عندما تصبح حياة الملحدين في خطر!
٢٤ ديسمبر ٢٠١٨في بنغلاديش كان اسمه موجودا على قائمة المحكوم عليهم بالموت. وبعدما تم قتل خمسة من أصدقائه، حذرت السلطات المدون: "لا يمكن لنا فعل شيء لك". وفي 2015 أُجبر محمود الحق مونشي على مغادرة وطنه. وفر أولا إلى نيبال ثم سريلانكا وبعدها إلى ألمانيا. وعندما وصل في النهاية إلى مخيم للاجئين في بلدة ديتمولد لم يصدق أعينه: بعض المقيمين في المخيم ينحدرون أيضا من بنغلاديش وكانوا من منتقديه. وقال:" مؤخرا حصلت على صفحتي في فيسبوك على 4500 تهديد بالقتل خلال يوم واحد". ليس هذا فقط، بل إن اسم مونشي مدون في الأثناء على قائمة تضم أسماء بنغال هاربين إلى الخارج وجب قتلهم.
الخوف من الله
يتلقى محمود الحق مونشي الرعاية من قبل جمعية مساعدة اللاجئين العلمانية، وهو ينتمي إلى 37 لاجئا معترفا بهم تدعمهم المنظمة منذ نوفمبر 2017، وعددهم يزداد.
والخوف من الموت يرافق الكثير من اللاجئين حتى إلى ألمانيا. والموظفون المتطوعون من جمعية مساعدة اللاجئين المعروفة أيضا تحت اسم "إغاثة اللاجئين الملحدين" يهتمون أكثر بحماية النساء بوجه خاص من اضطهاد إضافي في ألمانيا. ويقول ديتمار شتاينر من جمعية مساعدة اللاجئين العلمانية:" المسلمون المحافظون ينتقدون النساء اللاتي لا يضعن الحجاب". وأضاف:" نحن نجابه بالفعل تجاوزات وتهميش وتهديد وعنف".
لمست العراقية ورود زهير بنفسها هذه المعاناة. هذه الأخصائية في علم الأحياء من كربلاء تتلقى تهديدات بالقتل وتحظى بحماية الشرطة. "سنأتي في غضون نصف ساعة وسنقتلك"، هددها مؤخرا صوت رجالي على الهاتف. فهي مدعوة إلى الكف عن استفزاز الشرق الأوسط بمنشوراتها العلمانية. وإلى يومنا هذا تعاني الفتاة البالغة من العمر 31 عاما من آلام في الظهر والساقين، لأن شقيقها ضربها إلى حد أن فقدت الوعي. والسبب هو أنها غادرت بيت العائلة دون ترخيص من والدها وكشفت عن شكوك بخصوص إيمانها كمسلمة.
معروف لدى ملك الموت
وسوء المعاملة الجسدي والنفسي خلف عندها انتكاسة عميقة. "عندما يقدم أبوك روحك لملك الموت، فإن هذا مؤلم جدا"، تقول البنت في حديث مع دي دبليو. وتم الاعتراف في الأثناء بورود زهير كلاجئة، وهي تنجح في الحديث عن قصة آلامها وتعمل من أجل نساء أخريات عانين من العنف، إذ أنها تدعم عمل منظمة حقوق النساء، "منظمة سلام النساء في العراق" وتتعاون مع الناشطة في حقوق الإنسان مينة أهادي من "المجلس المركزي للمسلمين السابقين".
ورود زهير من العراق والمدون محمود الحق مونشي من بنغلاديش ينتميان لمجموعة اللاجئين الذين يُضطهدون بسبب الردة عن دينهم.
الكفاح ضد مجرمي الحرب
المدون مونشي أثار غضب الإسلامويين عندما أسس في 2013 في بنغلاديش حركة تطالب بمعاقبة المسؤولين عن جرائم الحرب من عام 1971. حينها كانت بنغلاديش تناضل من أجل استقلالها ضد باكستان. وخلال تلك الحرب توفي نحو ثلاثة ملايين شخص. وفي وطنه كان مونشي نجما يتابعه نصف مليون قارئ عبر مدونته، وخرج مليون شخص إلى الشارع عندما دعت شبكته إلى الاحتجاج. "كان رائعا، إنه حلم"، قال مونشي. إلا أن هذا الحلم تحول إلى كابوس. ومع المظاهرات الحاشدة جاءت تهديدات القتل. ويعلل الخصوم بأن الحركة غير إسلامية وزعماؤها ملحدون. وهكذا بدأت مطاردة منهجية لمونشي وزعماء الحراك.
ملحدون، أقلية متزايدة
حتى لو أن الأمر يبدو كذلك، فإن نضال اللاجئين الملحدين هو نضال من أجل الحرية ونضال من أجل الحق في طرح أسئلة عن المفاهيم السائدة والتقاليد. إنه نضال من أجل حقوق المرأة والأقليات ومن أجل حياة بدون تشريعات دينية. وما يزال الملحدون يشكلون أقلية. وفي الولايات المتحدة تصل نسبتهم إلى 5 في المائة وفي ألمانيا تصل هذه النسبة إلى 15 في المائة وفي الصين إلى 47 في المائة. وقلما تحظى مجموعة الملحدين بالاهتمام في سياسة اللجوء الألمانية. "فالأصل من بلد معين أو سبب معين للهرب مثلا كالانتماء الديني أو الإلحاد لا يؤدي بشكل تلقائي للحصول على الحماية"، كما يرد في وثيقة لمكتب الهجرة واللاجئين. والحالة الأولى التي اعترف فيها مكتب الهجرة واللاجئين بالإلحاد كسبب للهرب تعود للمصور الإيراني سياماك زاري الذي اعتُرف به بعد خلاف قضائي طويل في أبريل/ نيسان 2010 كلاجئ وبذلك تم قبول الاضطهاد الديني للملحدين كسبب لمنح اللجوء.
ويتلقى الملحدون الدعم القضائي والسياسي من أجل الاعتراف بحالاتهم كسبب لجوء من بعض الجمعيات في العالم. وعلى مستوى الأحزاب في ألمانيا تتعثر هذه الجهود رغم أن عدد المعنيين إلى ازدياد.
أستريد برانغه/ م.أ.م