صعوبات التعلم لدى الأطفال مشكلة ترهق بعض الأسر الأردنية
٢٨ أبريل ٢٠١٢رغم تأكيد وزارة التربية والتعليم الأردنية توفر كافة البرامج والإمكانات لديها لحل مشكلة الطلاب ذوي صعوبات التعلم، إلا أن بعض المطلعين على الشؤون التعليمية في الأردن يقولون بعكس ذلك، مما يجعل الأهل أمام خيارين؛ إما الإرهاق المادي في المدارس الخاصة أو التسليم بالأمر الواقع واللجوء للمدارس الحكومية.
تقول والدة احد الطلاب التي رفضت ذكر اسمها لـ DW عربية، إن ولدها ذكي ومدرك لما يدور حوله، لكنه يعاني من صعوبة تعلم في المهارات اللغوية بحسب تشخيص احد المراكز المتخصصة بصعوبات التعلم في العاصمة الأردنية عمان، وتضيف أنها "مضطرة" إلى وضع ابنها في المدارس الخاصة "لتتم متابعته بشكل جيد" رغم ما يرتب ذلك على أسرتها من أعباء مادية إضافية. وردا على سؤال عن سبب عدم وضع ابنها في المدارس الحكومية تقول إن ذلك "مستحيل لأن المعلم لا يهتم ولا يتابع الطالب بالشكل المطلوب"، وتؤكد أنها على استعداد لبيع كل ما تملك في سبيل عودة ابنها للوضع الطبيعي.
"أعباء مادية ومعنوية على الأهل"
وترى المعلمة دعاء قطيشات في حوار مع DW عربية، أن من أهم المشاكل المتعلقة بصعوبات التعلم في الأردن هي قلة المدارس التي تحوي على فصول مجهزة بوسائل تعليمية وتربوية خاصة للأطفال من ذوي صعوبات التعلم، مما يضطر الأهل إلى إلحاق أطفالهم بمراكز خاصة أو إعطائهم دروس تقوية في هذه المراكز. وتؤكد أن هناك قلة في عدد المعلمين المتخصصين بذوي صعوبات التعلم في المدارس العامة وضعف في قدرة المعلمين العاديين على اكتشاف هؤلاء الطلاب في صفوفهم. وتشير قطيشات إلى أن ذلك، وإضافة إلى التعب المعنوي بسبب وجود طفلهم في مراكز صعوبات التعلم، هناك الأعباء المادية، لأن تكلفة هذه المراكز ليست بقليلة.
وتختلف الصعوبات التي تواجه أولياء الأمور، فبعض الأهالي، كما تقول قطيشات في حوار معDW عربية، غير مبالين بصعوبة التعلم الموجودة عند طفلهم رغم علمهم بها "تاركين العبء كله على المعلم أو المعلمة فقط"، و البعض الآخر وحين يكتشف المعلمون وجود صعوبة في التعلم عند طفلهم يرفضون ذلك إطلاقا، معتبرين ذلك "إهانة لهم و لطفلهم".
غياب الإمكانيات
وتوضح قطيشات أن المعلم يعاني من ضعف استجابة الطالب للمعلومات ما يضطره إلى التكرار بشكل دائم، وتشير إلى أن هناك أطفال يأتون في اليوم التالي وهم لا يعرفون شيئا عن موضوع شرح أكثر من مرة وبعدة طرق ووسائل.
إلى ذلك تقول الدكتور ناهدة عبد الهادي، منسق المركز الوطني لصعوبات التعلم / كلية الأميرة ثروت / في حوار مع DW عربية، إن المدرس الجيد والكفء هو الذي يستطيع أن يشخص صعوبة التعلم ويحدد الاحتياجات والحلول المناسبة للطالب، وتشير إلى أن خدمات "التربية الخاصة" مهيأة بفصول دراسية على مستوى مرتفع إضافة إلى وجود معلمين مساندين.
