في برلين: دار صلاة واحدة للمسيحية واليهودية والإسلام
٨ نوفمبر ٢٠١٢تمر آلاف السيارات يومياً في الشارع العريض عند ساحة بطرس في وسط برلين، التي ما تزال تشكل نوعاً من الفراغ بين الماضي والمستقبل. إلا أنه من المحتمل أن يتغير ذلك بعد بناء دار للصلاة والدراسة هنا تشمل كنيسة وكنيساً يهودياً ومسجداً تحت سقف واحد. ولهذا الغرض أسست الطائفة اليهودية في برلين ومنتدى أبراهام غايغير بمدينة بوتسدام ومنتدى الحوار بين الثقافات وجماعة القديس بطرس ومريم العذراء البروتستانتية جمعية تحمل اسم "جمعية دار الصلاة والدراسة في ساحة بطرس ببرلين". وقد تم تأسيسها قبل أكثر من سنة. وأقرت الجمعية في هذه الأثناء ميثاقاً لها وأعلنت عن مسابقة معمارية على الصعيد العالمي.
صالة لصلوات مشتركة
من المقرر أن يتم بناء الدار على أسس كنيسة بطرس القديس السابقة في وسط برلين. وستشمل الدار ثلاث غرف مختلفة لصلاة اليهود والمسلمين والمسيحيين تربط بينها صالة للاشتراك في الاحتفال بالأعياد، بل ولإقامة الصلوات المشتركة أيضاً. الشركة التي فازت بالمسابقة المعمارية، هي شركة كين مالفيتسي للتصاميم المعمارية في برلين. وكان تصميمها الفائز يعتمد على مبنى كنيسة بطرس السابقة. ويمكن القول إن دار الصلاة بواجهتها من الآجر الفاتح اللون وبرجها الذي يبلغ ارتفاعه 44 متراً، تشبه قلعة. في داخلها تهيمن أشكال هندسية بسيطة. وتخدم صالة مقببة كغرفة تعليم مشتركة.
يثير هذا التصميم ارتياح غريغور هوبيرغ، القسيس من جماعة بطرس القديس ومريم العذراء البروتستانتية ورئيس هيئة الرئاسة لجمعية دار الصلاة والدراسة في ساحة بطرس في برلين. إلا أنه يؤكد أن الأمر هنا لا يدور حول "مزج" الأديان ببعضها البعض، وإنما "نريد تعلم معاملة متبادلة على أساس الاحترام والكرامة".
إحدى مدن برلين التاريخية
لا تشكل ساحة بطرس حتى الآن أكثر من مساحة من الأعشاب الخضراء يحدها سور. وكانت هذه المساحة في الفترة ما قبل السنوات الخمس الماضية مكاناً كئيباً لوقوف السيارات، إذ لم تشر إلا لافتة صغيرة إلى أن هذه هي ساحة بطرس. لكن هذا تغير عندما بدأت هنا عام 2007 حفريات أثرية للعثور على بقايا مدينة كيلن التي كانت إحدى المدن الخمس التي شكلت برلين التاريخية الأصيلة والتي وحدها الملك البروسي فريدريش الأول عام 1709 كي تشكل عاصمة مملكته.
أدت الحفريات إلى العثور على مدرسة لاتينية وبقايا دار بلدية ومقبرة وأسس ثلاث كنائس حملت اسم بطرس، تم هدم آخرها عام 1964. ويعد كل هذا من مجمل 220 ألف لقية أثرية.
وتخطط جمعية دار الصلاة والدراسة للعرض السنوي لمسرحية ناتان الحكيم للكاتب الألماني غوتفريد ليسينغ التي تعود إلى عصر التنوير. ومن المقرر أن يعرض مخرجون مختلفون هذه المسرحية كل سنة في الرابع عشر من نيسان/ أبريل، أي في ذلك اليوم الذي تم فيه عام 1783 أول عرض للمسرحية في برلين. وكتبت هذه المسرحية في فترة اعترف الملك البروسي فريدريش الثاني الكبير للكل مواطن بالحق في العيش بموجب الدين الذي يناسبه. ويعتبر المبادرون إلى بناء دار الصلاة والدراسة هذه الدار مكاناً تجتمع الأديان الكبيرة فيه لتذكر جذورها المشتركة.