دهان من ألمانيا لمكافحة مرض المهق في إفريقيا
٢٧ أغسطس ٢٠١٢تعرف صيدلية مارتين فيبرمان في بولهايمالقريبة من كولونيا رواجا كبيرا حتى قبيل وقت الإغلاق. وبينما كان البائع يستعد لتسليم آخر علبة دواء ضد أوجاع الرأس لأحد الزبائن، دخل السيد هربيرت كيرشيش إلى الصيدلية. إنه لا يريد شراء دواء ما بل الحديث مع الصيدلي فيبرمان حول مشروع مشترك لهما. السيد كيرشيه يعمل كطبيب للأمراض الجلدية و يتعاون مع عدد من الجهات بهدف مساعدة المصابين بمرض المَهَق في ألمانيا. وتتم الإصابة بهذا المرض الوراثي بسبب حدوث خلل في عملية التمثيل الغذائي بالجسم يمنعالجلد من صنع ما يكفي من مادة الميلانين المعروفة باسم الصباغ أو لون البشرة. وبذلك يميل لون بشرة المصاب الى الأبيض الناصع ويصبح الجلد شديد الحساسية. وعند تعرضه لأشعة الشمس، فلا تتحول البشرة الى السواد بل الى الإحمرار المفرط، حيث قد يؤدي ذلك الى أمراض سرطان الجلد. وقد تم تسجيل مثل هذه الحالات المرضية في مختلف مناطق العالم.
دهان لحماية بشرة المصابين في افريقيا
عندما سمع كيرشيه بوجود مرض المَهَق في أفريقيا أيضا، اتضح له أن خطورة هذا المرض هناك أكبر بكثير بسبب الأشعة الشمسية القوية هناك. وقام كيرشيه بربط الاتصال بالمعنيين بالأمر في كينيا واكتشف أن ثمن قارورة الدهان الواقي من أشعة الشمس تبلغ هناك 15 دولار أمريكي. ويتذكر كيرشه قائلا: " لما علمنا ذلك فكرنا في كيفية تحضير دهان للمصابين لمواجهة أشعة الشمس القوية و يكون في متناول الناس في إفريقيا". وكان على الصيدلي فيبرمان البحث عن أجوبة لتساؤلات بهذا الشأن مثلا: ما هي العوامل الضوئية الخاصة بأفريقيا عند الحديث عن حماية الجلد ؟ وماهي الوصفات التي يمكن تحضيرها؟ وكيف يمكن الاستفادة منها ؟
داخل الصيدلية بدأ مارتين في مختبره الصغير خلف رفوف الأدوية تجاربه المختلفة وسريعا ما وجد حلاَ لبعض الإشكاليات. وتناول الصيدلي قارورة مليئة بالكيماويات من على أحد الرفوف وبدأ في مزج مواد مختلفة. ويعترف فيبرمان قائلا " إنها طبعا عملية خشنة ولا تشبه مسار عمل شركات صناعة مواد التجميل". ويضيف فيبرمان " هذا أفضل من لاشيء. وعلى أي حال فنحن نصل الآن إلى الدرجة القصوى في مستوى الوقاية من أشعة الشمس أي بمقياس 20".
تجارب ناجحة في كينيا
يصل ثمن الكيلوغرام الواحد من أكسيد الزنك المستخدم إلى 10 يورو ويمكن مزجه مع زيوت التغذية وبدهان عادي للجسم. ويكفي هذا القدر لتحضير عشرين لتر من الدهان المواجه للأشعة الشمسية. وقام فيبرمان وكيرشيه بإرسال علبة من أكسيد الزنك هذا إلى يوديت مولويو وهي مساعدة اجتماعية، تسكن في كينيا ومصابة بمرض المَهَق. مولويو تسعى إلى توعية المواطنين بهذا المرض الذي يعاني منه عدد من المصابين في إفريقيا بسبب عدد من الأحكام المسبقة وموقف المجتمع الرافض للمصابين حتى من طرف عائلاتهم في بعض الأحيان. كما إنهم يصبحون ضحيا قتل حيث تستخدم أجزاء من أجسادهم في أعمال الشعوذة الشعبية بغية الحصول على قدرات خارقة.
وتقول المساعدة الإجتماعية مولويو، التي جربت الدهان المُحضر من ألمانيا، إن المشروع الذي يقوم به الألمان يساعد المصابين وأوضحت "أن الجلد أصبح ناعماً كما أصبح شكله جيدا، وهو ما يؤكده أغلب الذين جربوا هذا الدهان" كما تؤكد المتحدثة. وتستخلص مولويو قائلة: " يجب الآن فقط اقناع المزيد من الناس، حتى يصبح بيع هذا الدهان في الأسواق مثلا أمرا ممكنا".
الخطوة المقبلة تتجلى في خفض التكلفة
حاليا، يبلغ سعر الدهان الذي تستعمله مولويو ما بين ست و سبع دولار أمريكي للعلبة الواحدة، وهو مبلغ عال بالنسبة لأغلب المصابين بمرض المَهَق، خصوصا وأن مضمون العلبة الواحدة لا يكفي لأكثر من أسابيع قليلةً. ويقول هربيرت كيرشيه إن " خفض أسعار الدهان رهن بالحصول على أكسيد الزنك في عين المكان". وهو يعلم أيضا أن هذا المشكل لا يمكن حله في هذه صيدلية الألمانية.
كريش أدريان/عبد الرحمان عمار
مراجعة: ع ع