كريم حقي: "أداء المنتخب التونسي في بطولة أنغولا لا يتماشى مع تقاليد الكرة التونسية"
٦ فبراير ٢٠١٠دوتشه فيله: كيف تقيم المشاركة التونسية في بطولة أنغولا للأمم الإفريقية؟
كريم حقي: بصفتي قائد المنتخب التونسي لكرة القدم، لا يمكنني أن أكون راضيا على النتائج والمستوى الذي ظهر به منتخب بلادي في دورة أنغولا والذي لا يتماشي مع تقاليد الكرة التونسية ومكانتها في إفريقيا. كان بإمكاننا التأهل إلى أدوار متقدمة، لكن الظروف التي يمر بها المنتخب التونسي وخطة المدرب فوزي البنزرتي في الاستعانة بعناصر شابة فرضت علينا الذهاب إلى البطولة بتشكيلة فتية، بالفعل خرجنا من الدور الأول، إلا أن خروجنا هذا كانت له جوانب إيجابية تتمثل في اكتشاف عناصر شابة وواعدة لها مستوى فني متميز وأثبتت أنها قادرة في المستقبل على تحقيق نتائج ترقى إلى طموحات الشارع التونسي. أما السلبي منها فيتجلى طبعا في النتائج الهزيلة التي تكشف عن فترة الفراغ التي تعيشه الكرة التونسية حاليا.
أثار خروج المنتخب من الدور الأول مجموعة من الانتقادات الشديدة وهناك من ذكر أن "نسور قرطاج" ذهبوا إلى أنغولا لتسجيل الحضور فقط، فهل هذا صحيح؟
لا أريد التعليق على هذا الكلام.
مع ذلك أود التركيز على هذه النقطة. من ضمن هذه الانتقادات تلك التي وجهت إلى المدير الفني فوزي البنزرتي الذي فضل إبعاد اللاعبين ذوي الخبرة في البطولات الدولية وإشراك عناصر فتية تشارك في بطولة قارية لأول مرة، ألم تكن هذه الانتقادات محقة؟
هذا غير صحيح. الكرة التونسية تتواجد حاليا في مرحلة ما بين الجيلين. الجيل الأول غادر المنتخب والتحق به آخر. وبطبيعة الحال لا يمكننا أن نتوقع انجازات كبيرة في أول بطولة يخوضها هؤلاء اللاعبون الشباب، فذلك يستلزم وقتا كافيا ومجهودا كبيرا لتحضير وتأطير الوجوه الجديدة. من المحتمل أن لا تحظى تشكيلة البنزرتي برضى النقاد، لكن لا يوجد هناك لاعب كان يستحق اللعب في صفوف المنتخب ولم يُشركه المدرب.
معنى ذلك أن خيارات المدرب كانت مرتبطة بالإمكانيات المتوفرة؟
أعتقد ذلك. ربما كان هناك لاعبان افتقدنهما في تلك البطولة ولم يشاركا لأسباب أجهلها. لكن بشكل عام يمكن القول إن تشكيلة المنتخب كانت في إطار الممكن.
كريم حقي من اللاعبين الذين عايشوا المدرب الفرنسي روجيه لومار ثم المدرب الحالي فوزي البنزرتي، كيف يمكنك المقارنة بين الرجلين؟
في فترة السيد لومير حققنا انجازات كبيرة فزنا باللقب القاري 2004، وتأهلنا إلى مونديال ألمانيا 2006، كما أننا خضنا بطولة مميزة في كأس القارات 2006. في الحقيقة لا يمكننا المقارنة بين المدربين. في الفترة التي كان فيها لومير مدرب المنتخب، كانت الكرة التونسية مؤهلة لاستقطاب مدرب أجنبي بمستوى السيد لومير وقد نجح هذا الأخير بالفعل في مهمته. في حين أننا في الوقت الحاضر بحاجة ماسة إلى مدرب بإمكانيات فوزي البنزرتي الذي يفهم تماما العقلية التونسية ويجيد التعامل مع اللاعب التونسي.
أنغولا كانت أول محطة تقود فيها منتخب بلادك في بطولة من هذا الحجم، كيف تعاملت مع هكذا مسؤولية؟
هذا صحيح، كانت هذه أول مرة أقود فيها المنتخب في بطولة كهذه. لكن سبق لي أن قمت بذلك قبل أربع سنوات وكان عمري آنذاك 22 عاما. لم تنحسر مسؤولياتي على الملعب فقط وإنما كان عليَّ أيضا الاعتناء باللاعبين وبالجانب التنظيمي داخل الفريق حتى يستطيع المدرب التركيز على الأمور الفنية بهدوء.
