زلزال نيبال "مأساة وطنية" والأسوأ منذ 81 عاما
٢٥ أبريل ٢٠١٥مع اقتراب دقات الساعة من الثانية عشرا ظهرا بالتوقيت المحلي في نيبال اليوم السبت (25 أبريل/ نيسان 2015) اهتزت الأرض في البلد الأسيوي الفقير بشكل لم يسبق له مثيل منذ عشرات السنين. وترجرجت جوانب جبال الهيمالايا الشاهقة، ولم يشعر سكان نيبال فقط باهتزاز الأرض من تحت أقدامهم وإنما شعر به أيضا سكان في الهند والصين وبنغلاديش وباكستان. وترددت تقارير عن سقوط أكثر من 40 قتيلا في تلك الدول حيث سقط معظم القتلى في ولاية بيهار شرق الهند، التي تتاخم نيبال. وبلغت قوة الزلزال 7.9 درجة بمقياس ريختر، وكان مركزه على بعد 80 كيلومترا شمال غرب العاصمة كاتماندو، وذكر وزير الإعلام النيبالي ميندرا ريجال أن حصيلة قتلى الزلزال قد تصل إلى أربعة آلاف وخمسمائة شخص.
لكن جورج فاروغهيزه ممثل مؤسسة "آسيا فاونديشن" غير الحكومية في نيبال قال في لقاء مع DW إن المعلومات الآن عن حجم الدمار الفعلي الذي خلفه الزلزال لا يمكن أن يكون موثوقا بها "لأن قنوات الاتصال مقطوعة، والشوارع لا يمكن السير فيها وأنقاض المنازل التي سقطت في كاتماندو أغلقت الشوارع، معطلة عربات الإسعاف ومركبات الإنقاذ عن الوصول إلى هدفها."
ويعد زلزال السبت أسوأ زلزال يضرب نيبال منذ 81 عاما، عندما وقع زلزال عام 1934 وتسبب في مقتل 17 ألف شخص معظمهم في كاتماندو. ووقعت 65 هزة ارتدادية في الساعات الثماني التي أعقبت الزلزال الأول، حسب ما ذكر رئيس الجمعية الجيولوجية الوطنية لوكبيجاي أدهيكاري. وأفادت تقارير أن الهزات الارتدادية تراوحت قوتها بين 5 و 6.6 درجات.
"مأساة وطنية"
وغطى التراب أجواء كاتماندو، تراب يعود إلى مبان عديدة ومعالم تاريخية دمرها الزلزال، من بينها برج داراهارا البالغ ارتفاعه 60 مترا الذي بني عام 1832. ولم يتبق من البرج سوى دعامة ارتفاعها 10 أمتار. وفيما كانت الجثث تسحب من تحت أنقاضه قال رجل شرطة إن ما يصل إلى 200 شخص محاصرون في الداخل. وفي أنحاء المدينة تدافع رجال الإنقاذ بين حطام المباني المدمرة وبينها معابد هندوسية خشبية متهالكة. وأخبر الكاتب والمصور النيبالي كاشيش داس شريستها بعد زيارة قام بها للجزء القديم من كاتماندو أن "كل المعابد التي تعود إلى القرون الماضية أصبحت أثرا بعد عين." ووصف شريستها الزلزال بأنه "مأساة وطنية".
ويعد زلزال نيبال واحدا من أقوى الزلازل التي سجلت حتى الآن علما بأن أقوى زلزال سجل في العقود الأخيرة كان بقوة 9.5 درجة على مقياس ريختر وضرب جمهورية تشيلي في آيار/مايو 1960، مخلفا 1655 قتيلا، يليه زلزال بقوة 9.2 درجة ضرب ألاسكا بالولايات المتحدة في آذار/ مارس 1964 مخلفا 125 قتيلا. ثم كان هناك زلزال بقوة 9.1 درجة قبالة جزيرة سومطرة بأندونيسيا في كانون أول/ديسمبر 2004 تسبب في حدوث موجات مد عاتية (تسونامي) ومقتل نحو 230 ألف شخص، في مشاهد تذكر بنهاية العالم.
العالم يساعد نيبال
وأعلنت الحكومة النيبالية اليوم السبت حالة الطوارئ في المناطق المتضررة من الزلزال وطالبت بمساعدات إنسانية. وذكرت الشرطة النيبالية أن المطار الدولي الوحيد في العاصمة كاتماندو أغلق نتيجة للزلزال حيث يجرى تغيير اتجاه جميع الرحلات حاليا إلى نيودلهي، فيما عدا الرحلات التي تحمل مواد الإغاثة، حيث سمح لها بالهبوط في المطار.
ومن جهة أخرى، لقي ثمانية أشخاص على الأقل حتفهم في انهيار جليدي نجم عن الزلزال بالقرب من مخيم عند سفح جبل إفرست أعلى قمة جبلية في العالم، حيث تجمع أكثر من 1000 متسلق في بداية موسم التسلق. وحسب مسؤول سياحي نيبالي فإن الحصيلة قد ترتفع، وليس هناك تأكيد على جنسية هؤلاء القتلى. وقال مسؤول آخر في مجالس السياحة يدعى موهان كريشنا سبكوتا إن "من الصعب حتى تقدير عدد القتلى وحجم الأضرار." وتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 300 الف سائح أجنبي في مناطق مختلفة من نيبال من اجل رحلات الربيع وموسم تسلق جبال الهيمالايا.
وتقع نيبال بين الهند والصين وتتحمل نصيبها من الكوارث ويبلغ عدد سكانها 28 مليون نسمة. وعقد رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي اجتماعا طارئا وبدأت البلاد في نقل مساعدات إغاثة مادية وأفراد إنقاذ عبر جسر جوي إلى نيبال. فأرسلت الهند أربعة أطنان من الإمدادات من الغذاء والماء وأنظمة الاتصالات ومعدات أخرى و40 فرد إنقاذ مدربا وتخطط لإرسال طائرتين إضافيتين محملة بإمدادات طبية وأطباء، حسبما صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الهندية. بينما قالت روسيا إنها سترسل نحو 50 فرد إنقاذ. كما أعلنت دولة الإمارات العربية عن تقديم مساعدات إغاثة عاجلة لضحايا زلزال نيبال. كما تستعد هيئة الإغاثة التقنية الألمانية تي اتش دبليو (THW) لإرسال رجال إنقاذ وأجهزة وكلاب مدربة من أجل المساعدة في إغاثة المتضررين من زلزال نيبال.
ص.ش/ ح.ع.ح (رويترز، د ب أ)