فلسطينيو ألمانيا بين الطموحات الخيالية وقيود الواقع
موقع دويتشه فيلله باللغة العربية تحدث مع عدد من المقيمين في ألمانيا بعد صدور النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية الفلسطينية، وفوز مرشح حركة فتح، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس، بغالبية أصوات الناخبين الفلسطينيين في الداخل، مقابل حوالي 20 في المائة للطبيب مصطفى البرغوثي.
خُمْس الفلسطينيين صوتوا لصالح الجيل الجديد
أحمد ع صحفي فلسطيني أعرب عن ترحيبه بالانتخابات باعتبارها محاولة جادة لاستطلاع رأي الشعب، لكنه يرى أن الديمقراطية تعني مشاركة كل طوائف الشعب، دون استبعاد لشريحة كبيرة تعيش في الخارج كما حدث في هذه المرة.
ولكنه أبدى الكثير من عدم التفاؤل في حدوث تطورات إيجابية على يد القيادة الجديدة للسلطة الفلسطينية لأنها، حسب قوله، "لا تملك الصلاحيات الكافية لتنفيذ أهدافها، حيث يتوجب عليها في كل مرة أن تحصل على موافقة اللجنة الرباعية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية." وأشار إلى أنه لا يعتقد أن "انتخاب السلطة الفلسطينية يعني قيام الدولة تلقائيا، فما زال هناك طريق طويل أمام هذه الدولة، في ظل غياب الأساس الذي تقوم عليه"، مطالبا بأن يكون القانون الدولي هو أساس حل هذه المعضلة، ومستنكرا الحديث عن قيام دولة "لم تُعرف لها حدود بعد، ولا ماهية بل هي عن عبارة عن مناطق متناثرة هنا وهناك."
وحول حصول مصطفى البرغوثي على حوالي 20 في المائة من أصوات الناخبين الفلسطينيين، قال أحمد ع. "من صوَّت لصالح البرغوثي، صوّت في الوقت ذاته ضد محمود عباس، ويريد أن تتولى قيادات شابة وجيل جديد تحديد سياسات الشعب الفلسطيني، وسوف يشكلون معارضة في الانتخابات المرتقبة للمجلس النيابي الفلسطيني."
الغالبية صوتت للسياسي والأقلية للإنسان
خلود، سيدة فلسطينية عاشت كل حياتها التي لا تتعدى العقود الثلاث في ألمانيا، تقول إنها لا تفهم الكثير في السياسة، ولكنها تعترف بأنها تكرر آراء من حولها. في نبرة صوتها شعور بالعجز، تقول إنها يائسة، "لأن تجارب الخمسين سنة الماضية علمتنا ألا نحلق بأحلامنا فوق رؤوسنا، لأنها قد تعود وتقع على رؤوسنا فتحطمها." وتضيف إنها سألت كل أقاربها لمن سيصوتون، ولماذا اختاروا هذا المرشح وليس غيره.
هي نفسها كانت تتمنى أن تمنح صوتها للبرغوثي، لأنه "إنسان، عاش مشاعر الناس، وأدرك آمالهم وآلامهم، وكان اقرب إلى نبض الشارع، أكثر من أي سياسي، لأنه طبيب تربطه بالناس علاقة عميقة، لا تتوفر لغيره."
ولكنها كإنسانة ديمقراطية تحترم إرادة الأغلبية، وتتوقع أن يتحمل عباس المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويعمل على اتخاذ القرارات الصحيحة، ثم تردف قائلة: "الحل الوحيد أن يشعر بمساندة العرب له، عندما يشعر بأن 300 مليون عربي يدعمونه، سيحترم العالم إرادة هؤلاء جميعا"، ولكنها استبعدت أن يفعل العرب ذلك، "فكل منهم يعيش في وادٍ، ولكل دولة مصالح مختلفة." ثم تشير خلود إلى أن قيام الدولة الفلسطينية هو أملها الكبير، رغم إدراكها أن "البطن الخاوية لا تفكر في مسائل السياسة، وأن فلسطيني الداخل يعلقون الآمال الكبيرة على تحسن الأوضاع المعيشية."
توفير الخبز للشعب اهم من الديمقراطية
توفيق ن. معلم فلسطيني استقر به الحال في ألمانيا يرى أن مصطفى البرغوثي "لن يتمكن من جمع قطاع واسع من الفلسطينيين لتشكيل معارضة فعلية، يكون بامكانها محاسبة الحكومة ومراقبة عمل الأجهزة الحكومية داخل المجلس التشريعي الفلسطيني، لأن حركة فتح لن تقبل بذلك."
وأكد على أن الشعب الفلسطيني الآن "في حالة يرثى لها من الفقر، وعدم الاستقرار، وجل همه أن يحصل على الحياة الكريمة، يريد الطعام الذي يقدمه لأبنائه، ويريد المسكن المريح، والمدارس التي توفر التعليم الجيد، يريد أملا في غد أفضل".
الشعب مَنَح صوته لعباس وعلى عباس أن يسمع لهم
أبو رامي فلسطيني ناشط في الكثير الجمعيات الفلسطينية في ألمانيا يرى أن السلطة الفلسطينية تجسد أمل الفلسطينيين، ويعتبر أن فوز محمود عباس يمثل نجاحا كبيرا لفتح، وقدرتها على نقل السلطة من ياسر عرفات، الذي كان يجمع كل السلطات في يده، إلى دولة مؤسسات. أبو رامي يتوقع أن تقدم القيادة الجديدة الكثير من الوعود، بعضها قابل للتحقق، وبعضها خيالي، ورغم أن الشعب الفلسطيني يعرف ذلك، إلا أنه سيصبر، وسيعطي القيادة الجديدة الوقت الذي تحتاج إليه، وسيسكت لفترة، ولكنه لن يصمت إلى الأبد، ولن يرضى أن تعود فتح إلى سالف عهدها، بل سيصر على أن يسمع عباس للشعب.
ويرفض أبو رامي اعتبار التصويت للبرغوثي، اعتراضا على عباس، بل هو "تعبير عن طموحات اليسار الفلسطيني" مشيرا إلى أنه "شيء إيجابي جدا أن يكون المنافسون على السلطة منافسين حقيقيين، بحيث تكون العملية الديمقراطية حقيقية أيضا." ولكنه استنكر بشدة أن يستمر الحال على ما هو عليه من عدم إشراك فلسطينيي الخارج في الانتخابات، قائلا "عندما يكون ثلثا الشعب الفلسطيني مقيما في الخارج، فلا يمكن تجاهلهم، لابد من أخذ رأيهم، ولا يجوز أن يبقوا معزولين، ولكننا في الخارج يجب أن نتحلى بالصبر مثل إخواننا في الداخل، ونمنح القيادة الجديدة بعض الوقت."
اسامة أمين