1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. كابوس على برلين

٧ نوفمبر ٢٠٢٤

تستعد الحكومة الألمانية لعلاقة عبر أطلسية في غاية الصعوبة مع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. بيد أنَّها ما تزال غير مستعدة حقًا لذلك، بعد أن راهنت طويلا على فوز كامالا هاريس كحليف مرغوب على ضفة الأطلسي الأخرى.

https://p.dw.com/p/4midm
دونالد ترامب وشولتس
ليسا أفضل صديقين: الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب والمستشار الألماني الاتحادي أولاف شولتس.صورة من: Evan Vucci/AP/ - und Ben Kriemann/PIC ONE/picture-alliance

استيقظت الحكومة الألمانية الأربعاء (السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري) على كابوس حقيقي: فوز دونالد ترامب في  الانتخابات الرئاسية، بعد أن تشبثت طويلاً بالأمال في أن تواصل  كامالا هاريس  التقليد بعد جو بايدن، الذي يعتبر من الداعمين البارزين للعلاقات عبر الأطلسي ومن مناصلري التعددية. ولكن ترامب فاز في السباق فجأة بسرعة ووضوح.

والآن فإنَّ الحكومة الألمانية غير مستعدة بشكل جيد، خصوصا في ظل أزمتها الحالية المستمرة منذ أسابيع من الخلاف بشأن التوجه الاقتصادي، وانفراط عقد أطراف الائتلاف الحاكم بعد إقالة وزير المالية  كريستيان ليندنر  وإعلان المستشار الألماني  أولاف شولتس  إجراء تصويت على الثقة في منتصف يناير/ كانون الثاني المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى إجراء انتخابات مبكرة بحلول مارس/ آذار المقبل.

وفي هذا السياق ينتقد هينينغ هوف من الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية. "لقد كان من الخطأ الاعتماد كليًا على الديمقراطيين"، كما قال لـDW. وأضاف أنَّ "العلاقة الخاصة التي حافظ عليها المستشار الألماني شولتس مع الرئيس الأمريكي بايدن ربما كانت منحازة شيئًا ما. والآن حان الوقت لتدفع ألمانيا ثمن عدم قيامها بأية اتصالات على الإطلاق مع معسكر ترامب".

ذكريات رئاسة  دونالد ترامب  الأولى من عام 2017 إلى عام 2021 ما تزال حية جدًا في برلين. ففي تلك الفترة، شكَّك ترامب في حلف الناتو وهدد بسحب القوات الأمريكية من ألمانيا. وانتقاده لألمانيا ودول الناتو الأخرى هو أنَّها تستفيد من الحماية العسكرية الأمريكية من دون مساهمتها بما يكفي من أجل الدفاع عن نفسها.

ومن المهم الآن بالنسبة  للحكومة الألمانية  هو قيامها "بتعويض هذه التقصيرات"، كما يقول هينينغ هوف: "لا بد من وجود إشارة أقوى بكثير تشير إلى أنَّ الأوروبيين، وخاصة الألمان، مستعدون في الواقع لتحمل عبء دفاعي أكبر. وإذا واصلنا المراوغة بعشوائية والجدال بأنَّ لدينا ثروة خاصة (للجيش الألماني) ولذلك يجب أن ترتفع ميزانية الدفاع في حد ذاتها بشكل ضئيل جدًا، فإنَّ هذا لن يعجب أحدًا في واشنطن، لا الآن ولا في عهد ترامب".

قوات أمريكية في ألمانيا: لقد هدد ترامب بسحبها لأنَّ ألمانيا لا تدفع ما يكفي من أجل الدفاع.
قوات أمريكية في ألمانيا: لقد هدد ترامب بسحبها لأنَّ ألمانيا لا تدفع ما يكفي من أجل الدفاع.صورة من: Nicolas Armer/dpa/picture alliance

إملاء السلام على أوكرانيا؟

التغيير المنتظر من  جو بايدن  إلى دونالد ترامب لن يؤثر دوليًا في أية قضية أخرى تأثيرًا واضحًا كتأثيره في حرب أوكرانيا. وهذا هو أيضًا السؤال الحاسم الذي يجب على حكومة شولتس أن تطرحه: ماذا سيحدث للدعم المقدم لأوكرانيا؟ فعلى أية حال الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر إلى أبعد حد أهم مورّد أسلحة وممول لأوكرانيا، وبعدها ألمانيا.

