دافا - "حزب مؤيد لأردوغان" يدخل عالم السياسة الألمانية
١٠ فبراير ٢٠٢٤يثير تأسيس الحزب الجديد دافا/ DAVA وهو اختصار لـ"التحالف الديمقراطي من أجل التنوع والتنمية"، جدلا ساخنا في ألمانيا. فالحزب قريب جدا من أنقرة، بل هناك اتهامات بأنه امتداد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويريد الحزب الترشح للانتخابات الأوروبية في التاسع من يونيو/حزيران. أربعة أسماء من المرشحين معروفة بالفعل. وجميعهم جذبوا الانتباه في الماضي بسبب ارتباطهم بأنقرة.
أولهم والمرشح الأبرز للانتخابات فاتح زينغال: عمل المحامي لفترة طويلة كمتحدث باسم اتحاد الديمقراطيين الدوليين (UID) - وبحسب السلطات الألمانية، فهذا الاتحاد هو جماعة ضغط في ألمانيا تابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم التركي، تأسست في كولونيا عام 2004. وتولى زينغال تنظيم الحملات الانتخابية للرئيس التركي أردوغان وغيره من المسؤولين في ألمانيا وأوروبا.
يونجا كايا أوغلو، الرئيسة السابقة لشبيبة "اتحاد الديمقراطيين" في ولاية بادن فورتمبيرغ، ترشحت أيضا لصالح حزب دافا. وفي يونيو/حزيران، تريد المهندسة الشابة دخول البرلمان الأوروبي عن الحزب. وهي تروج لهذا الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي وتجمع التوقيعات من أجل قبولها في الانتخابات الأوروبية. فمن الشروط الشكلية للترشح، الحصول على التوقيعات اللازمة البالغ عددها 4000 توقيع.
والمرشحان الآخران هما مصطفى يولداش وعلي إحسان أونلو، وكلاهما مسؤولان معروفان من الجالية التركية المسلمة في شمال ألمانيا. حيث كان يولداش منخرطًا لسنوات مع الجماعة الإسلامية ملي غوروش. أما أونلو فكان مع الاتحاد التركي الإسلامي "ديتيب". وتحتفظ المنظمتان بعلاقات وثيقة مع أنقرة.
وتعد ديتيب أكبر منظمة إسلامية جامعة في ألمانيا، حيث ينتمي لها أكثر من 950 مسجدا، ويتم تأهيل أئمتها من قبل المؤسسة الدينية في أنقرة قبل إرسالهم إلى ألمانيا.
امتداد لأردوغان؟
يتولى رئاسة الحزب تافيك أوزجان، الذي يكتب منذ فترة للموقع الإلكتروني باللغة الألمانية التابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الحكومية TRT، والتي حولها حزب العدالة والتنمية إلى آلة دعاية على مدى السنوات العشرين الماضية. ويتهم النقاد أوزجان بتقديم تقارير ومقالات أحادية الجانب حول المشاكل في ألمانيا مثل العنصرية وكراهية الإسلام والتضخم المرتفع - لكنه لا يقول كلمة واحدة عن المشاكل في تركيا مثل التضخم القياسي المستمر هناك.
وكثيرا ما كان أوزجان قاسيا على السياسيين الألمان. فمرة انتقد وزير الزراعة الألماني جيم أوزدمير بسبب تصريح أدلى به عن أردوغان، وفي مرة أخرى قام بتشويه سمعة النائبة في البوندستاغ عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، سراب غولر، بسبب تنورة يُزعم أنها كانت قصيرة جدا، خلال مشاركتها في المؤتمر الإسلامي. وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة مع أنقرة، يرفض حزب دافا رسميا أن يكون حزبا لأردوغان.
وعندما سألته DW بهذا الخصوص ، قال زينغال، المرشح الأول للحزب، إن العمل التطوعي الممتد لعشرات السنين الذي قام بها المرشحان يولداش وأونلو في ديتيب وميلي غوروش ليس مؤشرا على ذلك. "ورغم حقيقة أن أكثر من 65 بالمائة من الأتراك في ألمانيا، بما في ذلك زعيم حزبنا السيد أوزجان وأنا، يجدون هذا الرئيس (أردوغان) وسياساته أفضل من العديد من الرؤساء ورؤساء الحكومات السابقين. فنحن لسنا الذراع الطويلة لأردوغان". يكرر زينغال.
محاولة جديدة للتأثير في ألمانيا
غير أن البروفيسور كمال بوزاي، من مركز أبحاث التطرف والوقاية منه في جامعة كولونيا الدولية، الأمر بشكل مختلف. "فالجماعات والحركات التابعة لحزب العدالة والتنمية ولأردوغان تحاول منذ فترة طويلة إنشاء هياكل ضغط خاصة بها في ألمانيا من أجل التأثير على المشهد السياسي فيها". وما تأسيس حزب دافا، سوى محاولة أخرى لتحقيق ذلك.
