حميد سليمان يتحدث عن "مستشفى السلام" بسوريا
٢٠ فبراير ٢٠١٧السيد سليمان لماذا تتحدث عن الحرب السورية في رواية مصورة أو غرافيك نوفيل؟
حميد سليمان: الروايات المصورة تصلُح بامتياز للكشف عن خبايا ثقافات أخرى. الأفلام أو الأفلام الوثائقية معقدة ومكلفة. وغرافيك نوفيل يشمل نصوصا مع صور ويحمل بذلك بصمة فنية ذاتية. أردت من خلال هذا الكتاب معالجة ما عايشته في الربيع العربي، دون معرفة كيف سيكون رد فعل الجمهور.
لمن أنجزتم هذا الكتاب؟
إنه ليس كتاب خاص بالأطفال. فخلال كثير من القراءات لتقديم الكتاب أقابل أناسا متقدمين في السن أو آخرين في سني. غالبيتهم تهتم بالشرق الأوسط وبالسياسة والثقافة العربية. بعضهم يريد ببساطة اكتساب معلومات عن سوريا.
من يتابع من هنا الوضع في سوريا، لا يستطيع فهم النزاع المشتعل هناك!
حتى أنا لدي إشكالية في فهم ذلك. هناك مجموعات مختلفة وعلاقات متنوعة ومناطق تأثير في المدن. هنا يسيطر مسلمون راديكاليون وهناك يمسك النظام بقبضة من حديد، ثم هناك جيش التحرير السوري أو أية ميليشيا أخرى. ليس هناك وضع يشبه الآخر. ليس هناك رؤية ثاقبة لأحد في هذا الوضع المشتبك؟ وكتابي يعكس هذه الحالة. ولذلك نجد أن الكتاب لا يحكي عن قصة شخصية معينة، بل يوضح ما يجري في سوريا.
قمت بإهداء الكتاب لصديق عزيز عليك هو حسام خياط، لماذا؟
حسام كان صديقي الحميم. درس مثلي الهندسة. وشاركنا جميعا في الثورة. ذهبنا إلى مظاهرات. ثم اضطررت إلى مغادرة سوريا في الوقت الذي ظل فيه هو هناك. وعندما أراد التوجه إلى الخارج من أجل متابعة الدراسة تم اعتقاله. وبعد أسبوع من التعذيب فارق الحياة. أنا لا أنتمي لأي حزب. الربيع العربي كان حركة شعبية لأناس مثلي ومثلك. وغالبية السوريين الذين علقوا آمالا على الربيع العربي يجدون أنفسهم اليوم بين كرسيين ـ هنا دكتاتور إرهابي وهناك إسلامويون.
في هذه الأيام يتحدث حقوقيون عن عمليات تعذيب سافرة واغتيالات داخل السجون السورية. ونظام الأسد ينفي ذلك. ما هي حقيقة الأمر؟
كل واحد منا يعرف بشاعة النظام. وكل واحد يعرف ماذا يحصل داخل السجون السورية. وبالطبع النظام ينفي كل ذلك. لكن هل تتذكر صور ضحايا التعذيب التي أخذها معه عنصر المخابرات المنشق قيصر إلى الخارج؟ وعندما نشرها عام 2013، تعرف الكثير من السوريين عن أقارب مختفين وأصدقاء كانوا يبحثون عنهم. أنا بنفسي تعرفت على صديق لي اعتقلوه قبل سنة ونصف وقاموا بتعذيبه إلى أن فارق الحياة. بلدان الغرب تنظر إلى الحرب الأهلية في سوريا برؤية "إذا كنا نقبع بين الكوليرا والطاعون، فلنتعايش مع بلاء الأسد".
ألمانيا تعتزم ترحيل لاجئين بصفة أسرع إلى أوطانهم ـ باستثناء اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب. لكن ما الذي سيحصل لو كنت مجبرا الآن على المغادرة إلى سوريا؟
لا أحد يمكن له العودة إلى هناك. في أحسن الأحوال تنتظرني الخدمة العسكرية، وستموت في الجبهة. ولكن الأكثر احتمالا هو أنني سأختفي في السجن لفترة طويلة. في الوقت نفسه تبقى أوطان عربية كثيرة منغلقة علي. لا يمكن لي الذهاب إلى الأردن أو لبنان ولا إلى تركيا ولا مصر. لن يعطوني تأشيرة. لا يمكن لي العيش والعمل هناك. لا أحد يرغب فينا، نحن اللاجئين السوريين. ولكننا بشر. أنا لا أقول بأننا عظماء. هناك ناس جيدون وآخرون سيئون ـ في كل أنحاء العالم.
أنت سميت كتابك "مستشفى السلام" ـ لماذا؟
البطل الحقيقي لقصتي هو المستشفى. فهو لم يحصل على اسم مستشفى الأسد أو مستشفى البعث على غرار الكثير من المؤسسات في سوريا. إنه يسمى مستشفى الحرية. هنا يلتقي مختلف الناس فيما بينهم، وهم يعيشون ويعملون مع بعضهم البعض. وهذا يمنح الأمل.
+ حميد سليمان من مواليد 1986 بدمشق، درس الهندسة ويعمل كرسام ومصور. هرب من سوريا عام 2011 ويعيش منذ ذلك الحين في باريس.
أجرى المقابلة: شتيفان ديغه