رحلة في دساتير مصر منذ أول دستور عام 1879
١٨ ديسمبر ٢٠١٣قبيل توجه المصريين للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد منتصف الشهر القادم يستعرض كاتب مصري مسيرة الدساتير في بلاده. وينفي ماهر حسن في كتابه "حكاية الدساتير المصرية في مائتي عام" أن يكون أول دستور قد كُتب عام 1923، كما هو شائع ويسجل أن "أول صيغة دستورية سليمة ومتكاملة وواضحة ومتقدمة" يمثلها دستور عام 1879.
ويقول ماهر حسن في كتابه إن محمد شريف باشا الذي وضع دستور 1879 "استحق لقبه التاريخي أبو الدستور المصري" بعد مرور البلاد بعدة تجارب منها تجربة وليدة خلال الحملة الفرنسية (1798-1801) وفترة حكم محمد علي في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ويضيف المؤلف أن رائد التربية والتعليم والترجمة في مصر رفاعة الطهطاوي "الرائد الدستوري" ترجم في عصر محمد علي نص الدستور الفرنسي في كتابه "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" ودعمه بالشروح والتحليلات والتعليقات.
ويسجل أن "أول نواة نيابية في تاريخ مصر وهو مجلس المشورة" تأسس في الثاني من سبتمبر/ أيلول 1829، وكان بالتعيين وعدد أعضائه 156. أسس الخديوي إسماعيل الذي حكم بين عامي 1863 و1879، مجلس شورى النواب، وكان سلطة استشارية عام 1866 وكان شريف باشا في ذلك الوقت وزيراً للداخلية.
ويقول حسن إن شريف باشا حين تولى رئاسة الوزراء عام 1879 أقام "النظام الدستوري في مصر" حيث أنشئ مجلس النواب على غرار المجالس النيابية الحديثة، ليصبح "بحق مؤسس النظام الدستوري في مصر... وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقته"، وكان دستور 1879 يتكون من 49 مادة.
والكتاب الذي يقع في 559 صفحة متوسطة القطع، أصدرته الهيئة العامة لقصور الثقافة في القاهرة ضمن سلسلة "حكاية مصر".
إشكالية مادة الدين
وتثير مادة الدين في الدستور جدلاً واسعاً منذ الاحتجاجات الحاشدة، التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل نحو ثلاث سنوات. ويسجل الكتاب أن المادة 30 من دستور 1879 تنص على أن "اللغة الرسمية التي يلزم استعمالها في المجلس هي اللغة العربية"، ولم يشر ذلك الدستور إلى دين الدولة. ثم جاء دستور عام 1882 ونصت المادة 17 منه على أن "اللغة الرسمية التي تستعمل في المجلس هي اللغة العربية".
أما دستور 1923 الذي يتكون من 170 مادة فجاءت مادة الدين في نهايته إذ تقول المادة 149 "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية" وهي مادة خلا منها دستور 1930 حيث أورد الكتاب نصوص مواد هذه الدساتير. ولكن دستوري 1954 و1956 أعادا نص مادة الدين التي كانت في دستور 1923 وتقول "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية".
وفي دستور 1971 نصت المادة الثانية على أن "الإسلام دين الدولة. واللغة العربية لغتها الرسمية. ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".
إشاعة الثقافة الدستورية
ويقول حسن في كتابه إنه يهدف باستعراض ملامح الدساتير إلى إشاعة المعرفة والثقافة الدستورية ففي غيابها لا يكون الشعب مؤهلاً لإبداء الرأي في التصويت على مشروع الدستور أو تعديلات مواده وخصوصاً في "مرحلة تحول سياسي... (منذ) ثورة 25 يناير 2011".
ويرى أن دستور 1923 ودستور 1954 "أكثر صيغ الدستور المصري تطوراً" حيث شارك في كتابتهما لجان شملت "مشاركة عادلة لسائر فصائل وأطياف المشهد السياسي والاجتماعي في مصر وكان بينهم رجال دين يهود ومسيحيون ومسلمون"، إضافة إلى فقهاء دستوريين. ويقول إن دستور 1971 "كان أول محطة شهدت تلاعباً دستورياً وفق أهواء الحاكم (الرئيس الراحل أنور السادات)... هذا التعديل الذي مثل نقطة الوثوب الأولى للإسلاميين إلى خلط السياسة بالدين".
وأُعلن في الثالث من يوليو/ تموز الماضي تعطيل دستور 2012 الصادر في عهد الرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي الذي عزله الجيش بعد احتجاجات حاشدة. ويتوجه المصريون يومي 14 و15 يناير/ كانون الثاني 2014 للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي يأمل مراقبون أن يكون الخطوة الأولى في خطة انتقال سياسي، تُستكمل بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية العام القادم.
ع.غ/ أ.ح (رويترز)