صفحة "لاجئون في ليبيا" لإيصال صوت المهاجرين
١٩ نوفمبر ٢٠٢٢فيديو صادم ومؤلم، نرى فيه شابا هزيلا للغاية، رجلاه مقيدتان، ويصرخ من الألم بينما يتم تعذيبه بما يبدو أنه مسدس كهربائي.
الشاب إثيوبي يبلغ من العمر 17 عاما، كان قد تم اختطافه قبل يومين من تصوير الفيديو، وتعرض للتعذيب لابتزاز عائلته، الذين أرسل لهم الخاطفون صور معاناة ابنهم. وسط الصدمة، أرسلت الأسرة الفيديو إلى يامبيو ديفيد.
ديفيد شاب من جنوب السودان، يبلغ من العمر 25 عاما، وقام بإنشاء حساب "اللاجئون في ليبيا" (Refugees in Libya) على تويتر وفيسبوك وإنستغرام، قبل نحو عام. ينقل الشاب صورا دون أي تعديلات أو إخفاء للحقيقة، للانتهاكات التي يعاني منها المهاجرون في ليبيا. يوم الأحد 30 تشرين الأول/أكتوبر، نشر الشاب المقيم الآن في إيطاليا، مقطع فيديو للشاب الإثيوبي على حسابه على تويتر، على الرغم من أن ذلك قد يعرضه للحظر من المنصة بسبب عنف المحتوى. لكنه كان يأمل أن تخلق هذه التغريدة صدمة هائلة، لدفع الصحافيين والسياسيين للحديث عن العنف الذي يعاني منه المهاجرون في ليبيا.
"قوة" الشبكات الاجتماعية
بدأت قصة حساب "اللاجئون في ليبيا" في بداية تشرين الأول/أكتوبر 2021. في ذلك الوقت، أطلقت الشرطة الليبية عملية كبيرة كان من المفترض أنها لمكافحة المخدرات، لكنها أدت بشكل أساسي إلى طرد واعتقال أكثر من أربعة آلاف مهاجر، كانوا يعيشون في منطقة قرقارش غرب طرابلس. تم إرسال الآلاف من الناس إلى السجن، بينما استقر آخرون بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، أمام المبنى الرئيسي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبقوا هناك لمدة ثلاثة أشهر، حتى تم إخلاء الاعتصام بعنف في 9 كانون الثاني/يناير 2022.
في البداية، أطلق يامبيو ديفيد صفحته لتغطية هذا الاعتصام غير المسبوق. يقول "كانت الفكرة هي منحنا صوتا. عندما بدأنا حركة الاحتجاج (أمام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) بعد عمليات الإخلاء من قرقارش، بدا لنا أن ذلك لم يكن كافيا. أردنا استخدام ما كان متاحا لنا، واعتقدنا أن شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون لها قوة".
وشرح الشاب "أدان سابقا الكثير من الصحفيين والمنظمات غير الحكومية، الانتهاكات التي تحصل بحق المهاجرين ولكن لم يكن هناك شيء يتغير. تم استخدام هذه القصص لأغراض سياسية وليس لمصلحة الأشخاص الذين يعانون". بعد ذلك بدا من المهم بالنسبة له التواصل مباشرة مع الأشخاص عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وتابع "نعلم أنه لا يمكننا تغيير موقف السياسيين دون التأثير على عامة الناس، لأن هؤلاء هم الأشخاص الذين ينتخبون. لذلك نحاول الوصول إلى كلا الجانبين من الجمهور، سواء كانوا على تويتر أو فيسبوك أو إنستغرام".
"ما عشته في ليبيا لا يمكن تصوره"
لا ينسى يامبيو ديفيد ما عاشه ويعيشه المهاجرون في ليبيا، ويقول "نحن المتأثرون بقرارات السياسيين على طرفي المتوسط، يجب الاستماع لنا". وكان قد شارك المهاجرون في ليبيا، نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في الحملة التي أطلقتها عدة منظمات غير حكومية لتشجيع إيطاليا على عدم تجديد اتفاقها المبرم في عام 2017 مع ليبيا، بشأن اعتراض قوارب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.
يعرف يامبيو ديفيد جيدا ما تؤدي إليه عمليات الاعتراض هذه، غادر الشاب جنوب السودان في عام 2016 هربا من الحرب الأهلية بين مؤيدي الرئيس سلفا كير وأنصار نائب الرئيس ريك مشار. يشرح "في عام 2019، حاولت عبور البحر الأبيض المتوسط ولكن تم إرسالي إلى معسكر اعتقال في ليبيا من قبل خفر السواحل. قضيت عدة أشهر في سجن مصراتة، في ظروف غير إنسانية [...] في المرة الثانية والثالثة حاولت العبور، انتهى بي الأمر في السجن مرة أخرى، وفي المرة الرابعة عام 2020، سُجنت ثم جُنِّدت قسراً في الجيش الليبي للمشاركة في القتال الذي كان يدور في ذلك اليوم. ما عشته في ليبيا لا يمكن تصوره ولا وصفه، لقد نجوت بأعجوبة بعد تعرضي للكثير من العنف".
بعد وصوله أخيرا إلى إيطاليا قبل خمسة أشهر، يحلم يامبيو ديفيد الآن برؤية الصور التي تم جمعها على حسابه يوما ما تُستخدم كدليل في محاكمة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. في غضون ذلك، يواصل الشاب سعيه لنشر المعلومات حول الظروف المعيشية للمهاجرين في ليبيا، عبر الإنترنت.
يقول "هنا، أسافر كل يوم تقريبا للحديث عن الوضع الذي يعيش فيه اللاجئون في ليبيا، ولانتقاد وتصحيح خطاب السلطات (الإيطالية) حول الهجرة".
جوليا دومون- مهاجر نيوز 2022