سوريا: أحلام تبددت وأخرى تتجدد على أعتاب العام الجديد
٣١ ديسمبر ٢٠١٣يأبى عام 2013 أن يرحل دون أن يأخذ معه آخر أمل لأم أحمد التي تبلغ الأربعين من عمرها بالعودة إلى منزلها، هذا الأمل الذي كانت تمني نفسها به منذ بداية العام عندما اضطرت إلى النزوح من منطقة برزة التي تشهد اشتباكات مستمرة تحول إلى وهم بعد أن وصلها خبر تهدم البناء الذي يحوي شقتها بالكامل نتيجة القصف المستمر على الحي. أم أحمد تتحدث لـ DW عربية ودموع الحزن تملأ عينيها وتقول "لا أريد سوى أن ينتهي هذا العام دون مآس جديدة. فقدت زوجي وطفلي منذ ستة أشهر والآن جاءني خبر هدم منزلي. لماذا يأبى هذا العام أن يرحل دون أن يبقيني وحيدة هكذا؟" .
ليست أم أحمد وحدها التي تنظر بأسى إلى العام 2013 بل ينسحب هذا الموقف على الكثير من الدمشقيين الذين التقت بهم DW عربية في نهاية العام. يبرر عمر الطالب في كلية الحقوق ذلك بقوله "لقد أصبح المشهد سوداويا في هذا العام أكثر بكثير من الأعوام السابقة. فأخبار القتل وازدياد عدد الضحايا أصبح أمرا روتينيا بالنسبة لنا، ولا توجد آفاق واضحة لحل سياسي أو عسكري قريب. لا نريد سوى أن يرحل عام 2013 الذي أصبح بمثابة كابوس، علّ العام القادم يحمل الأفضل لبلدنا".
العام الأسوأ بنظر الكثيرين
هذا المشهد السوداوي الذي تحدث عنه عمر بات يخيم على الساحة السورية بكافة أطيافها، فلم يعد الأمر يرتبط بالمعارضة أو الموالاة كما يقول حسان الذي يعمل مهندسا في إحدى شركات القطاع الخاص. فالمشكلة الأساسية برأيه تكمن في سقف التوقعات لكلا الجانبين، ويوضح ذلك بقوله "لقد عمل الطرفان جاهدين طيلة العام على حسم الصراع كل لصالحه فقط غير مستثنين أية وسيلة لتحقيق هذا الهدف. ولكن النتيجة كانت فشل الطرفين وازدياد الأمر سوءا". ويتساءل حسان "هل من المجدي أن يستمر الطرفان على هذا النهج في العام القادم أم يجب خفض التوقعات والوصول لحل توافقي لكلا الطرفين يجنب البلد الكثير من الدمار والمآسي الجديدة؟
من جانبها تحمل سماح الطالبة في كلية الإعلام النظام مسؤولية هذا الوضع المحبط الذي آلت إليه الأمور في عام 2013 حيث تقول لـ DW عربية "لقد نزعت الثورة رداءها السلمي بالكامل في هذا العام وهو أمر أساء جدا لها وأدخلها في متاهات التسليح والحرب. النظام بهمجيته وعنفه المفرط هو الذي يتحمل كامل المسؤولية في ذلك، ولا أتوقع أن الأمور ستتحسن على المدى القريب إذا استمرت الأمور على هذا النحو".
أمنيات وهواجس للعام الجديد
تختلف آراء وتطلعات الناس في دمشق فيما يحلمون به في العام المقبل، فما بين التيار المتفائل والمتشائم تسير الأمنيات مهما كانت بسيطة بتوجس كبير. فالحاج أبو سعيد يمني نفسه أن يتحسن وضع الكهرباء في المدينة بعد أن شهد عام 2013 ازديادا كبيرا بعدد ساعات التقنين في الكثير من الأحياء في قلب العاصمة دمشق،علاوة على الأعطال التي كان تصيب بعد المحطات الرئيسية التي تغذيها ما يجعلها تغرق في الظلام لأيام طويلة. ويضيف أبو سعيد لـ DW عربية "لا نريد سوى الكهرباء والماء. هكذا باتت أحلامنا حاليا ونحن نعلم مسبقا أنها أمور بعيدة المنال على الرغم من بساطتها مع كل هذا التقدم الذي يشهده العالم"،
فيما تتطلع فرح الطالبة في الصف الثالث الثانوي إلى حياة مستقرة في العام المقبل وهو أمر حرم منه السوريون منه منذ بداية الأزمة في عام 2011. وتعبر فرح عن ذلك بالقول "أتمنى أن أعيش بسلام واستقرار. الظروف السيئة والخوف أصبحا يسيطران على كل تفصيلات حياتنا، الأمر الذي يمنعني من متابعة دروسي بشكل سليم أو حتى التخطيط للأيام القادمة". وتتساءل فرح بسخرية "هل أضمن الحياة ليوم غد في هذا الوضع حتى أخطط وأحلم للعام القادم؟"
أما جاكلين التي تبلغ من العمر 25 عاما فتتمنى أن يحمل عام 2014 بارقة أمل بعودة الحب والمودة بين أبناء الشعب السوري كافة؛ وهو الأمر الكفيل من وجهة نظرها بإنهاء هذه الأزمة التي تعيشها البلاد. وتضيف جاكلين، التي تقطن في حي بابا توما ذي الغالبية المسيحية قائلة "لا احلم سوى بعودة الحب بين الأخوة السوريين على مختلف أطيافهم. فما يحدث بيننا الآن، ما هو إلا حدث طارئ وغريب لم يعهده السوريون منذ عقود ولا سبيل للخلاص من هذه الأزمة إلا بتجاوز الخلافات بينهم".