شباب الثورة: لايهم"البرادعي" أو"موسي" ...الأهم صلاحيات وبرنامج الرئيس القادم
٤ مارس ٢٠١١بورصة الإنتخابات الرئاسية القادمة في مصر، حصرت الإختيار في مرشحين، عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي يعده البعض المرشح الشعبي لبقايا النظام، ومحمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية مرشح شرائح واسعة من الميدان، لكن قبل كل هذه يمثل البرنامج السياسي لكليهما، وطبيعة تربيطات اللحظة الأخيرة، وموقفهما من "موقع سلطة رئيس الجمهورية" معاييرا تتحكم في إختيار شباب الثورة المصرية لأي منهما.
شعب الميدان لايريد "موسي"
في البداية يري خالد عبد الحميد عضو أئتلاف ثور الغضب أن موضوع ترشيح الرئيس ليس علي أجندة أولويات أئتلافه، فهم مشغولون الآن بدعم فكرة أسبقية هذه الإنتخابات علي إنتخابات مجلس الشعب، وهو عكس الترتيب الذي يتبناه المجلس العسكري، ويري أن حل إشكالية قسم الرئيس كما قدمتها المستشارة تهاني الجبالي قابلة للتنفيذ، بحيث يقسم الرئيس القادم أمام رئيس المحكمة الدستورية العليا بدلا من أعضاء مجلس الشعب كما ينص الدستور، أما علي المستوي الشخصي فهو يتحفظ علي ترشيح عمرو موسي رئيسا، بوصفه جزءا من النظام السابق، علي عكس الشائع عنه كقيادة مغضوب عليها داخل النخبة الحاكمة، خاصة وأن تصريحاته مسجلة والتي دعم فيها الرئيس المخلوع في الإنتخابات الماضية.
ويميل خالد إلي تبني خيار ترشيح محمد البرادعي المدير السابق لهيئة الطاقة النووية، أو القاضي هشام بسطاويسي، إلا أن الأول ستكون فرصه أقوي لو أجمعت عليه القوي الوطنية في مواجهة أي مرشح للنظام السابق، وعن التكهنات الدائرة بتنسيق بين الإخوان والجيش في دعم "موسي"، يبدي القيادي الشبابي تخوفه من التأويلات المفرطة والتخوينية للجماعة، فالجماعة كانت جزءا من الثورة وهي تحاول الآن تحقيق أكبر إستفادة بالإبتعاد أكثر فأكثر عن النظام، بل يبدو إقتراب الجماعة من الإلتفاف الوطني حول البرادعي أقرب للتصديق، فالأخير هو المرشح الوحيد الذي جلس مع الجماعة قبل أشهر ونسق معها برنامجا للنضال الوطني.
الغموض يسيطر حتي اللحظة الأخيرة
البرنامج الإنتخابي للمرشح وخاصة الأبعاد الإجتماعية والإقتصادية هي ماستؤثر في قرار أحمد خير، فالسلطة كما يري مدير مركز دعم لنظم المعلومات والتوثيق تغير الأشخاص، وكم الصلاحيات المتبقية للرئيس القادم وفقا للتعديلات الدستورية القاصرة ستتيح له مجال للمناورة أكبر، فبرنامج يعمق الديمقراطية ويبني مجتمعا شفافا وخاضع للمحاسبة هي تفضيلاته لبرنامج اي رئيس قادم، وإنطلاقا من ذلك يبدو إنتماء هشام البسطويسي لشرائح القضاة، وموقفه السياسي من المرأة تحديدا سيكون مؤشرا للتفكير فيه، في حين أن عمرو موسي بإنتماءه للوعي القومي العروبي يؤكد علي السلطة الذكورية الأبوية، وعلي الأخير أن يقدم برنامجا يوضح به كيفية تفكيك الدولة القديمة التي هو أحد أبناءها.
ويري أحمد أن البرادعي رغم تعبيره عن فيض واسع من الحركات السياسية إلا أن أداءه في العامين الماضيين لم يظهر حنكة سياسية، كما انه لم يظهر برنامجا واضحا لكيفية مواجهة صعود اليمين بجناحيه الإسلامي والليبرالي، ناهيك عن قدرته علي إدارة جسد دولة ذات تلافيف بيروقراطية صعبة المراس، فالرئيس القادم سيخوض صراعا عنيفا مع مؤسسات تحاول إبقاء الأوضاع كما هي، وقد ظهر البرادعي متحاشيا الخوض في أي سجالات حول الحقوق الثقافية والإجتماعية، تحديدا المرتبطة بالحريات الدينية والحقوق الشخصية، ويضيف أن تحالفات لحظة الترشيح ربما تدفعه لترتيب اولوياته، فإذا ما تحالف الإخوان مع خيار العسكر فإن هذا سيعد مؤشرا لخريطة سياسية صعبة في السنوات الأربع القادمة، خاصة علي القوي اليسارية والليبرالية.