وفي حين أنَّ الرئيس جو بايدن كان قد وعد وكذلك المستشار أولاف شولتس بدعم أوكرانيا "طالما كان ذلك ضروريًا"، فإنَّ دونالد ترامب يريد إنهاء الحرب بسرعة. وهو يقول ذلك على أية حال. وعلى الأرجح أن يعني ذلك اضطرار أوكرانيا إلى التخلي عن أجزاء كبيرة من أراضيها التي تحتلها روسيا.

ولكن "نحن لا نعرف" كيف ستبدو السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا في عهد ترامب، كما قال الخبير الأمني ​​نيكو لانغه لـDW قبل الانتخابات الأمريكية: "لا يمكننا القول إنَّ ترامب سيبيع أوكرانيا عندما يفوز. والشيء المميَّز في دونالد ترامب هو عدم إمكانية التنبؤ حقًا بما سيفعل".

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في زيارة لدونالد ترامب - صورة بتاريخ 27 سبتمبر 2024
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - لم يتمكن في برج ترامب في أيلول/سبتمبر من إقناع دونالد ترامب بـ"خطة النصر" التي وضعها لبلاده.صورة من: Shannon Stapleton/REUTERS

وإذا حاول ترامب التوصل لاتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعيدًا عن المسؤولين في أوكرانيا ومؤيديهم من أجل إنهاء الحرب على حساب أوكرانيا، فإنَّ ذلك يمكن أن يمثل بحسب رأي هينينغ هوف إغراءً لبرلين: ويمكن للحكومة الألمانية  استخدام ذلك كذريعة. بمعنى "نحن نود فعل المزيد، ولكن حسنًا أنظروا إلى الأمريكيين. وهذا هو الخطر الذي أراه"، كما يقول هينينغ هوف.

فرض رسوم جمركية على صادرات ألمانيا

تُعدُّ ألمانيا من أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك فإنَّ سياسة واشنطن الاقتصادية لها تأثيرات مباشرة على ألمانيا. لقد أعلت ترامب خلال حملته الانتخابية عن نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 60 بالمائة على الواردات الأمريكية من الصين وبنسبة 20 بالمائة على الواردات من بقية العالم في حال فوزه.

ومن شأن ذلك أن يودي إلى رفع أسعار المنتجات الألمانية بوضوح في الولايات المتحدة الأمريكية. وستتضرر منه بشكل خاص صناعة السيارات والأدوية الألمانية. ويحذر هينينغ هوف من أنَّ ذلك "سيكون بمثابة حجر رحى كبير حول عنق الصناعات التصديرية الألمانية".

ولذلك تشعر العديد من الشركات الصناعية الألمانية بالقلق. ففي استطلاع أجراه معهد إيفو قبل نحو أسبوعين من الانتخابات الأمريكية، أعرب 44 بالمائة من الشركات التي شملها الاستطلاع عن خشيتهم من تداعيات سلبية في حال فوز ترامب بالرئاسة.

سيارات ألمانية للتصدير إلى الولايات المتحدة الأمريكية - صورة بتاريخ 9 مارس 2018
سيارات ألمانية للتصدير إلى الولايات المتحدة الأمريكية: على الأرجح أن تعاني الصادرات الألمانية في عهد ترامب بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة.صورة من: Jörg Sarbach/dpa/picture alliance

وأعرب 5 بالمائة فقط عن أملهم في حدوث آثار إيجابية، في حين توقع 51 بالمائة عدم حدوث أي فرق. وقد توقعت دراسة سابقة من معهد إيفو أنَّ الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ستخفض بنسبة 15 بالمائة تقريبًا، وذلك فقط من خلال الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب.