والآن بعد درس أنغولا كيف تنظرون إلى المستقبل؟
نحن قمنا بالخطوة الأولى. والمستقبل الآن هو كأس إفريقيا 2012. يجب أن تتوفر كل الظروف الملائمة بما فيها تنظيم المباريات الودية، وإعداد معسكرات تدريبية استعدادا للبطولة القارية القادمة.
هل معنى ذلك أن "نسور قرطاج" يفتقدون إلى الظروف الملائمة لمباشرة مهامهم، كما ذكر بعض المحللين عندما تحدثوا عن غياب "الهيكلية السليمة" في الجامعة التونسية لكرة القدم (رابطة الأندية التونسية)؟
أنا كلاعب لا دخل لي في هذه الرابطة. ليس من اختصاصي أن أنتقد أو أن أقيم عملها. إنها "جامعة" عريقة وتضم أطرا لها مستوى رفيع في المجال التنظيمي. كل ما أتمناه هو أن يأخذ المنتخب وقته الكافي للاستعداد للدورة القادمة للبطولة الإفريقية للأمم في 2012. وأتمنى أن نقلل من التغييرات في الإطار الفني. السيد فوزي البنزرتي قادر تماما على القيام بالمهمة.
ننتقل إلى الدوري الألماني بوندسليغا، عندما عدت من أنغولا وجدت ميرو سلومكا مدربا جديدا لناديك، نادي هانوفر لكرة القدم. كيف دار اللقاء الأول بينكما؟
اتصل بي مسئولو النادي عندما كنت في أنغولا وأخبروني باستلام سلومكا مهام التدريب داخل الفريق. أنا كنت أعرفه من مباريات سابقة عندما كان مدربا لفريق شالكه، وأنا في صفوف نادي ليفركوزن. لقائي الأول به زاد من الإعجاب الكبير الذي أكنه له. إنه مدرب قدير، من صنف البوندسليغا وله خبرة وقدرة عالية لإخراج نادي هانوفر من الأزمة التي يعاني منها حاليا.
هل أفصح سلومكا عن خططه لإنقاذ هانوفر القابع في المركز السادس عشر في الترتيب العام؟
هدف سلومكا الأساسي إبقاء هانوفر ضمن فرق دوري الدرجة الأولى. وهذا يتطلب مجهودا كبيرا من قبل اللاعبين. وأتمنى أن نكون في أفضل الظروف الصحية خصوصا وأن الفريق عانى الأمرّين بسبب غياب بعض اللاعبين في دور الذهاب. لكن النادي ضم إليه بواسطة الإعارة كلا من لاعب خط الوسط إيلسون دي سلفا والمهاجم أرونا كونيه اللذين سيدعمان الفريق بكل تأكيد. وإن شاء الله سنوفق في هذه المهمة.
رغم ذلك لم ينجح سلومكا منذ قدومه إلى هانوفر في الفوز في أي من المبارتين اللتين خاضهما إلى غاية اللحظة؟
نفتقد لنقاط قليلة للبقاء في دوري الدرجة الأولى. ونحن قادرون في أي وقت على إحرازها. نعم إنها مهمة صعبة، لكن في بوندسليغا كل شيء ممكن، وهذا هو ما يميز هذا الدوري المثير. مهما يكن اسم الفريق أو ترتيبه على القائمة فهو قادر على هزم أي فريق آخر. هناك عقلية الانتصار التي تسيطر بشكل كبير على أندية الدوري الألماني.
من أحد الأسباب الجوهرية التي كانت وراء تدني مستوى فريق هانوفر هذا الموسم حادثة انتحار حارس المرمى روبرت أنكه. هل لازال هذا الحادث المفجع يؤثر على نفسية اللاعبين؟
كانت ظروف صعبة، صعبة جدا. في دور الذهاب كان تفكير الفريق برمته منصب على حادث وفاة روبرت. لكن الأمور تحسنت نسبيا بعد العطلة الشتوية.
