لهذه الأسباب تفتح بعض المدن الألمانية أبوابها للاجئين
٢٠ أغسطس ٢٠١٨وسط النقاش الدائر في ألمانيا لمكافحة العنصرية تجاه المهاجرين والناس ذوي الأصول المهاجرة، تكافح بعض المدن الألمانية لاستقبال المزيد من اللاجئين الذين تم إنقاذهم من الغرق في البحر.
ورغم أن بعض المدن الألمانية ترفض استقبال المزيد من اللاجئين، فإن مدناً أخرى تطلب من الحكومة الألمانية إرسال المزيد من اللاجئين إليها، رغم بعض الضغوطات التي تتعرض لها، من أعداد اللاجئين فيها مسبقاً، وحتى بعض التهديدات لإداراتها من قبل اليمين الشعبوي.
فقد وجه ثلاث عمد لمدن ألمانية شهيرة، وهي كولونيا وبون ودوسلدورف، رسالة مشتركة للمستشارة أنغيلا ميركل عرضوا فيها استعداد مدنهم لاستقبال المزيد من اللاجئين الذين يتم انتشالهم عبر عمليات إنقاذ في البحر المتوسط بعد أن غرقت مراكبهم وباتوا مهددين بالغرق.
وطالب عمد المدن الثلاث، هنريته ريكير عن كولونيا وتوماس غايزل عن دوسلدورف وآشوك سريدهاران عن مدينة بون، بضرورة استمرار عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط للمهاجرين المهددين بالغرق وذلك لأسباب إنسانية.
تهديدات علنية بالقتل!
وقال العمد الثلاث في الرسالة المشتركة الموجهة إلى المستشارة ميركل "نسعى بخطوتنا هذه إلى وضع إشارة من أجل الإنسانية ومن أجل الحق في الحصول على اللجوء ومن أجل دمج اللاجئين في المجتمع"، وفقاً لصحيفة "كولنر شتات انتسايغر".
وحول ردود الفعل على مبادرة المدن الثلاث لاستقبال اللاجئين، قال عمدة دوسلدورف توماس غايزل إنهم تلقوا العديد من رسائل الإشادة من قبل بعض المواطنين، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه تلقّى رسائل تهديد من قبل بعض "الأصوات العنصرية".
وقال غايزل في حوار مع مجلة "فورفيرتس" التي يصدرها الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه: "للأسف، كانت هناك أيضاً أصوات عنصرية وحتى تهديدات علنية بالقتل، ما جعل مكتبي يقوم بتحويل تلك الرسائل إلى أمن الدولة".
مدن أغلقت أبوابها
وتأتي مبادرة المدن الثلاث في وقت تمتنع فيه بعض المدن الأخرى عن استقبال المزيد من اللاجئين، كما لا تزال مدن أخرى تطالب بوضع حد أقصى لأعداد اللاجئين فيها.
ففي شباط/فبراير الماضي أعلن عمدة مدينة فرايبيرغ في ولاية ساكسونيا الألمانية أن مدينته لن تستقبل مزيداً من اللاجئين خلال السنوات المقبلة، وذلك على خطى أربع مدن ألمانية أخرى.
فمدينة كوتبوس، ثاني أكبر مدينة في ولاية براندنبورغ، أعلنت في بداية العام الحالي أنها لن تستقبل المزيد من طالبي اللجوء، وذلك بعد مواجهات متواصلة بين ألمان من اليمين المتطرف ولاجئين.
وكانت ثلاث مدن ألمانية أخرى قد سبقت كوتبوس في ذلك، حيث قررت بلديات كل من زالتسغيتر وفيلهيلمسهافن و ديلمنهورست في ساكسونيا السفلى عدم قبول المزيد من اللاجئين.
ازدياد عدد اللاجئين
وتعددت الأسباب التي ذكرتها المدن الخمس، تبريراً على إغلاق أبوابها أمام اللاجئين، ففي فرايبيرغ مثلاً، دعا العمدة سفين كروغر الولاية لعدم إرسال المزيد من اللاجئين إلى مدينته، وذلك بسبب "وجود عدد كبير من اللاجئين وعدم توفر عدد كاف من المدارس ورياض الأطفال".
أما عمدة زالتسغيتر فرانك كلينغابيل فقد قال إن قرارهم جاء بسبب ازدياد عدد اللاجئين في المدينة، مؤكداً أن عدداً كبيراً من اللاجئين في الولاية كانوا يتوجهون للمدينة بسبب الأسعار المناسبة للسكن فيها. ويعيش في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف، الآن حوالي 5700 لاجئ.
وفي حالة كوتبوس فقد جاء الامتناع عن استقبال طالبي اللجوء بعد عدة أعمال عنف شهدتها المدينة بين متطرفين ألمان ولاجئين. وقال عمدة المدينة هولغر كيلش إنهم يعلمون أن عدم استقبال المزيد من اللاجئين ليس حلاً للمشكلة، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنه قد يكون عاملاً مساعداً في ذلك. وكان عدد اللاجئين في المدينة التي تحوي حوالي 100 ألف نسمة، قد تضاعف من 4.5 بالمئة إلى 8.5 بالمئة خلال العامين الماضيين.
أما في كل من المدن الثلاث التي عرضت استقبال المزيد من اللاجئين (كولونيا وبون ودوسلدورف) فلا تزيد نسبة اللاجئين عن 1 بالمئة، ففي كولونيا التي يزيد عدد سكانها على المليون نسمة، لا يتجاوز عدد اللاجئين 10 آلاف. وفي دوسلدورف التي يزيد عدد سكانها على 600 ألف نسمة بلغ عدد اللاجئين في نهاية العام الماضي حوالي 5700 لاجئ، وفي بون التي يزيد عدد سكانها عن 300 ألف شخص يبلغ عدد اللاجئين حوالي 2100 لاجئ، وذلك بحسب المواقع الرسمية للمدن الثلاث.
وبالرغم من تنامي تيار اليمين المتطرف الذي يؤثر بشكل أو بآخر على الجو العام المرحب باللاجئين في ألمانيا، إلا أن الأرقام تظهر أن هنالك أسباباً موضوعية أيضاً للتباين بين مواقف المدن التي تسعى لاحتضان اللاجئين وبين التي أغلقت أبوابها بوجوههم.