كتائب القذافي تسعى الى تأمين معبر على الحدود التونسية
٢٥ أغسطس ٢٠١١لئن سيطر الثوار الليبيون على باب العزيزية في طرابلس واخترقوا قلعة العقيد الليبي معمر القذافي التي أدار من ورائها حربا على مدى ستة اشهر، فإن الوضع في الحدود بين تونس و ليبيا ينذر بانه لم يحن الوقت بعد للحديث عن تحرر ليبيا من "نظام الطاغية „ حسب مقيمين ليبيين في تونس.
هناك تأهب عسكري تونسي و تعزيزات أمنية على قدم و ساق في محيط المعبر الحدودي راس جدير، حيث مازال علم ليبيا الأخضر يرفرف هناك على الجانب الليبي. هناك تنتشر كتائب القذافي التي يصفها أعوان الجمارك التونسية بأنها الأكثر حبا و ولاء للقذافي وهي مستعدة للموت وللدفاع عما تسيطر عليه من بلدات متاخمة لمعبر راس جدير على الحدود التونسية. ولذلك تم تسييج الشريط الحدودي بالأسلاك كما نشرت دبابات و مئات الجنود من الجيش التونسي تحسبا لأي طارئ.
حركة التنقل في كلا الاتجاهين من بوابة راس جدير ضعيفة. فليس هناك من أحد يدخل التراب الليبي. أما بالنسبة للقادمين من طرابلس فإن عدد الهاربين من الصراعات الدائرة في البلد يقتصر على ركاب بعض السيارات التي يمكن عدها على أصابع اليد.
مناخ الحزن والحيرة يخيمان على وجوه الركاب. وهم يفضلون الصمت حين تسألهم عن الأوضاع. وقد يصرح بعضهم عن حذر أن الأحوال طيبة و "الله و معمر و ليبيا و بس " دون الحديث بالتفصيل عن المعارك والأوضاع الصعبة. الخوف يسيطر عليهم بسبب سرعة تطورات الأوضاع وما يتدفق هنا وهناك من أخبار متناقضة ميدانيا وسياسيا. فهم لايعتقدون حتى الآن بأن نظام العقيد الليبي قد أتى على نهايته.
ويخبر عدد من القادمين من ليبيا أن المعارك مازالت مستمرة في المدن المحيطة شرقا بمعبر راس جدير الحدودي. كما تتحدث أخبار من مدن مصراتة و عجيلة التي لا تبعد عن البوابة الحدودية سوى بكيلومترات قليلة، عن اشتباكات عنيفة بين الثوار وأفراد كتائب القذافي الذين يودون تأمين السيطرة على المدن المجاورة للمعبر الحدودي مع تونس. كم كان الحديث عن معارك بين قوات القذافي والمعارضين في أبو كماش على مسافة 17 كيلومترا من الحدود التونسية.
ويرى عدد من الليبيين القادمين الى تونس أن الحرب في ليبيا لن تنتهي إلا بعد تحرير كل المدن والمناطق الواقعة بين الزاوية وبوابة رأس جدير مع تونس. كما يتوقع الثوار تقدما سريعا في المناطق الواقعة بين طرابلس ومصراتة وزليتن والخمس ومسلاتة وترهونة.
حركة النقل في مستوى الصفر بعد إغلاق المعبر
قبل أسبوع فقط كانت حركة التنقل قوية عبر معبرراس جدير حيث قام أفراد النظام بنقل سلع و مواد غذائية و أطنان من السلع عبرالحدود. ومنذ دخول الثوار مدينة طرابلس العاصمة الليبية تغير الأمر فنزلت حركة النقل الى الصفر. ويأتي ذلك مع قيام السلطات التونسية باغلاق
بوابة العبور من و إلى ليبيا تحسبا لأي تطورات في المستقبل القريب.
ورغم إعلان الثوار سيطرتهم على العاصمة طرابلس، فلازال مناخ القلق يسيطر على المدن الجنوبية في المناطق المتاخمةللحدودية التونسية خصوصا مع استمرار الغموض حول مصير القذافي وتواصل المواجهات المسلحة مع كتائبه في الطريق الرابط بين طرابلس و معبر راس جدير الحدودي.
وتتسم مواقف أعوان الجيش التونسي و أعوان الأمن التونسي على الحدود بالتريث والحذرعند الحديث عما لديهم من معلومات عن المناطق الحدودية بسبب ضبابية الأوضاع و تداخل الأحداث.
بل إنهم يرفضون التصريح عن أي خطة أو أي معلومات لكنهم متأكدون من أن ساعة الحسم لم تدق بعد "لا تصدقوا أحدا أيها الإعلاميون كل ما يقال كذب و بهتان و لا نعرف الحقيقة حتى الآن، الأمور متداخلة و الوضعية تستدعي الكثير من التريث و يكفى الثقة فيما تقدمه الجزيرة التي تلعب لعبة دنيئة"
محادثات لوقف المعارك أم مناورات للكتائب
المراقبون للمعلومات الواردة من البوابة الليبية في معبر راس جدير يقولون إن كتائب العقيد الليبي روجت معلومة تفيد بوجود إمكانية لتسليم البوابة بشكل سلمي. ويوازي ذلك ما صرح به أيضا مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع التونسية أعلن فيه عن محادثات تجري بين الكتائب والثوار بخصوص تسليم المعبر سلميا. غير أن بعض المقيمين قرب الحدود التونسية الليبية يعتقدون أن تلك الإتصالات تأتي فقط من قبيل المناورة حيث تحاول كتائب القذافي ترويج هذه المعلومات لجلب الثوار نحو المدن التي مازالت مدججة بكتائب العقيد الليبي معمر القذافي وبهدف الدخول في معارك عنيفة معهم والاحتفاظ بسيطرة النظام الليبي على المعبر.
و من هذا المنطلق يصبح الحديث عن تحرر ليبيا بالكامل من نظام القذافي من قبيل التسرع، فلئن تحررت الحدود الغربية من جهة مدينة ذهيبة من محافظة تطاوين، فإن الحدود الشرقية لازالت تحتاج لوقت أطول خصوصا مع الحديث عن وجود انشقاقات بين الثوار في موضوع السيطرة على المدن المتاخمة لمعبر راس جدير.
قبل أيام قليلة شدد القذافي من ضغوطاته على الثوار الليبيين من جهة الجبل الغربي القريبة من معبر ذهيبة الحدودي حتى يغلق الباب على وصول الإمدادات الغذائية و اللوجستية لللثوار الذين يسيطرون على مدن المنطقة.
غير أنه منذ دخول الثوار إلى مدينة مصراطة، أصبح معبر ذهيبة من أهم البوابات التي تمر منها الإمدادات للثوار حيث يصل عشرات الجرحى من الثوار إلى المعبر في سيارات إسعاف.
مبروكة خذير
مراجعة: عبدالحي العلمي