"غياب الدور العربي في السودان.. ومبادرات بعد فوات الأوان"
٢٨ ديسمبر ٢٠١٠في وقت يزور فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، السودان، على رأس وفد للقاء مسؤولي عاصمتي الشمال والجنوب، الخرطوم وجوبا، اعتبر الكاتب السوداني فيصل محمد صالح، رئيس تحرير صحيفة "الأيام"، أن الزيارة جاءت في وقت متأخر ولن تغير في الواقع شيئا. وأضاف "أعتقد أنها ستركز فقط على تحسين الأجواء وعلى أن يتم الاستفتاء بسلام وأمان، أما نتيجة الاستفتاء فيبدو أنها محسومة سلفا لصالح الانفصال".
واعتبرت الجامعة العربية، على لسان السفير هشام يوسف، رئيس مكتب الأمين العام، أن زيارة موسى للسودان "تكتسب أهمية لكونها الأخيرة قبيل إجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب بعد أقل من أسبوعين". وقال يوسف إن الأمين العام سيجري مباحثات مع المسئولين السودانيين للوقوف على سير تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وترتيبات عملية الاستفتاء، المقرر في التاسع من يناير المقبل، على حق الجنوب في تقرير مصيره.
لكن المحلل السوداني رأى أن دور الدور العربية في السودان، لإنقاذه من مصير الانفصال، تأخر كثيرا، مشيرا إلى أن "هذه القضية كانت مطروحة منذ عام 2005، لكن الدول العربية لم تقدم أي جهد أو عمل يساعد على إعادة بناء الجنوب، أو جعل الوحدة أكثر جاذبية. ولم تتحرك الدول العربية إلا في اللحظات الأخيرة بعد أن فات الأوان".
"الجامعة العربية انشغلت طويلا عن السودان"
وعزا صالح عدم تحرك الدول العربية طوال هذه الفترة إلى إهمالها للشأن السوداني، قائلا "أعتقد أنهم كانوا مشغولين بقضايا أخرى، ولم يعطوا للسودان الاهتمام الذي يستحقه. الدليل على ذلك أنه عندما انعقد مؤتمر دولي للمانحين في مدينة أوسلو النرويجية في أبريل 2005، استشعارا من الغرب بضرورة إعادة بناء الجنوب الذي دمرته الحرب، غابت الدول العربية جميعها عن هذا المؤتمر، كما غاب أي تمثيل لجامعة الدول العربية. وكان الظن أنه بعد هذا الغياب العربي، ستقيم المجموعة العربية مؤتمرا أو منبرا خاصا بها لتقديم دعم دولي أو فردي، لكن شيئا من هذا لم يحدث".
كان موسى قد ووجه باتهامات مماثلة أمس من قبل الصحفيين قبيل توجهه إلى الخرطوم، ورفض الأمين العام الاتهامات المستمرة للجامعة العربية بأنها تركز على القضية الفلسطينية، وتغفل قضايا أخرى مثل السودان والعراق وغيرها. وقال في مؤتمر صحفي عقد في مقر الجامعة العربية بالقاهرة تحت عنوان "عرض حصاد العام 2010"، إن "القضية الفلسطينية وعملية السلام لها الأولوية والوضع في السودان له الأولوية كذلك، والجامعة منظمة سياسية إقليمية لديها كوادر وخبرات مختلفة تعمل على كل المسارات المتعلقة بالشأن العربي بشكل متواز".
وردا على سؤال لـ دويتشه فيله عن تقييمه لهذا الدور الذي تتحدث عنه الجامعة العربية، وما إذا كان قد رصد أي دور إيجابي أو سلبي حتى للدول العربية فرادى على مدار السنوات الماضية، قال صالح "لا أعتقد أن هناك أي دور إيجابي أو سلبي، إنما هناك غياب تام حتى اللحظات الأخيرة، فيما عدا جهد محدود لإعادة الإعمار قامت به مصر، فيما عدا ذلك لا أرى شيئا يستحق الذكر".
العرب يرفضون الانفصال لكنهم لم يعملوا على تفاديه
في الوقت نفسه، أشار صالح إلى قناعته بأن الانفصال لم ولن يكون في مصلحة أي من الدول العربية، "من مصلحتها أن تبقى الدول موحدة كجزء من منظومة عربية متكاملة، وليس من مصلحتها أن يتشرذم أي وطن. ولا أعتقد أن هناك دولة عربية أو أفريقية تؤيد هذا الانقسام. لكن مع ذلك لم يكن هناك عمل مؤسسي لتفادي هذه النتيجة".
واعتبر المحلل السوداني أن الانفصال سيؤثر على الطرفين، الشمال والجنوب، على حد سواء. وقال "سيخلق واقعا كنا نتمنى أن نتفاداه، لكنه الآن أصبح حقيقة واقعة. لذلك ينبغي ألا نأسى على ما فت، وأن نحاول تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لخلق علاقة جيدة بين الطرفين ونخلق تنظيمات مشتركة للقضايا والمصالح والمنافع المشتركة، لأنه مهما صار الانفصال سيظل الشمال والجنوب دولتان متجاورتان".
وحول مستقبل دول الجنوب وعلاقاتها مع العالم العربي حال تم الانفصال قال صالح "تعريفا لن يستطيع الجنوب الانضمام إلى جامعة إلى الدول العربية، لأنه لا يعتبر نفسه من أصول عربية، لكن في الوقت نفسه يتمتع الجنوب بعلاقات جيدة مع بعض الدول، وتتمنى أن يقيم علاقات أفضل، وسيظل الباب أمامها مفتوحا، إذا تبنى سياسات مرنة، لكن في اعتقادي أنه سيركز بالنهاية على البعد الأفريقي أكثر من العربي".
أميرة محمد
مراجعة: حسن زنيند