قطار الأمل يصل إلى كولونيا
٢٢ سبتمبر ٢٠١٥وصل القطار القادم من ميونيخ إلى كولونيا متأخرا كثيرا عن موعده، إذ وصل بعد ساعتين ونصف الساعة من الموعد المقرر له. وهذا التأخير الكبير قد يسبب إحراجا وقلقا للكثير من العاملين في محطة القطار الواقعة في مطار كولونيا / بون غرب ألمانيا، وأيضا للمسافرين في القطار. لكن القلق لم يبد على مسافري هذا القطار واضحا إطلاقا. وضم القطار أكثر من 500 لاجئ قدموا عبر هذا القطار الخاص من مدينة سالتسبورغ النمساوية الواقعة قرب الحدود الألمانية. وكان الركاب فرحين بوصولهم إلى مطار كولونيا/ بون وهي محطتهم الأخيرة قبل توزيعهم على مدن وقرى ولاية شمال الراين فيستفاليا. والتأخير الذي طرأ على وصول القطار لم يكن شيئا يذكر مقارنة بالأوضاع الصعبة التي مرت على الركاب في رحلتهم الطويلة.
وخصصت مدينة كولونيا مخيمات خاصة للاجئين قرب الطريق السريع ومأرب السيارات في المطار. سلطان هو لاجئ من قندوز من أفغانستان ويبلغ من العمر 16 عاما وفرح جدا بوصوله إلى كولونيا بعد قضائه ثلاثة أسابيع في الطريق إلى ألمانيا. سلطان يشبه الكثير من الشباب بملامحه وملابسه الرياضية، لكن قصته تختلف كثيرا عن قصص الشباب وحياتهم الاعتيادية. ويقول سلطان: "ضربتنا الشرطة في المجر وبلغاريا ووضعونا في السجن". وكان تعامل السلطات المجرية والبلغارية مع اللاجئين سيئا جدا. وبدأ سلطان رحلته الطويلة عبر إيران ثم تركيا ومنها إلى ألمانيا عبر "طريق البلقان".
وسلطان متحمس جدا للاستقبال الكبير الذي واجهه في كولونيا وعبر عن شكره المستمر للسلطات وللمدينة وللمتطوعين الذين قدموا لمساعدة اللاجئين. ويحمل سلطان خططا كبيرة لمستقبله في ألمانيا ويقول: أنا جئت إلى هنا لكي أتعلم وأدرس".
استقبال حار وإنترنت مجاني وطعام حلال
ويمكن للمرء أن يشاهد الفرح والبهجة والحماسة على وجوه أغلب اللاجئين، رغم المسافة الطويلة التي قضوها في القطار وقبلها في رحلة اللجوء وكونهم في بلد غريب. مدينة كولونيا وفرت من جانبها للاجئين الجدد إمكانية الحصول على الإنترنت مجاناً. وعن ذلك يقول المتحدث باسم المدينة غيورغ تيمر: "اللاجئون يحتاجون إلى عملية تواصل كبيرة، وهم يريدون التحدث مع أقاربهم وعائلاتهم".
والطعام الحلال متوفر للجميع في الخيم، بالإضافة إلى ذلك وضعت المدينة لوحات تعريفية بالعربية والإنكليزية والبشتو في المخيمات. ووفرت المدينة أيضا مصلى خاصاً يقع قرب محطة شحن الهواتف الذكية في المخيم، كما يضيف غيورغ تيمر.
ويستلم كل لاجئ طعاماً وشراباً مهيأ له. وخصصت قاعة لتوزيع الملابس على اللاجئين، وقد يستفيد منها خاصة الذين قدموا دون ملابس أو أمتعة إلى ألمانيا. ومخيمات اللاجئين في مطار كولونيا هي المحطة الأولى للاجئين في ولاية شمال الراين ويستفاليا، ومنها سيتم توزيعهم على 47 مركزا للاستقبال في الولاية.
شريفة لاجئة قدمت من مدينة غازني في وسط أفغانستان ويبدوعليها التعب من الرحلة الطويلة، لكنها لم تفقد ابتسامتها وفرحتها بوصولها إلى كولونيا، وتقول: "أنا سعيدة جدا بأن أكون هنا في هذا المكان". ولم تتمكن شريفة من البقاء في بلدها، وخاصة مع الصعوبات الكبيرة فيه والمشكلات التي تواجه المرأة بصورة خاصة وعدم التعامل العادل معها. ولا تحمل شريفة خططا واضحة للمستقبل وتضيف: "سيكون مستقبلي بكل الأحوال شيئاً إيجابياً". والكثير من الناس من أفغانستان أو العراق أو سوريا أو باكستان يحملون نفس التفكير ويقولون: "ما يهم الآن هو الخروج من البلد". لذلك لا يفكر الكثيرون منهم في هذا الوقت بكيفية قضاء حياتهم أو مستقبلهم في ألمانيا.
أما دلال البالغة من العمر 22 عاما، فتدرس الهندسة في جامعة بوخوم وهي متطوعة تشارك حوالي 150 متطوعا آخر في المكان لمساعدة اللاجئين. وتنتمي دلال لعائلة كردية سورية هرب والدها بسبب نظام الأسد. وهي تريد الآن مساعدة الناس في هذا المكان. وتقوم دلال بالترجمة ومساعدة اللاجئين وتعريفهم بالحياة في ألمانيا، وخاصة أن الكثير منهم يحمل تصورات بسيطة أو ساذجة حول الحياة في ألمانيا. وتقول دلال: "الكثير منهم يرسم حياة وردية هنا، وأنا أعرف ذلك من خلال محيطي الشخصي. والكثير من العائلات تعتقد أن السماء تمطر أموالا في ألمانيا. وأنا أحاول أن أوضح للناس أن الحياة هنا صعبة وليست بتلك السهولة التي يتوقعونها".
وبعد انتظار طويل دام أكثر من 26 ساعة في مطار كولونيا تريد دلال مواصلة مشوارها والذهاب إلى المحطة الرئيسية في كولونيا، لتقابل بعض أقاربها هناك ومن ثم الذهاب معهم ومساعدتهم في الترجمة في مبنى البلدية.