شتاينماير لم يكن أمامه خيارات أخرى سوى إلغاء زيارته إلى دمشق
١٧ أغسطس ٢٠٠٦كانت قرارا صائبا بعد الخطاب الذي ألقاء الرئيس بشار الأسد لابد أن يكون باستطاعة المرء قول كلمة "لا" ولو لمرة واحدة على الأقل، وهو ما يندر حدوثه في العمل الدبلوماسي الدولي، كذلك التمسك بالمواقف عند اختلاف الآراء، وكأن شيئا لم يحدث، هذا الشيء قد يفهم على أنه إشارة دبلوماسية ذات معنى. فهم سوري خاطيء للتعامل الدبلوماسي دفع بوزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى إلغاء زيارته للعاصمة السورية قبل ساعات قليلة من القيام بها. ذلك أن الرئيس السوري بشار الأسد قام قبل ذلك بقليل بالقاء خطاب أفقد زيارة الوزير الألماني معناها.
ليس لأن الأسد وصف إسرائيل بالعدو والتي هي في الحقيقة كذلك إذ لا يزال البلدان رسميا في حالة حرب. لكن الأسد ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أبدى رفض سوريا المساهمة في مساعي السلام في الشرق الأوسط. صحيح أن الرئيس السوري أبدى استعداد بلاده للسلام، لكنه استثنى إسرائيل من هذه العملية. ولكن إذا لم يرد الأسد إيرام سلام مع العدو أي إسرائيل، فمع من يريد ذلك إذن؟ وهو الشيء الذي يمكن تفسيره بأن سوريا غير راغبة في السلام وانها بذلك تعزل نفسها ولا تريد ان تكون شريكا بناءا في معادلة من شأنها تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، وهذا ما يعززه نداء الأسد للدول العربية دعم حزب الله وبالتالي محاربة إسرائيل. لقد جاء بشار الأسد إلى السلطة كشاب طموح انتظر منه الكثيرون إحداث تغيير جذري في السياسة السورية، لكنه لم يحقق تلك التوقعات والآمال.
في البداية توقع الكثيرون أن تكون سياسته من صنع والده حافظ الأسد، ولكن تبين مع الوقت أنه هو من يضع هذه السياسة ويتخذ مثل هذه القرارات.
هذ الشيء لا بد وان أوجع وزير الخارجية الألماني شتاينماير الذي طالب مؤخرا بإشراك سوريا وإعطائها مزيدا دورا أكبر لا سيما في المسألة اللبنانية. دور بناء ربما لا يهدف فقط لنزع سلاح حزب الله، وإنما يرسخ الاستقرار في لبنان ويعطي دفعة جديدة لعملية السلام في الشرق الأوسط.
سوريا لها مصالحها المشروعة في لبنان، ولها مطالب لدى إسرائيل وكان بوسعها تحقيق هذا وذاك والحصول على دعم دولي. في نفس الوقت كان بوسع دمشق التخلص من الاتهامات التي توجهها لها كل من إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن بدلا من ذلك يقوم الأسد بتأكيد صحة هذه الاتهامات. لذلك فليس له أن يستغرب إذا ما بقيت بلاده معزولة وأن يسعى للبحث عن أصدقاء كأمثال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد غير المحبوب في الأوساط الدولية.
وبانتهاجه لمثل هذه السياسية، فالرئيس الأسد لا يضر بلده فحسب، وإنما يضر المنطقة بأسرها وكل من يرغب في السلام ويسعى إليه. ولهذا لم يكن من السهل على الوزير الألماني شتاينماير تجاهل خطاب الأسد بهذه البساطة وكأن شيئا لم يحدث. وعلى اعتبار أنه أخذه على محمل الجد، لم يبق أمامه من خيارات سوى إلغاء الزيارة.
بيتر فيليب