ومن الممكن أن تكون للحواجز الجمركية أيضًا عواقب غير مباشرة على ألمانيا، كما يخشى أندرياس باور من معهد إيفو: "يمكننا بطبيعة الحال أن نفترض أن الشركاء التجاريين الصينيين سيردون على ذلك"، كما قال أندرياس باور لـDW: "وربما يكون هذا هو أكثر ما يجعلنا قلقين من دخولنا في دوامة تصعيد تؤدي إلى حرب تجارية عالمية".

ومع ذلك فإنَّ الوضع لم يكن أسهل بالنسبة لقطاع الصادرات الألمانية حتى في عهد حكومة بايدن-هاريس الحالية. ففي الحملة الانتخابية ركز ترامب وهاريس "على تعزيز الصناعة المحلية وعلى رغبتهما إعادة وظائف الصناعات التحويلية إلى البلاد"، كما قال حتى أثناء الحملة الانتخابية رئيس اتحاد الصناعات الألمانية زيغفريد روسفورم.

ويؤكد ذلك أندرياس باور بقوله إنَّ بايدن حافظ على جميع الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية من قبل ترامب أثناء رئاسته الأولى، وقام حتى برفع بعضها: "الفرق الكبير بين ترامب وهاريس يكمن في نظرتها للحلفاء. خطاب ترامب واضح: المهم هو الولايات المتحدة الأمريكية مقابل البقية"، في حين أنَّ هاريس تدرك جيدًا أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى حلفاء.

ألمانيا مثال سلبي بالنسبة لترامب

من المعروف أنَّ حماية المناخ من أهم مشاريع الحكومة الألمانية . إذ يجب على ألمانيا أن تصبح محايدة مناخيًا وأن تحول إمداداتها بالطاقة واقتصادها كله إلى الحياد المناخي. وكان لديها في إدارة بايدن هاريس حليف قوي لفعل ذلك. ولكن في المقابل من المتوقع ابتعاد الولايات المتحدة الأمريكية عن حماية المناخ مع فوز ترامب في الانتخابات. وبالتالي فإنَّ حكومة شولتس ستواجه الآن صعوبة أكبر من الصعوبة التي تواجهها أصلًا في فرض ضوابط ملزمة دوليًا للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

توربينات رياح في تكساس الأمريكية
توربينات رياح في تكساس الأمريكية: من غير المتوقع في عهد ترامب التحول في إنتاج الطاقة بشكل واسع النطاق إلى استغلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية.صورة من: NDR

ودونالد ترامب كثيرًا ما صوَّر ألمانيا كمثال سلبي. وترامب يرى في  ألمانيا مثالًا يجب عدم اتباعه  سواء فيما يتعلق بسياسة الترحيب باللاجئين في عهد المستشارة أنغيلا ميركل في عام 2016، أو الآن بسياسة الطاقة الألمانية، التي تعتمد على الطاقات المتجددة بدلًا من الاعتماد على الفحم والنفط والطاقة النووية.

والآن يجب على الحكومة الألمانية أن تتعامل من جديد معه كرئيس، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالمسائل الأمنية أو التجارية أو المناخية. وفي هذا الصدد يقول هينينغ هوف: "أخشى فعلًا من أن يتكرر حدوث بعض ما نعرفه من فترة رئاسة ترامب الأولى: الضغط على ألمانيا، والنفور من ألمانيا وكراهيتها، التي لم تختف الآن".

ومن المثير الآن أن نرى كيف ستبدو اللقاءات الأولى عبر الأطلسي بعد تولي ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير 2025. لقد صف وزير الخارجية الألماني الأسبق والرئيس الألماني الحالي فرانك فالتر شتاينماير ذات مرة ترامب وصفًا غير دبلوماسي كثيرًا بأنَّه "داعية كراهية" خلال الحملة الانتخابية في عام 2016. وحتى الآن لم يضطر شتاينماير لاستقبال ترامب في زيارة رسمية لألمانيا.

أعده للعربية: رائد الباش