لا أبوية رئاسية بعد اليوم
يتفق الصحفي والمدون أحمد ناجي مع معايير "خير" الحقوقية المؤثرة علي ترشيحه، بل وينادي بضرورة تثوير بعض المفاهيم الإجتماعية الراكدة التي أظهرت الثورة مدي عقمها، فبين المرشحين لا توجد مرأة واحدة، والمشهد السياسي ذكوري وأبوي للغاية، بل إن مرشحا كالبسطويسي المنتمي لسلك القضاة لايضمن مدي إحترامه لحقوق المرأة، وترشيحه الآن ينتمي إلي ثقافة الزعيق التي تري في أي معارض سابق جيدا لمجرد نقده للنظام، ورغم أن أحدا من الأسماء المطروحة لم يعلن ترشحه رسميا، إلا أن جدول أولويات "احمد" يترتب كالتالي: أولا ألا يكون من خلفية عسكرية، وثانيها أن يوضح خطة إستراتيجية وأخري تكتيكية للبناء الفوري لمجتمع علماني وديمقراطي، وثالثها أن يكون ذو خبرة في الملفات الدولية، لذا لايميل "ناجي" إلي تغليب الوجوه الداخلية.
البرادعي وفقا لهذه المعايير هو : تكنوقراطي رائع، وعدم تمتعه بكاريزما أو إجماع حزبي ضيق سيسهل عملية التفاوض معه، كذلك تمتعه بشبكة علاقات دولية يرجحه، لكن عمرو موسي يتفوق عليه في بعض النقاط، أولها أنه "ألعبان" (ماكر) في الشأن الداخلي، ليس"مواطن صالح طيب" كالبرادعي، ومن ثم سيكون أنجح منه في مقاومة بقايا الدولة البيروقراطية، كما أنه قد يكون أنجح في رسم خطوط فاصلة للمؤسسة العسكرية إنطلاقا من شعبوية إختياره، وينفي"ناجي" عن "موسي" فكرة الأبوة، فهي غير قابلة للتكرار في المستقبل، كما أن "موسي" سيستطيع مقاومة الإخوان دون تقديم تنازلات فيما يخص حقوق الرأي والتعبير، أما لو جري الترشيح علي أسس التربيط البرجماتية الحالية فقد يمتنع عن التصويت من الأساس.
"برلمانية" حتي لا تطول فترة العسكر
أحمد فوزي أحد الشباب المؤسسين للحزب الديمقراطي الإجتماعي يري أن إجراء الإنتخابات الرئاسية قبل البرلمانية فكرة خرقاء، فالأولوية الأن للثانية حيث ستتيح برلمانا يقلص فعليا من سلطات رئيس الجمهورية كما تقلل من نفوذ المجلس العسكري في المرحلة الإنتقالية، وهو الأمر الذي سيسمح أيضا لأجهزة النظام السابق الأمنية وبقاياه الحزبية في الإلتفاف علي الثورة، وهو يشك في سماحة المجلس العسكري وعدم تدخله مستقبلا في المجال العام، وإنتخاب برلمان يشرف علي تعديلات حقيقية تطلق حرية التنظيم ويقلل من صلاحيات الرئيس القادم ستكون أكبر فرصة للتقليل من حجم وأهمية الرئيس نفسه.
أما عن خياراته، فهو يري عمرو موسي شريكا بالتواطؤ علي كل جرائم النظام السابق، ورغم أنه طبعة قومية عروبية من نمط الدولة القديمة إلا أنه لم يظهر أشارة واحدة لتبنيه أي مظهر من مظاهر الإصلاح الدائرة في مصر منذ 7 سنوات، كما أنه راقب الثورة من نافذة مكتبه في جامعة الدول العربية ولم ينزل إلي ميدانها إلا بعد سقوط الرئيس المخلوع، علي عكس الأسماء الأخري التي مارست معارضة واضحة للنظام منذ سنوات.
علي العكس منه يأتي البرادعي الذي تحمل لسنوات حملات تشويه النظام البائد، والتي شارك فيها للأسف بعض قوي اليسار، ويتوقع "فوزي" أن تكون الجولة الأولي بين عدد كبير من المرشحين، وفقا للتعديل الذي يتيح لأي شخص جمع 30 ألف توقيع، كذلك مشاركة أحزاب المعارضة الفائزة بمقعد علي الأقل في الإنتخابات الأخيرة، إلا أن الإعادة والتي يتوقع لها البرادعي وموسي ستكون حاسمة بين قوي النظام القديمة والتنويعات الإتلافية التي أنتجتها الثورة.
هاني درويش - القاهرة
مراجعة: هيثم عبد العظيم