خيوط جديدة في مؤامرة تفجيرات القطارات الألمانية
٢١ أغسطس ٢٠٠٦تمكنت الشرطة الألمانية من اعتقال شاب لبناني يبلغ من العمر 21 عاما للاشتباه به بأنه زرع قنبلة بدائية الصنع في قطار ألماني الشهر الماضي. ويدعى هذا الشاب يوسف محمد وهو يعيش في ألمانيا منذ عام 2004، حيث يدرس الكهروميكانيكية في مدينة كيل شمال ألمانيا. وحسب مصادر الشرطة الألمانية، فإن المشتبه به اعتقل في الساعات الأولى من الصباح في محطة للقطارات في مدين كيل، بعد محاولة منه للهرب من هذه المدينة. وأغلقت الشرطة محطة القطارات في هذه المدينة لمدة أربع ساعات، حيث كان يخشى أنه يحمل قنبلة على صدره. كما تم تفتيش غرفته في سكن الطلبة وتمت مصادرة مواد ومنشورات ولكنه لم يعثر على مواد متفجرة، كما أوضح الادعاء الألماني العام. كذلك قامت الشرطة باستجواب زملائه في السكن، حيث قال بعضهم بأن هذا الشاب كان طيب المعشر وكان يميل إلى التدين.
وقد أعلنت السلطات الأمنية الألمانية أن فحوصات الحمض النووي دلت على أن بصمات أصابع المشتبه به تطابق تلك الآثار التي أخذت من واحدة من حقيبتين تحتويان على قنبلتين بدائيتين تركتا في قطارين مختلفين في مدينتي دورتموند وكوبلنز، عثر عليهما يوم 31 من يولي/ تموز. وتقول الشرطة إن هاتين القنبلتين أعدتا للانفجار قبل عشر دقائق من وصول القطارين الى المدينتين، إلا أن خللا فنيا منع حدوث هذه الكارثة. وحسب مصادر الشرطة "فإن القنبلتين لم تنفجرا ولكن لو انفجرتا لقتلتا أعدادا كبيرة من الناس."
قنابل من غاز البروبين
وعن تفاصيل هذه العملية، أفاد الادعاء الألماني العام بأن المشتبه بهم كانوا ينوون تنفيذ هجومهم بواسطة قنبلتين مصنوعتين من عبوات لغاز البروبين وزجاجات بنزين وجهازي تفجير بدائيين. كما عثر أيضا داخل الحقيبة على مواد مكتوب عليها باللغة العربية وقائمة مشتريات بالعربية تضم زيتونا وخبزا ولبن زبادي لبنانيا. وفي السياق ذاته، مازالت الشرطة الألمانية تبحث عن رجل أخر يعتقد بأنه الشريك الثاني للمشتبه به الأول. وعن ذلك قال زيركة، رئيس المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة في مؤتمر صحفي في كيل:"مازال المشتبه به الثاني هاربا وبالتالي فان الخطر لا يزال قائما."
وقد تمكنت الشرطة من تشخيص المشتبه بهما من خلال كاميرات المراقبة أثناء صعودهما الى القطارين ومعهما الحقائب في كولونيا. ونفذت الشرطة حملة بحث واسعة ودعت الجمهور إلى التعاون معها، حيث وضعت صور لهما على الانترنت. وتذكر مثل هذه الأعمال بالهجمات الإرهابية في لندن، وإن كان هناك اختلاف جوهري عن الهجمات في مدريد ولندن كون العبوتين الناسفتين لم توضعا في قطارات مزدحمة في ذروة وقت السفر، كما أوضح زيركه. هذا وقد وجهت إلى الشاب اللبناني تهمة الشروع بالقتل الجماعي بواسطة مواد متفجرة والانتماء إلى تنظيم إرهابي.
خلفية إسلامية؟
في هذا السياق، قالت ممثلة الادعاء هارمس بأن الجوانب اللوجستية للمؤامرة تشير إلى أن المشتبه به جزء من تنظيم إرهابي أوسع. ولكن لا يوجد دلائل قاطعة تشير إلى خلفية إسلامية لهذه المخطط، كما قال مدير المخابرات. وقد أشار هؤلاء المسؤولون بأن التحقيقات جارية لمعرفة الدوافع الحقيقية لهذه المؤامرة ومن يقف وراءها، لاسيما وأن البحث جار عن شخص ثان مشتبه به في الضلوع بهذا العمل. وفي هذا الإطار، قال زيركه خلال مؤتمر صحفي:"الأكثر احتمالا أنه كانت هناك خلفية إرهابية." وفي الوقت ذاته، فقد أشارت بعض الأنباء إلى أن شقيق المعتقل اللبناني قد قتل في الحرب الأخيرة على لبنان، الأمر الذي قد يؤدي إلى ربط ذلك بما يجري في الشرق الأوسط.
ومن ناحية أخرى، فقد عبرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن ارتياحها من اعتقال المشتبه به بهذه السرعة والنجاح ووصفت ذلك بأنه "نصر كبير في الحرب على الإرهاب". وقالت أيضا بأن الإرهاب: "يشكل التحدي الأكبر للعالم في القرن الحادي والعشرين، فنحن نتعامل مع أناس لا يخشون الموت." كما امتدح العديد من أقطاب الأحزاب الألمانية سرعة إلقاء القبض على الشاب اللبناني ووصف ذلك بالعمل المتميز والاستثنائي. وقد قال وزير الداخلية شوبيلة بأن " الشرطة أدت عملا رائعا وبسرعة فائقة."
"ارهاب محلي النشأة "
تحدث بعض الخبراء عن احتمالات تعرض ألمانيا لعمليات إرهابية وعن البنى التحتية للإرهابيين في ألمانيا وخاصة تلك المسمى بالخلايا ذات النشأة المحلية " "home-ground. وفي مقابلة مع DW-World، أوضح خبير الإرهاب الألماني برندت جورج ثام بأن الخلايا الإرهابية في ألمانيا تتنوع ما بين الخلايا الجهادية الكلاسيكية وخلايا ذات جذورمحلية من الشباب الذين لا يظهر عليهم علامات التطرف الديني ويمتازون بالقدرة على الاندماج في المجتمع . ويرجح هذه الخبير بأن يكون الشاب اللبناني المتهم بالتورط في مؤامرة التفجير ينتمي إلى هذه النوع من الخلايا. وقد أشار الخبير إلى أن ألمانيا ليست بمأمن من التهديدات الكبيرة، كتلك التي تعرضت لها كل من لندن ومدريد علي سبيل المثال. وقد أوضح السيد ثام بأن الإرهابيين ليسوا بحاجة إلى سبب لتنفيذ أعمالهم الإرهابية في ألمانيا، فهم يختارون الوقت والمكان الذين يخدمان أهدافهما. وشدد على أهمية مراجعة السياسات الأمنية في ألمانيا للتصدي لمثل هذه الأعمال، مذكرا ببعض مظاهر نجاح عناصر الأمن الألمانية في إحباط بعض هذه الأعمال في برلين وهامبورج.