صفقة الدبابات الألمانية للسعودية ـ لمواجهة الجيوش أم لوأد الثورات؟
٦ يوليو ٢٠١١فجرت الصفقة المحتملة لبيع دبابات إلى السعودية جدالا في ألمانيا إذ تعتبرها المعارضة وبعض أعضاء الحزب المحافظ "الحزب المسيحي الديمقراطي" بزعامة المستشارة انغيلا ميركيل مخالفة لقواعد التصدير. ويطالب قادة المعارضة بإجراء نقاش في البوندستاغ (البرلمان) حول هذه الصفقة المحتملة. وقد زاد من حدة هذا الجدل الأوضاع التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط عموما وصولا إلى انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة وتدخل الأخيرة لإخماد الثورة الشعبية في البحرين.
وذكرت مجلة دير شبيغل الأسبوعية الذائعة الصيت أن مجلس الأمن الفدرالي (حكومي) أعطى موافقته على بيع 200 دبابة قتالية من نوع ليوبارد إلى السعودية، فيما كان يُرفض قبل عقود بيع المملكة أسلحة ثقيلة. وكانت ألمانيا تبرر ذلك بأنها تريد الحفاظ على أمن إسرائيل واحترام حقوق الإنسان. وفي تصريح صحافي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية اندرياس بيشكي الذي لم يؤكد المعلومة أو ينفيها، أن "مجلس الأمن الفدرالي يعقد اجتماعات سرية. وفي هذه المرحلة، لا نستطيع التعليق على مداولاته ولا على قراراته".
المرونة والفعالية
وقالت مصادر أمن سعودية إن المملكة اشترت 44 دبابة (ليوبارد) من ألمانيا في المرحلة الأولى من صفقة حجمها عدة مليارات من الدولارات للحصول على 200 دبابة خلال الشهور المقبلة. وتأتي الصفقة عقب حزمة من المنح قيمتها 93 مليار دولار قررتها المملكة في مارس/ آذار الماضي شملت تعزيز الدعم للشرطة وقوات الأمن.
ويقول اوتفريد ناساور، الباحث في مركز برلين لمعلومات التسلح الأطلسية، في حوار مع دويتشه فيله، إن "مميزات الدبابة الألمانية من طراز «2 A7+» أنها مرنة جدا في العمليات القتالية، وتتعلق تلك المميزات بسرعة التحرك في مواجهة الدبابات التقليدية، ولها قدرة كبيرة على المناورة". ويبلغ وزن هذه الدبابة ما بين 55 إلى 62 طنا مزودة بمدفع 160 ملم.
ويتساءل الخبير الألماني ناساور عن حقيقة قدرة القوات المسلحة السعودية على استعمال هذه الدبابات ويضيف لدويتشه فيله "الأمر هنا يتعلق بدبابات ذات شهرة عالمية من حيث القوة والتكنولوجيا، لكن إلى أي مدى يمكن استعمال هذه الأسلحة بشكل فعال من قبل أفراد القوات المسلحة السعودية".
الصمت الإسرائيلي
وحرصت السعودية على شراء دبابات ألمانية طوال الأعوام الثلاثين الأخيرة لكن طلبها كان يرفض باستمرار. وتفرض ألمانيا منذ فترة طويلة قواعد على صادرات الأسلحة تحظر بموجبها بيع أسلحة لدول في مناطق الأزمات وتلك التي بها مشاكل تتعلق بحقوق الإنسان أو تشارك في صراعات مسلحة. ويعتبر الشرق الأوسط منذ فترة طويلة منطقة توتر، لكن مجلة دير شبيغل تقول إن مجلس الأمن الألماني لم يعد يعتبر أن تصدير الدبابات إلى السعودية مصدر تهديد لإسرائيل.
ولم تعلق إسرائيل على التقرير مما زاد من التكهنات بأن ألمانيا نسقت سلفا على الصفقة مع حليفها القديم. ويقول اوتفريد ناساور، الباحث في مركز برلين لمعلومات التسلح الأطلسية، "قد يرجع عدم تعليق إسرائيل على هذه الصفقة المحتملة لوجود اتفاق قد تحصل بموجبه الأخيرة، أي إسرائيل، من ألمانيا على امتيازات في مجالات أخرى. وعلى سبيل المثال في تمويل بناء غواصات والصواريخ المتطورة، وهي التكنولوجيا التي لم تحصل عليها إسرائيل من ألمانيا حتى اليوم".
للمواجهة الجيوش وحتى الانتفاضات
وتواجه حكومة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل استجوابا قاسيا في البرلمان بشأن هذه الصفقة، وقال كريستيان شترويبلة، العضو البارز في حزب الخضر المعارض، إن "النظام السعودي من أكثر الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي". وأضاف "هذا البلد لا يهتم بحقوق الإنسان وساعد جيرانه على ضرب الحركات المؤيدة للديمقراطية". وبدوره علق غيرنوت إيرلر، القيادي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض على الصفقة بالقول إن هذه السياسة تؤكد أن ميركل ووزير خارجيتها غيدو فسترفيله "يدعمان التحركات الديمقراطية في العالم العربي دعما شكليا".
وفي إجابته عن سؤال دويتشه فيله عن إمكانية استعمال هذه الدبابات في عملية قمع التظاهرات الداخلية قال الخبير اوتفريد ناساور، إن "دبابات ليوباد بشكل عام لا يمكن استخدامها بشكل جيد في الحروب الأهلية مقارنة بفاعليتها في مواجهة الدبابات التقليدية، لكن يمكن استخدام هذا النوع في وأد الصراعات الداخلية، وهو ما تثبته أشرطة الدعاية الخاصة بهذه الأسلحة الثقيلة ، حيث تظهر الأفلام الدعائية كيف يمكن لهذه الدبابة اقتحام نقاط محددة داخل المدن".
يوسف بوفيجلين
مراجعة: أحمد حسو