أما النماذج السابقة، مثل حزب "التحالف من أجل الابتكار والعدالة" (BIG)، أو حزب " تحالف الديمقراطيين الألمان"، فلم تنجح في تحقيق الأهداف المنشودة. وفي الانتخابات الاتحادية لعام 2017، حشدت المجموعات القريبة من أنقرة للتصويت لصالح "تحالف الديمقراطيين الألمان"، ولكنه حصل على 41251 صوتا فقط. وفي الانتخابات الأوروبية عام 2019، جربوا حظهم مع "التحالف من أجل الابتكار والعدالة"، المقرب أيضا من حزب العدالة والتنمية التركي. ولكنه حصل على 68647 صوتا فقط.
وفي عام 2021، خاضوا الانتخابات مع حزب "فريق تودينهوفر". ومن خلال إعلانات اللاعب الدولي الألماني السابق مسعود أوزيل، حصلوا على ما لا يقل عن 220.235 صوتا.
ولهذا السبب فإن هذه الجماعات تواصل البحث عن طرق بديلة للحصول على موطئ قدم في السياسة، كما يقول الباحث بوزاي في حديثه لـDW، ويضيف: "المتحدثون الرسميون الحاليون لحزب دافا هم شخصيات معروفة وتنشط أيضا في الشبكات وهياكل الضغط التابعة لحزب العدالة والتنمية. لذلك يمكن الافتراض أن دافا، باعتباره الذراع الممتدة لأردوغان، يريد اكتساب النفوذ في ألمانيا".
جذب الأشخاص من خارج الأوساط التركية
ووفقا لكانر أفير، الباحث في العلوم السياسية في مركز الدراسات التركية والاندماج، هناك حوالي 800 ألف ناخب من أصل تركي في ألمانيا، شارك حوالي 50 بالمئة منهم في الانتخابات الاتحادية الأخيرة، وصوت معظمهم لأحزاب يسار الوسط. وهو لا يرى أن لدى حزب دافا فرصة كبيرة لاجتذابهم.
مؤسسو حزب دافا يبدون واثقين من فرصهم، ويقول زينغال، المرشح الرئيسي لانتخابات البرلمان الأوروبي: "للحصول على أول مقعد في البرلمان الأوروبي، نحتاج إلى حوالي 250 ألف صوت، وتشير جميع توقعات الخبراء إلى أننا نستطيع الحصول عليها". وتعتمد إمكانية الفوز بمزيد من المقاعد على قدرة حزب دافا في إقناع الناخبين خارج الأوساط التركية. "الاهتمام الإعلامي الضخم خلال الأيام القليلة الماضية يصب في صالحنا. فلقد بتنا الآن معروفون في جميع أنحاء ألمانيا. ولم يكن من الممكن أن نحقق ذلك حتى مع ميزانية ترويج كبيرة".
إذا تمكن حزب دافا بالفعل من جذب مجموعات أخرى من الناخبين خارج الجمهور التركي، مثل المسلمين الذين يحملون جواز سفر ألماني، فمن المؤكد أن لديه القدرة على الفوز بمقعد في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، وفقا لتقديرات خبير الشؤون التركية أفير. ولكنه يشكك في أن هذا سينجح. ويعتقد أن "العديد من الأشخاص المهتمين بالسياسة من أصل تركي يشاركون أصلا، بشكل نشط أو سلبي، في الأحزاب الألمانية القائمة، ولن يتحولوا إلى حزب دافا".
أهداف دافا طويلة المدى
ولا يقتصر طموح دافا على الانتخابات الأوروبية فحسب. بل يضع الحزب أيضا خططا طويلة المدى. وعلى ضوء ذلك يعتزم إنشاء اتحادات على مستوى الولايات والمناطق قريبا حتى يتمكن من المنافسة بجميع الانتخابات في المستقبل. ويعتقد الباحث في شؤون التطرف بوزاي أن صعود الأحزاب القومية الدينية العرقية مثل حزب دافا ممكن أيضا "بسبب المناخ العنصري الحالي في ألمانيا".
ويرى بوزاي أيضا خطر أن يؤدي برنامج دافا إلى تعزيز الاتجاهات المتطرفة أو إثارة التوترات بين المجموعات السكانية المختلفة، بما في ذلك المجموعات ذات الأصل التركي. وعلى مستوى البلديات بشكل خاص، يمكن أن يحاول دافا التأثير على القرارات السياسية والمجتمعات المحلية وبالتالي التأثير على التعايش. ويحذر بوزاي بهذا الخصوص مضيفا: "وخاصة في المدن التي عدد سكانها من أصل تركي مرتفع جدا".
أعده للعربية: ف.ي