لماذا غدت الولايات المتحدة البؤرة الجديدة لكورونا عالمياً؟
٢٨ مارس ٢٠٢٠انتقلت الولايات المتحدة من رصد أول إصابة بفيروس كورونا المستجد على أراضيها في نهاية كانون الثاني/يناير 2020 إلى إعلان حصيلة رسمية الجمعة تفوق مئة ألف إصابة حسب آخر إحصاء اليوم السبت (28 آذار/مارس 2020) ما يجعل هذا البلد يحتل المرتبة الأولى في العالم في عدد الإصابات بجائحة كوفيد-19، علماً أن نسبة الوفيات (1600 شخص) لا تزال منخفضة في البلد مقارنة بدول أخرى. وباتت ولاية نيويورك بؤرة الوباء في الولايات المتحدة مع تسجيل حوالى 45 ألف إصابة وأكثر من 500 وفاة حتى الجمعة، وهي أرقام تشهد تطوراً سريعاً.
وتتوقع كلية الطب في جامعة واشنطن إذا ما استمر المسار الحالي، أن يتم تسجيل ذروة في انتشار الوباء قرابة منتصف نيسان/أبريل، على أن يصل عدد الوفيات إلى حوالي 80 ألفاً كمعدل وسطي اعتباراً من حزيران/يونيو. ويشير النموذج الذي وضعته الكلية إلى أن هذا العدد سيتراوح بين 38 ألف وفاة كحد أدنى و162 ألفا كحد أقصى.
ترامب والنظام السياسي؟
في بداية أزمة انتشار الوباء، اتُّهم الرئيس دونالد ترامب بالتقليل من خطورتها، بتأكيده خلافاً لرأي مسؤولي الصحة أن انتشار الفيروس محلياً ليس أمراً "محتوماً". ومع توالي الإصابات، بدا البلد عاجزاً عن رصد الأشخاص الذين كانوا على تواصل مع المصابين بشكل فعال لعدم توافر فحوص على نطاق واسع لكشف الإصابات بالفيروس.
ورفضت الحكومة في بادئ الأمر رفع بعض القيود للسماح للولايات بتطوير فحوصها بنفسها، ما زاد من التأخير في مواجهة الأوضاع. كما أرسلت مراكز مكافحة الأمراض فحوصا غير صالحة إلى الولايات، ما زاد من التأخير، ولم ترفع الحكومة القيود المفروضة إلا في 29 شباط/فبراير، يوم حصول أول وفاة في الولايات المتحدة، وبعد أكثر من شهر على رصد أول إصابة.
ويقول غابور كيلن مدير قسم طب الطوارئ في جامعة جون هوبكينز لوكالة فرانس برس: "لو تمكنا من الوصول إلى رصد الذين تواصلوا مع الأشخاص المصابين، لكنا ربما عثرنا على المزيد من الحالات بشكل سريع، وعزلنا مواقع الانتشار الكبير".
وسعى المسؤولون الأميركيون للدفاع عن أنفسهم فرددوا أن الفحوص التي طورتها كوريا الجنوبية،البلد النموذجي على صعيد استراتيجية الرصد الجماعي للإصابات، كانت تعطي أحياناً نتائج إيجابية بالخطأ. لكن غابور كيلن يرد: "الأمر الذي أعلّمه لتلاميذي في الطب: أي شيء أفضل من لا شيء، وكلما كان الوقت أبكر كان الأمر مجدياً أكثر".
وقال أستاذ الصحة العامة في جامعة هارفرد توماس تساي لفرانس برس إن "الولايات المتحدة ليست مجموعة موحدة، فهناك خمسون ولاية مع تحركات مختلفة قررها الحكام وإدارات الصحة العامة المحلية"، مضيفاً: "نحن بحاجة إلى مجهود وطني حقيقي بالتنسيق"، محذراً من أن الاستمرار في "ردود متباينة" بين الولايات تستهدف حركة الأشخاص قد تجعل ولايات جديدة تشهد انتشارا للوباء شبيها بما يحصل في نيويورك.
والحل؟
بدأت الولايات المتحدة فرض الحجر المنزلي اعتباراً من بعد ظهر الجمعة على أكثر من 60% من الأميركيين، ما يعني أن حوالي 30% من أصل تعداد إجمالي قدره 330 مليون نسمة غير خاضعين لهذا التدبير.
يتفق الجميع على نقطة واحدة وهي أن تدابير الابتعاد الاجتماعي ضرورية للاستمرار في "خفض مسار" انتشار الوباء، أي إبطاء عدد الإصابات الجديدة وسرعة تسجيلها لتفادي قدر الإمكان استنفاد طاقات المستشفيات كما يحصل في نيويورك.
وما يبعث على الأمل هو أن معدل الوفيات الوطني المستند إلى عدد الإصابات المثبتة يبقى في الوقت الحاضر متدنياً نسبياً، بمستوى 1,5% بالمقارنة مع 7,7% في إسبانيا و10% في إيطاليا.
لكن هذه النسبة لا تطمئنن، إذ قال خبير علم الأوبئة في جامعة تورونتو ديفيد فيسمان لفرانس برس إن نسبة الوفيات "ستزداد لأن الأمر يستغرق وقتا حتى تحصل وفيات. أتوقع أن تكون الولايات المتحدة على أبواب وباء كارثي بالمطلق".
ومن المحتمل من وجهة نظر علمية أن يتحول الفيروس مع الوقت إلى شكل أقل فتكاً، برأي غابور كيلن، كما أن الحر والرطوبة قد يبطئان انتشاره.
إ.ع/خ.س (أ ف ب)