يثير تهديد آخر آت من الغرب قلق الحلفاء من القوة الأبرز التي تقود الحلف وهي الولايات المتحدة. ويتمثّل هذا التهديد بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، علماً أنه قوّض معاهدة الدفاع الجماعي للحلف عبر التصريح بأنه سيشّجع روسيا على مهاجمة أي دولة منضوية في الناتو لا تنفق ما يكفي على الدفاع.
وفي مسعى لدرء انتقادات ترامب، استعرض الناتو زيادة في إنفاق الحلفاء الأوروبيين إذ يتوقع أن يصل 20 عضواً هذا العام إلى هدف إنفاق 2 % من الناتج الداخلي الإجمالي على الدفاع.
وقال ستولتنبرغ، بعدما عزفت فرقة تابعة للجيش البلجيكي نشيد الناتو، "تحتاج أمريكا الشمالية أيضا إلى أوروبا". وأضاف "تملك الولايات المتحدة من خلال الناتو أصدقاء وحلفاء أكثر من أي قوة كبرى أخرى".
وفي مسعى لضمان الدعم طويل الأمد لكييف في مواجهة احتمال عودة ترامب، اقترح ستولتنبرغ أن ينشئ أعضاء الحلف صندوقا بقيمة 100 مليار يورو (108 مليارات دولار) لمدة خمس سنوات. كما أنه يضغط لجعل الناتو منظمة منخرطة بشكل مباشر أكثر في تنسيق عمليات تسليم الأسلحة، وهو أمر رفض الحلف القيام به حتى اللحظة خشية تسببه بجرّه نحو حرب مع روسيا.
وأعطت بلدان الناتو الضوء الأخضر للمضي قدما بالخطة الأربعاء لكن ما زالت هناك العديد من التساؤلات بشأن الطريقة التي يمكن أن يتم من خلالها التمويل وإلى أي حد سيكون الحلف مستعدا للعمل على تحديد تفاصيله قبل قمة مرتقبة في واشنطن في تموز/يوليو.
"مرساة رئيسية لأمن أوروبا"
من جانبها، وصفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك حلف (الناتو) بأنه مرساة رئيسية لأمن أوروبا. وفي الوقت نفسه دعت بيربوك شركاء الحلف اليوم الخميس في تصريحات لمحطة "دويتشلاند فونك" الألمانية الإذاعية إلى تقديم أقصى قدر من الدعم لأوكرانيا من أجل ضمان السلام على المدى الطويل.
وقالت بيربوك: "لقد اعتقدنا دائماً أنه يمكننا العيش معاً بسلام في قارتنا الأوروبية... الآن بعد أن خرق الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) كل هذا التعايش السلمي بمهاجمة أوكرانيا وبالتالي مهاجمة نظام السلام الأوروبي، فإن مسؤوليتنا القصوى هي بالطبع أن نحمي أوروبا، وأن نحمي بلدنا، وأن نحمي الناس في قارتنا بأفضل ما يمكن. ولهذا السبب فإن الناتو هو مرساة أمننا الرئيسية".
وشددت بيربوك على ضرورة أن تفعل الدول الأوروبية داخل الحلف المزيد من أجل أمنها من خلال ضمان إنفاق موثوق على الدفاع والاستثمار بشكل مشترك في صناعة الأسلحة على المدى الطويل، وقالت: "كأوروبيين يجب علينا أن نساهم بشكل أكبر في دفاعنا".
من جانبه قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، اليوم الخميس، إن أنشطة حلف شمال الأطلسي لا تعزز حاليا الأمن ولا الاستقرار في أوروبا، "بل على العكس من ذلك فهي عامل مزعزع للاستقرار"، حسبما ذكرت وكالة أنباء إنترفاكس الحكومية الروسية. وأضاف بيسكوف أن "الناتو تم تخطيطه وتشكيله وإنشائه وإدارته من قبل الولايات المتحدة كأداة للمواجهة" خاصة في أوروبا.
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو، أن بلاده ليس لديها أي نية للدخول في صراع عسكري مع حلف "الناتو" أو الدول الأعضاء فيه، متسائلا عما إذا كانت الكتلة العسكرية مستعدة لصراع مفتوح مع روسيا.
ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب)