فقر وتهميش - هل ينذر الوضع في شرق السودان بالانفجار؟
٢١ ديسمبر ٢٠١١لا تزال الخرطوم تقف أمام تحديات داخلية جمة للحفاظ على السلام في السودان والحيلولة دون اندلاع بؤر أزمات جديدة فيه. فقبل أن تضع الحرب أوزارها مع الجنوب قبل أن ينفصل عنها، نشبت حربٌ أخرى في إقليم دارفور، وما زالت نيرانها تشتعل منذ أكثر من سبع سنوات. فيما يحذر بعض المراقبين من اندلاع أزمة جديدة في إقليم شرق السودان نتيجة لما يعانيه من "تهميش من قبل الحكومة وانتشار الفقر بالإضافة إلى انتشار السلاح في أيادي البعض".
في الواقع، ورغم أهميته الإستراتيجية وموقعه المطل على البحر الأحمر، إلاّ أن إقليم شرق السودان يعتبر من أكثر الأقاليم فقراً في البلاد، حيث يعاني منذ سنوات طويلة من تباطؤ البرامج التنموية وضعف التمثيل السياسي في الحكومة المركزية. كما من المتوقع أن يؤثر الجفاف، الذي تشهده المنطقة، سلبا على المحاصيل الزراعية لهذا العام، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وظهور مجاعة في أسوأ الأحوال.
التحاق بعض الزعماء القبليين بالمعارضة
وتزامنت هذه الأوضاع المتردية، التي يعاني منها إقليم الشرق السودان، مع انضمام أعضاء تجمع قبائل البجة، وهي قبائل تعيش في شرق البلاد، إلى الجبهة الثورية السودانية، التي تكونت مؤخراً بهدف إسقاط حكومة المؤتمر الوطني. ففي سياق متصل يقول الزعيم القبلي هداب ميرغني إن "مواطني الشرق لا يشعرون بتحسن في مستوى معيشتهم وأن المعاناة والفاقة زادت عن حدها، الأمر الذي حدا به وبآخرين إلى الانضمام للجبهة الثورية"، التي تضم حركة العدل والمساواة وجناحي جيش تحرير السودان، وقطاع الشمال بالحركة الشعبية. ويشير ميرغنى إلى أن حكومة الخرطوم لم تلتزم بتشييد وإنشاء مرافق الخدمات التي وعدت بها سابقا.
لكن ربيع عبد العاطي، وهو قيادي بالحزب الحاكم، ينفي هذه الاتهامات ويؤكد في حديث لدويتشه فيله أن "حكومته تقوم بتنفيذ العديد من البرامج الاقتصادية في الشرق". ويلفت إلى أن "هناك برنامج تنمية كبير يجري تنفيذه حاليا وهو عبارة عن مساعدات مالية"، مشددا على أن زعماء الشرق يشاركون في الحكومة الجديدة.
مراقبون يقرعون أجراس الخطر
من جهته، يقرع عمار سلميان، الإعلامي المختص في شؤون شرق السودان، أجراس الخطر، ملوحا ب"احتمال اندلاع تمرد عسكري ونشوب حرب في الشرق إذا لم تتدارك حكومة الخرطوم الوضع في ذلك الإقليم". ويقول سليمان في مقابلة مع دويتشه فيله إن "بقاء زعماء الشرق القبليين في حكومة الخرطوم هي الضمانة الوحيدة لعدم اندلاع حرب"، عازيا ذلك إلى أن ثقافة الولاء التي يدين بها سكان إقليم شرق السودان لزعمائهم القبليين. بيد أنه يحذر في الوقت نفسه أنه في حال انسحاب هؤلاء من حكومة الخرطوم لأي سبب من الأسباب، فإن ذلك قد يسهم في حدوث تمرد ومواجهة عسكرية بينها وبين زعماء قبائل إقليم الشرق.
ورغم فقره إلا أن لإقليم شرق السودان أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للاقتصاد السوداني، خصوصا وأن به الميناء التجاري الوحيد المطل على البحر الأحمر، فى مدينة بور تسودان الساحلية، بالإضافة إلى خط أنابيب يعبره لمئات الكيلومترات ناقلا النفط السوداني إلى الخارج. وبالتالي فإن اندلاع أي تمرد أو نزاع عسكري من شأنه أن يؤثر على اقتصاد البلاد بأكملها.
وعلى ضوء هذه التطورات، يرى مراقبون ضرورة أن تولي الخرطوم قضايا الإقليم اهتماما أكبر من خلال وضع برامج تنموية عاجلة وإشراك أكبر لمثلي إقليم الشرق في السلطة المركزية للحيلولة دون تفاقم الأوضاع فيه وتطورها إلى ما قد لا يُحمد عقباه.
عثمان شنقر – الخرطوم
مراجعة: شمس العياري