متحف التاريخ الألماني: وطنية ألمانية دون استحواذ الأيدولوجيا
٩ يونيو ٢٠٠٦في احتفال مهيب وسط العاصمة الألمانية برلين تم افتتاح المعرض الدائم للتاريخ الألماني الذي يبرز الفترات المختلفة والفاصلة من التاريخ الألماني في شتي مراحل تطوره، المضيئة منها والمظلمة على حد سواء. ويفترض، كما أوضح مدير المتحف هانز اوتوميار، أن يكون هذا المتحف مختلفا عن أي متحف آخر من حيث التنظيم و الترتيب، لأنه يقدم للزائرين ممرا عبر التاريخ بعيدا عن أي ترتيب زمني أو موضوعي أو إختزال في نطاق حقبة معينة، بل يعطي للزائر فرصة التعرف على التاريخ الألماني المتشابك، الذي نما من خلاله الشعب الألماني و تعرض إلى تغيرات كبيرة و ذلك في من خلال بانوراما عرض تاريخية كبيرة.
كما يري هانز اوتوماير أن المتاحف هي بمثابة "وجوه لذاكرة أوروبا المتعددة وهي ما عادت تلعب دورها المحدود الذي لعبته في القرن التاسع عشر الذي يعكس ظل الوطنية الهزيل، بل علي العكس من هذا تماما، حيث أن هذا المتحف قد تم ربطه بمضمون التاريخ الأوروبي بسلبياته و إيجابياته وحكم المختصين المعاصرين لها". كما يعقب اوتوماير علي حديثه بقوله: "إن للتاريخ رواج ونحن نحتاج التاريخ حتى لا نضل الطريق في عالم كثر فيه الجدل لكي نصل إلي تطور باقي الأثر. إن تاريخ العالم ليس وليد الصدفة وما مضى لا نستطيع تغييره لكن ما نستطيع تغييره هو صورة التاريخ".
بانوراما تاريخية ضخمة
تحت سقف واحد وعلي مساحة تصل إلي 8000 متر مربع في المبني التاريخي لمبني الترسانة الحربية في برلين تم جمع عدد ضخم من المعروضات المختلفة كالألواح الفنية والمخطوطات وأدوات العمل للحرف المختلفة وإعلانات الحائط في إطار تاريخي يعكس مدى تنوع هذه العناصر وتطورها عبر فترات التاريخ المختلفة وهي فترات تاريخية طويلة تصل إلي أكثر من ألفي عام بداية من العصر الروماني و حتى سقوط حائط برلين و ألمانيا الموحدة. وعلقت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عند زيارتها الرسمية للمتحف يوم الجمعة الماضي على أهمية ورسالة المتحف قائلة: "الذكريات في ألمانيا مقسمة بين ما كان موجودا منذ وقت قصير ألا وهو ألمانيا الشرقية والغربية. ينبغي علي هذا المتحف أن يربط و يوحد الذكريات المقسمة في نسيج واحد مترابط".
المبني المخصص للمتحف التاريخي الألماني مكون من دورين، الدور العلوي يبرز بانوراما للتاريخ الألماني في العصور الوسطي و التاريخ الحديث المبكر ليس في ظل الأحداث السياسية في هذا الوقت فحسب بل يربطها بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، بينما يتناول الطابق الأرضي التاريخ الألماني من 1918 وحتى 1989 وهي فترة شهدت أحداث جسيمة و ضخمة ليس في تاريخ ألمانيا، و لكن في تاريخ العالم ككل. ولعل السؤال الذي يتبادر في الأذهان هل يمكن حقيقا فصل التاريخ عن السياسة، الجواب تفرضه عوامل عديدة متشابكة و معقدة.