شباب إيران.. مستقبل بلا آفاق والبديل هو الهجرة
٢٥ يونيو ٢٠١٩جواد شاب مجتهد ويتعلم الألمانية بكل نشاط، وهو يرغب في الهجرة. "درست علوم التسويق ولدي تجربة لبضع سنين. اقتصادنا منهك. والكثير من الشركات أعلنت إفلاسها. والوضع يزداد كل يوم تأزما"، يشتكي الشاب البالغ من العمر 28 عاما في تبادل لرسائل إلكترونية مع DW.
والخوف وفقدان الأمل يهيمنان مثل ظل ثقيل فوق البلاد. والتوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران زادت منذ سنة. وبعد تنفيذ اعتداءات على ناقلتي نفط في خليج عمان في الـ 13 حزيران/يونيو 2019 تتهم الولايات المتحدة الأمريكية إيران بالوقوف وراء تلك الاعتداءات. وقدمت الحكومة الأمريكية شرائط فيديو كأدلة لا يمكن التأكد من صحتها. والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قالت بشأن موقف الحكومة الأمريكية الثلاثاء في برلين:" نحن نتعامل بالطبع بجدية مع هذه المواقف ويوجد أيضا أدلة قوية". لكنها شددت على أن التفاوض يبقى هو الطريق الصحيح.
الاتفاق النووي
وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية ايران منذ مدة طويلة بدعم الإرهاب في المنطقة والتسبب في انعدام الاستقرار. ولجأت الولايات المتحدة الأمريكية قبل عام بقيادة الرئيس دونالد ترامب إلى إلغاء اتفاق نووي متفق عليه منذ سنوات. وينص الاتفاق النووي من بين الأمور على أن تقلص ايران تخصيب اليورانيوم وتصدر البلوتونيوم وتسمح بإجراء عمليات تفتيش منتظمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي المقابل تم وعد ايران بإلغاء العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي وتقديم المساعدة في التنمية الاقتصادية.
وبالرغم من أن ايران استجابت لشروط الصفقة، كما أكدت ذلك مرارا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن تلك الصفقة وبدأت في "حملة أقصى الضغوط" من بينها بوجه خاص فرض عقوبات اقتصادية شاملة. وحاول الاتحاد الأوروبي تخفيف الضغط الممارس من قبل الولايات المتحدة باتباع اجراءات لتفادي تلك العقوبات، لكنه فشل في تلك المساعي.
الضغط يؤثر على الشباب
" بلادنا تجد نفسها في مأزق ولا أعتقد بأننا قادرون على الخروج من هذا الوضع البئيس"، يقول جواد الذي ترعرع في شمال ايران حيث تملك عائلته حقول زراعة الأرز ويعيشون كفلاحين. لكن جواد يرغب في حياة أخرى وانتقل إلى العاصمة. "كنت مجبرا على العمل بشكل قاس لفرض ذاتي في طهران. بلادنا منظمة بشكل مركزي وطهران هي قلب البلاد. هنا فقط توجد فرصة حياة أخرى. لكن الكثيرين يفكرون مثلي ويريدون الهجرة". وبالفعل يفضل نحو ربع مجموع الإيرانيين العيش في بلد آخر ـ وهذا يعترف به مندوب الشؤون الثقافية لمدينة طهران الذي كتب على تويتر أنه "طبقا لدراسة يرغب 29.8 في المائة من السكان بسبب الوضع الاجتماعي والثقافي والأخلاقي العيش في بلد آخر. هذا محزن. والمحزن أكثر هو أن هذا نتيجة دراسة أجريت في 2016 عندما كان وضعنا أفضل".
نسب هجرة عالية
وتُعد ايران منذ الثورة الاسلامية في 1979 من بين البلدان التي فيها نسبة هجرة عالية لأكاديميين ومفكرين وعلماء. ولا توجد إحصائيات رسمية حول ذلك إلا أنه في مايو 2012 نشرت صحيفة "الشرق" الإيرانية نتائج دراسة تهتم بهجرة التلاميذ والطلبة الحاصلين على جوائز. وطبقا للدراسة فإن 70 في المائة من الفائزين بالميداليات في الفيزياء و 77 في المائة من الفائزين في الرياضيات و 50 في المائة من المتألقين في الكيمياء وتقنية المعلومات هاجروا بعد إتمام تكوينهم. وتفيد دراسة للحكومة الأمريكية من مارس 2019 أن واحدا من بين أربعة إيرانيين مكونين يغادر بلده عندما تتاح له الإمكانية. والسبب حسب الدراسة الأمريكية هو الأمل في الحصول على حريات اجتماعية ودينية وآفاق أفضل في الحصول على العمل.
شعور بالتعب
"الأخبار السيئة تغمرنا يوميا. في كل يوم نجابه أحداثا تغير حياتنا رأسا على عقب ولا يمكن لنا التأثير عليها"، كما تصف فرزان ابراهيم زاده هموم الكثير من الإيرانيين الذين فقدوا السيطرة على حياتهم. وهذه الصحفية تقوم ببحوث حول التاريخ المعاصر لطهران. وأكثر من 30.000 من القراء يتتبعون مشاريعها في مواقع التواصل الاجتماعي. ويتعلق الأمر في ذلك مثلا بالكفاح المستميت للنساء من أجل المساواة وحياة أفضل.
لكن إبراهيم زاده متعبة وفقدت الأمل. وفي حديث مع DW أكدت أن هذه الحالة تنطبق على الكثيرين من مواطنيها. "أملي في الحصول على مستقبل أفضل في ايران يوجد في مستوى الصفر. والسنة الماضية كان بإمكاني على الأقل لمدة أسبوع البرمجة لحياتي. والآن أخطط على أبعد تقدير للساعة المقبلة".
ولا توجد مؤشرات تعكس أن الوضع سيتحسن في مستقبل منظور في ايران، بل العكس: فالحكومة الايرانية حددت مهلة زمنية للشركاء المتبقين في الاتفاق النووي الذي ستتخلى عنه نهائيا في الـ 7 من تموز/يوليو 2019 إذا لم تحصل البلاد على الفوائد الاقتصادية الموعودة.
شبنام فون هاين/ م.أ.م