ليبيا تغرق في الفوضى والغرب يتفرج!
٢٩ يوليو ٢٠١٤تغطي غيمة من الدخان الأسود سماء العاصمة الليبية طرابلس. مصدرها الحريق الهائل الذي شب في خزان للوقود في مستودع كبير بالقرب من المطار. رجال الإطفاء فقدوا السيطرة على الحريق الذي نشب في المستودع الواقع على طريق المطار في العاصمة الليبية طرابلس بسبب الاشتباكات الدائرة بالمنطقة منذ أسابيع. والحريق وصل إلى خزان آخر. والوضع ينذر بكارثة إنسانية. فالخزان المحترق يحتوي على تسعين مليون لتر من البنزين. كما أن هناك خزان للغاز يمكن أن ينفجر بأي لحظة أيضا. الحكومة أعلنت عن عجزها السيطرة على الوضع وعلى الحريق وطلبت المساعدة الخارجية لإخماد الحريق باستخدام طائرات الإطفاء.
اندلعت المعارك في محيط المطار في 13 تموز/ يوليو بعد هجوم شنه مقاتلون إسلاميون وثوار سابقون من مدينة مصراتة (200 كلم إلى شرق طرابلس) يحاولون طرد رفاق السلاح سابقا الذين جاؤوا من الزنتان في إطار صراع من أجل ترسيخ نفوذ سياسي ومناطقي. وثوار الزنتان (170 كلم إلى جنوب غرب طرابلس) السابقون الذين يعتبرون الذراع المسلحة للتيار الليبرالي، يسيطرون على مطار طرابلس وعدة مواقع عسكرية ومدنية أخرى في جنوب العاصمة الليبية.
أما في بنغازي فقد قتل 36 شخصا على الأقل بينهم الكثير من المدنيين في اشتباكات بين القوات الخاصة الليبية وإسلاميين متشددين ليلة السبت وصباح الأحد.
انهيار دولة
سقطت ليبيا خلال الأسبوعين الماضيين فريسة لأسوأ أعمال عنف فيها منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي مما دفع الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى إجلاء دبلوماسييها عن طريق البر إلى تونس مصحوبة بحماية طائرات F-16. كما سحبت ألمانيا ودول أوروبية أخرى دبلوماسيها.
اندرياس ديتمان خبير الشؤون الليبية في جماعة كيسن، يرى أن الوضع خطير جدا، فسحب الدول الغربية لدبلوماسييها من طرابلس يشير إلى أن الغرب فقد الأمل بأي تطور ايجابي في ليبيا. "ليبيا تغرق في الفوضى". فالدولة لا يمكنها الحفاظ على أمنها الداخلي ولا حدودها الخارجية، وهي من الواجبات الأساسية لبقاء أي دولة على قيد الحياة. "التطورات الحالية تشير إلى أن ليبيا بلد ضعيف، وفي طريقه إلى الانهيار". يرى ديتمان.
دعمت الولايات المتحدة وبعض دول الناتو الثوار خلال عملية إسقاط معمر القذافي عام 2011. ومنذ ذلك الحين تركت ليبيا لمصيرها، حسبما يرى روبن رايت من مركز ويلسون للدراسات في واشنطن. وينتقد رايت الموقف الغربي، موضحا أن "الحكومة المركزية في ليبيا ضعفت إلى درجة لا تمكنها من الحفاظ على مطار العاصمة، فكيف الحال إذن مع باقي أراضي ليبيا الشاسعة".
" القوى الغربية أخطأت كثيرا"، يقول ديتمان. ويضيف: ولم تطبق القرارات التي أريد بها أعادة بناء ليبيا. "فالفرص الحقيقية لبناء دولة ديمقراطية في ليبيا قد ضاعت". ولعل نتائج الانتخابات الأخيرة في الخامس والعشرين من حزيران/ يونيو 2014، التي أظهرت تغييرا في موازين القوى السياسية لصالح الليبراليين قد أشعلت القتال الحالي في ليبيا.
قوات حفظ سلام في ليبيا؟
وكان من المفروض أن تترك الميليشيات التي ساهمت في إسقاط القذافي سلاحها بعد رحيله. لكنها بقيت محتفظة به. بل أن حمل السلاح أصبح هو الضمان للاحتفاظ بالقوة والسلطة في ليبيا. حسب رأي ديتمان.
فما العمل إذن؟ يرى ديتمان طريقا وحيدا لإنقاذ الموقف في ليبيا يتمثل في نزع سلاح الميليشيات المتقاتلة. إذ يعتقد أن طلب الحكومة الليبية الأخير بتدخل قوات القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة لم يكن من دون مبرر. لكن احتمال تدخل قوى حفظ السلام في ليبيا غير وارد في الوقت الراهن. إذ لا توجد دولة على استعداد لنشر قوات حفظ سلام تابعة لها على الأراضي الليبية. كما أن الصراع بين روسيا والغرب في أوكرانيا لن يدفع بموسكو بكل تأكيد لمنح الضوء الأخضر في مجلس الأمن للتدخل.