أما على مستوى المدارس الحكومية فتقول عبد الهادي إن هناك جهودا لا باس بها لتقديم أفضل الخدمات، ولكن تبقى مشكلة النواحي المادية وعدم التنسيق بين الجهات أو المؤسسات التي تهتم بصعوبات التعلم، وتبين أن معلمي المدارس الحكومية "لا توجد لديهم دافعية للعمل" بسبب عدم وجود "تعزيز مادي"، مقارنة مع معلمي المدارس الخاصة الذين يتقاضون رواتب أعلى، وبالتالي فمدرسي المدارس الحكومية "ليسوا على استعداد للاهتمام الزائد بأي طالب".
16الف حالة في المدارس الحكومية
وتؤكد عبد الهادي إنه ليس بمقدور كافة الأهالي اللجوء إلى المدارس الخاصة بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، ما يجعل نسبة كبيرة من الأسر "ترضى بالأمر الواقع وهو وجود ابنها في المدرسة الحكومية".
وتعتني وزارة التربية والتعليم الأردنية بنحو 16 ألف تلميذ من ذوي صعوبات التعلم من خلال 800 غرفة مدرسية خاصة منتشرة في مدارس المملكة. ويقول مدير إدارة التربية الخاصة في الوزارة الدكتور فريد الخطيب إن الخدمات التي تقدمها وزارته لهؤلاء الطلاب تلبي احتياجاتهم وهي كفيلة بإعادتهم إلى مسارهم التعليمي وتخليصهم بدرجة كبيرة من صعوبات التعلم.
ويؤكد الدكتور الخطيب أن نسبة الطلاب في مدارس القطاع الخاص أقل من المدارس الحكومية، لأن القطاع الخاص استثماري، مشيرا إلى أن المدارس الخاصة تعمل إشراف وزارة التربية والتعليم. ويضيف أن ولي الأمر ليس ملزما بالذهاب بطفله إلى المدارس الخاصة، "ولا يوجد مشكلة في تقديم الخدمة لطلاب ذوي صعوبات التعلم في المدارس الحكومية".
مكان هؤلاء مع أقرانهم في المدارس
ويؤكد الخطيب وجود خلط في أذهان أولياء الأمور بين صعوبات التعلم التي تتعلق دائما بمدارك الطالب بسبب وجود خلل في الجهاز العصبي المركزي وبين مشكلات التعلم التي تتعلق بعوامل خارجية كتفكك الأسرة وطلاق الوالدين أو وفاة احدهم، ويشير إلى أن صعوبات التعلم تحتاج إلى تدخل مع الطالب نفسه في خطة فردية علاجية.
ويؤكد المختصون أن الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم هو إنسان عادي، لكنه يتمتع بقدرات عقلية متوسطة أو اعلي من هذا المستوى، لكن يكون لديه تفاوت بين قدرته العقلية وبين تحصيله الدراسي، ويقول أستاذ التربية الرياضية الخاصة في جامعة اليرموك بمدينة اربد (شمال الأردن) الدكتور حسين أبو الرز في حوار مع DW عربية، إن الطالب الذي يعاني من صعوبات في التعلم هو طالب يصنف طبيعيا ضمن معايير الذكاء والتكيف المتعارف عليها، ولكن يوجد لديه صعوبة في التعلم في مجال واحد أو أكثر قد تكون القدرة الحسابية أو القدرة اللغوية أو القدرة المكانية، لكنه في بقية القدرات يكون طبيعيا، وبالتالي هو محتاج لبرنامج تربية خاصة فردي لمعالجة الضعف في جانب محدود من جوانب تحصيله العلمي.
ويضيف ابو الرز أن المكان الطبيعي للأطفال من ذوي صعوبات التعلم هو المدارس مع اقرأنهم مع إعطائهم واجبات إضافية وبرامج فردية لتساعدهم على التحصيل ضمن معدلات اقرأنهم بزيادة المجهود الإضافي والبرنامج الإضافي الذي يخصص لهم.
محمد خير العناسوة – عمان
مراجعة: عبده جميل المخلافي