"تقسيم سوريا لمناطق نفوذ أقرب للنموذج اليوغسلافي بعد التفكك"
٤ مايو ٢٠١٧DW عربية: فكرة المناطق الآمنة في سوريا ليست جديدة، ولعل أبرز أمثلتها في التاريخ نموذج ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية. أليس كذالك؟
خطار أبو دياب: نعم أرى تشابها بين الوضع السوري ووضع ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية بل وحتى وضع الاتحاد اليوغسلافي بعد التفكك. هذه حالات متشابهة، بمعنى أن سقوط الدولة المركزية في سوريا كما حصل في ألمانيا بعد لحرب العالمية الثانية أدى إلى تقاسم الآخرين لمناطق نفوذ، هناك روسيا، تركيا وإيران، ولكن هناك أيضا الولايات المتحدة الأمريكية، هناك الأردن، ربما إسرائيل، ربما العربية السعودية. هناك إذا قوى تتأهب لمحاولة تقسيم الجبنة السورية. وفي الوقت نفسه أرى ذلك شبيها أيضا بما جرى عند تفكك الاتحاد اليوغوسلافي. وفي ألمانيا حصل تقسيم مفروض دوليا لدولتين. لكن في الحالة السورية، ربما يكون أقرب لتفكك الاتحاد اليوغسلافي السابق.
هناك في كل ما يسمى مناطق آمنة حول العالم حالات تعني فصل قوات أو خطوط تماس أو محاولة مناطق بعيدة عن العنف بالنسبة للمدنيين. بالفعل من يرى للوهلة الأولى المناطق الآمنة المطروحة الآن من قبل الثلاثي الروسي التركي الإيراني في سوريا، يظن أنها خطوط تماس بين القوات المقاتلة لكنها أيضا خطوط لمناطق نفوذ ربما توزع بين الشمال والجنوب والوسط وتكون نوعا من ترتيب للنظام بشأن تحصين وضعه وترك العناصر الأخرى في مناطق لا يتم فيها خوض القتال فقط ضد ما يسمى بتنظيمي النصرة وداعش.
الأخطر أن تجربة المناطق الآمنة جرت أيضا في سيربرينتشا في البوسنة وكانت كارثية حينما لم تتمكن الأمم المتحدة من تأمين المدنيين وحصلت مجزرة كبرى وحوكم جنود هولنديين تبعا لذلك. هذه المرة الحكم هو روسيا وهي تشارك إيران في القتال، فيما تدعم تركيا مجموعات معينة، وبالتالي هناك تساؤل من يضمن من في سوريا؟
ما الفرق بين مناطق "تخفيف التصعيد" و"المناطق الآمنة" في التصور الروسي؟
هذه بدعة من البدع الروسية الجديدة في العلاقات الدولية أو في محاولة وقف الحروب. روسيا ليس لديها تجربة لصنع السلام، فهي تُركت إبان إدارة أوباما من أن تبسط سيطرتها في سوريا ونجحت في معركة حلب. ومنذ ذلك الحين نلاحظ محاولتها الأخذ بزمام المبادرة على المستوى الدبلوماسي. غير أنها إذا كانت قادرة على تحقيق نجاحات عسكرية، فهي غير قادرة على ذلك سياسيا.
في هذه البدعة الجديدة "مناطق تخفيض التوتر" وهي في الحقيقة مناطق غير معنية برفع الحصار. وما كان يسمى بالمصالحات كان تمهيدا للتهجير والفرز الطائفي. ومن هنا هذا الأسلوب الجديد في تخفيض التصعيد يدل أيضا على الفشل، فمنذ نهاية العام الماضي والعالم ينتظر وقفا فعليا لوقف إطلاق النار. إنها بدعة فيها رائحة مناطق نفوذ وتقاسم، وهدفها قبل كل شيء قطع الطريق على الجانب الأمريكي المعطل أصلا في شمال سوريا نظرا للتناقض الكبير بينه وبين التركي حيال تسوية مناطق النفوذ وجول الدور الكردي حيال هذه المنطقة بالذات.
بمعنى آخر أنت لا ترى أي فرصة عملية لنجاح المبادرة الروسية؟
أرى أن لا يمكن النجاح لأي مبادرة حتى ولو كانت أمريكية، إلا بغطاء من الأمم المتحدة وتحت الفصل السابع بفرض مناطق آمنة بشرط أن تكون مؤقتة وألا تكون مناطق للتقسيم بهدف إعادة المهجرين، بحكم أن 15 مليون سوري تركوا بيوتهم وأرضهم. هؤلاء يجب أن يعودوا وبشكل تدريجي. ومن دون هذه النظرة الشمولية لا يمكن أن تكون هذه المسألة جدية. كل طرف يحاول جر البساط إليه لكن ليس هناك حد أدنى من الاتفاق الجدي لمحاولة الوصول لخلاص الشعب السوري.
* الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس والخبير في شؤون الشرق الأوسط.
أجرى الحوار: حسن زنيند