كيف عايشت أنت شخصيا تلك الفترة؟
كنت وقتها في تونس للمشاركة في تدريبات المنتخب التونسي. وكان يوم ثلاثاء حين تلقيت اتصالا هاتفيا من قبل بعض الأصدقاء في هانوفر. أخبرني فيه بوفاة روبرت دون أن يفصح عن أمر انتحاره. لم أصدق الأمر. خصوصا وأننا لعبنا سويا قبلها بيومين ضد هامبورغ. بعد ذلك اكتشفت عبر الصحافة أن روبرت مات منتحرا. أصبت بالصدمة وكانت فترة عصيبة جدا بالنسبة لي ولجميع اللاعبين. نحن كأسرة واحدة، وأقضي مع زملائي في الفريق أكثر مما أقضيه مع عائلتي في تونس التي لا أستطيع زيارتها إلا مرة أو مرتين في السنة.
وهل استطعت التأقلم في نادي هانوفر بعد السنوات الثلاث التي قضيتها في نادي ليفركوزن؟
قبل أن ألتحق بصفوف هانوفر كان هدفي الأساسي اللعب المتواصل وهذا ما استطعت تحقيقه في هذا النادي، إذ إنني أصبحت من أكثر اللاعبين الذي شاركوا في مباريات هذا الموسم إلى غاية اللحظة.
هل هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلك تغادر نادي ليفركوزن؟
في السنة الأخيرة التي قضيتها في ليفركوزن، واجهت ظروفا صعبة بسبب العملية الجراحية التي قمت بها بالإضافة إلى المنافسة الشديدة بين اللاعبين. والإشكال الذي حدث بيني وبين المدرب برونو لاباديا. كل هذه العوامل أدت بي إلى ترك الفريق لأجرب حظي في مكان آخر.
ليفركوزن كان أول محطة لك في ألمانيا، كيف قضيتها؟
كانت من أفضل الفترات التي قضيتها في مسيرتي الكروية. استفدت الكثير. تعلمت ما معنى الاحتراف في عالم كرة القدم. كما أنني اكتشفت هناك متعة ممارسة رياضة كرة القدم. كما أننا حققنا انتصارات. بالطبع واجهنا فترات صعبة لكنها إجمالا كانت فترة مميزة جدا بالنسبة لي.
بعد تجربتك في البوندسليغا، كيف ترى التطورات التي بدأت تظهر على هذا الدوري في السنوات الأخيرة؟
يعد الدوري الألماني من أفضل البطولات الأوروبية لأنه يتميز بعقلية الانتصار التي تسيطر على أندية البوندسليغا. لا يدخل أي فريق إلى المباراة إلا ليفوز وهناك سبع فرق كبرى قادرة جميعها على انتزاع اللقب. ومثل هذه القناعات لا تجدها مثلا في الدوري الفرنسي. بشكل عام الألماني له عقلية انتصار ويدخل إلى الميدان ليفوز، وهذا هو السبب الذي يجعل المنتخب الألماني دائما يتأهل في البطولات الدولية إلى الأدوار النهائية رغم أنه ليس الفريق المميز فنيا.
وفي هذا الإطار من هو اللاعب الذي يجسد هذه العقلية ويمكن وصفه باللاعب الألماني الصرف؟
لاعب خط وسط ليفركوزن سيمون رولفس. أتذكر عندما لعبنا ضد فريق أوساسونا الإسباني في ربع نهائي كأس أوروبا وانهزمنا في مباراة الذهاب على أرضنا بثلاثة أهداف من دون رد -ما يعني أنه كان يتوجب علينا تسجيل أربعة أهداف في إسبانيا-، كان رولفس يصرخ ويقول أنه علينا تسجيل هدفين في الدقائق العشر الأولى من عمر المباراة. وهذا ما أعني به عقلية الانتصار.
للأسف رولفس تعرض لعملية جراحية ومن المرجح أنه سيغيب عن تشكيلة المنتخب الألماني في مونديال جنوب إفريقيا، في نظرك من يستطيع تعويضه؟
أولا أتمنى أن يتحسن وضع رولفس الصحي ليستطيع المشاركة في المونديال. هناك العديد من الأسماء التي من الممكن أن تعوضه كلاعب الفريق البافاري باستيان شفاينشتايغر، أو هيتسلسبيرغا الذي انضم حديثا إلى فريق لاسيو روما لكن في الحقيقة من الصعب إيجاد بديل له، لأنه لاعب مؤثر بشكل كبير.
أجرت الحوار: وفاق بنكيران
مراجعة: هشام العدم