خطة اقتصادية جزائرية طموحة وسط دعوات لمحاربة الفساد
٢٧ مايو ٢٠١٠في إطار الجهود التي تبذلها من أجل تنويع اقتصادها والتقليل من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل القومي، أقرت الحكومة الجزائرية مطلع الأسبوع الجاري خطة استثمارية جديدة مدتها خمس سنوات تقدر تكلفتها بـ 286 مليار دولار. علما أن الجزائر، الدولة العضو في منظمة أوبيك، تعتمد على قطاع المحروقات كمصدر لحوالي 97 في المائة من عائداتها المالية الخارجية.
وفي بيان لها أوضحت الحكومة الجزائرية أن هذه الخطة التي أطلق عليها اسم "برنامج التنمية الشاملة" للفترة 2010- 2014 تنقسم إلي قسمين رئيسيين. يتعلق القسم الأول منها بمواصلة المشاريع الكبرى الجاري إنجازها، لاسيما في قطاعات السكة الحديدية والطرق والمياه بتكلفة تصل إلى 130 مليار دولار، فيما يشمل القسم الثاني إطلاق مشاريع جديدة تصل تكلفتها إلى 156 مليار دولار.
إلا أن بعض المراقبين الاقتصاديين والسياسيين عبروا عن تخوفاتهم من إمكانية فشل هذه المشاريع أو تأخرها في ظل نقص الرقابة، مستشهدين بتجارب سابقة كشفت عن عدد من ملفات الفساد التي طالت أهم المشاريع الاقتصادية في البلاد على غرار الطريق السريع الذي يربط بين شرق الجزائر وغربها بطول يزيد عن 1200 لكم.
نجاح المشاريع مرهون بمحاربة الفساد
وفي هذا السياق قال رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، أحمد بن بيتور، في حديث لدويتشه فيله "إن المشاريع الاستثمارية بصفة عامة جيدة، لكن يبقى التحدي الأكبر هو محاربة الفساد"، مضيفا أن "حجم الاستثمارات المعلن في الخمس سنوات القادمة هو ضعف حجم الاستمارات الحالية وهو ما يتطلب إمكانيات انجاز كبيرة بالإضافة إلى الرقابة على عملية و نوعية الانجاز".
من جانبه حذر المحلل الاقتصادي والخبير لدى البنك الدولي، محمد حاميداش، في حوار مع دويتشه فيله من فشل هذه المشاريع إذا لم تتوفر الشروط التي تضمن تنفيذها ومراقبتها واستمرارها في المستقبل. وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عقب الإعلان عن هذه الخطة الاستثمارية الجديدة بمطالبة كل الوزراء بتقديم تقارير دورية عن مراحل الانجاز.
دعوات للتركيز على المشاريع الإنتاجية
وتشمل المشروعات الجديدة المقررة خلال الفترة من 2010 إلى 2014 مليوني وحدة سكنية وأعمال بنية أساسية للأشغال العامة والنقل والصحة والتعليم والرياضة وحوافز مالية لقطاع الزراعة. لكن بعض المراقبين يروا أن الأموال الكبيرة المخصصة لهذه المشاريع قد لا تعود بفائدة كبيرة على الاقتصاد الجزائري في حال انتهاج نفس الخطط التنفيذية المعتمدة في السابق. ويشيرون إلى الأموال الكبيرة التي تم ضخها سابقا في شرايين الاقتصاد الجزائري و التي وصلت إلى أكثر من 300 مليار دولار، إذ لم تحرك عجلة الاقتصاد بالشكل المرجو لحد الآن، كما أنها لم تساعد في نظرهم في محاربة البطالة والفقر في البلاد، بالرغم من الأموال الكبيرة التي.
ويرجع رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق احمد بن بيتور سبب ذلك إلى عدم الاستفادة من البحبوحة المالية التي تعيشها الجزائر جراء ارتفاع أسعار النفط في خلق المشاريع الإنتاجية التي تؤمن بدورها وظائف دائمة و تساهم في تنويع الاقتصاد الجزائري. من جانبه يقر الأستاذ في جامعة الجزائر، مصطفى سايج، بأن المشاريع التنموية التي أقيمت خلال السنوات العشر الأخيرة ركزت على توسيع البنية التحتية على حساب خلق المشاريع الإنتاجية كالمصانع، لكنه يضيف أن "انطلاق الاقتصاد الإنتاجي لا يمكن أن يتحقق في غياب هذه البنى التي عرفت تأخرا ملحوظا في فترة المأساة الوطنية" في إشارة منه إلى سنوات عدم الاستقرار الأمني بسبب موجة الإرهاب التي ضربت البلاد في تسعينيات القرن الماضي والتي كلفت خسائر قدرت بنحو 30 مليار دولار.
التنمية البشرية لمحاربة التطرف
لكن ما يلاحظه المراقبون من خلال الخطة الاستثمارية الجديدة التي أقرتها الحكومة الجزائرية مطلع هذا الأسبوع، أنها تركز على التمنية البشرية إلى جانب خلق أكثر من 200 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة. ويشير الأستاذ الجامعي مصطفى سايج في هذا السياق إلى البيان الحكومي الذي أكد أن 40 بالمائة من موارد هذا البرنامج، أي أكثر من 150 مليار دولار أمريكي، ستخصص للاستثمار في التنمية البشرية من خلال إنشاء 5 آلاف مدرسة ومراكز جامعية وأكثر من 1500 منشأة صحية منها 172 مستشفى و45 مركبا صحيا متخصصا و377 عيادة متعددة. و يضيف أن هذه المشاريع من شأنها تنمية القدرات البشرية والاقتصادية ومن ثم تحسين المستوى المعيشي للجزائريين. ويربط سايج تركيز الحكومة الجزائرية من خلال هذا المشروع الضخم على التنمية البشرية بمحاولات الأخيرة "خلق الأمن الاجتماعي في الداخل الذي يساهم في القضاء على العنف والتطرف والإرهاب الذي يتغذى بشكل كبير من ظاهرة الفقر والجهل" .
الكاتب : يوسف بوفيجلين
مراجعة: طارق أنكاي