مخاوف أوروبا من دوامة العقوبات الاقتصادية على روسيا
٢٨ مارس ٢٠١٤في جولته الأوروبية واجتماعه مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في أمستردام أكد باراك أوباما على أن الولايات المتحدة وأوروبا "متحدون لجعل روسيا تدفع الثمن جراء ما قامت به في أوكرانيا حتى الآن". وهدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بفرض المزيد من العقوبات على روسيابسبب ما وصفه بـ"التدخل الروسي في أوكرانيا"، مشيراً إلى أن زيادة العقوبات الغربية على روسيا سيكون لها أثراً ضخماً على الاقتصاد الروسي.
لكن في المقابل فإن موقف دول الاتحاد الأوروبي لايزال غير واضح بشأن تصعيد العقوبات الاقتصادية على الحكومة الروسية، فالعقوبات الاقتصادية يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على اقتصادها الذي يرتبط بشكل وثيق مع روسيا على عكس الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يدفع الأوروبيون للتحفظ قليلا بشأن فرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا.
تجميد الاستثمارات
الشركات الألمانية أيضاً تخشى من الخسائر الباهظة التي من الممكن أن تنجم عن تشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا، وهو ما يظهر جليا في تصريحات بعض رؤساء الشركات الألمانية الكبرى. في تصريحه لصحيفة "أوتوموبيل فوخه" أشار كارل توماس نويمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبل إلى الأعباء التي تواجه الشركة بسبب سعر صرف الروبل، فبحلول عام 2020 ستكون روسيا هي أكبر سوق للسيارات في أوروبا، وتحقيق ذلك سيواجه الكثير من العقبات.
كذلك حذر مارتن زوننشاين مستشار شركة "أيه تي كيرني" والمسؤول عن أوروبا الوسطى من خطورة النقاش الدائر بشأن تشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا معتبراً أنه "لعب بالنار"، فهو يرى أن هذه العقوبات ستكون "كارثة على الاقتصاد الألماني"، مشيرا إلى أن الاستثمارت الألمانية في روسيا معرضة للكثير من المخاطر.
بعض الشركات الألمانية العاملة في الأسواق الروسية جمدت استثماراتها في روسيا حسبما ما أكد فولكر تراير نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية مضيفا: "إن رؤوس الأموالتخرج حاليا من روسيا حيث قامت بعض الشركات بتجميد جزئي لأنشطتهافي حين قامت شركات أخرى بتجميد كلي لاستثماراتها في الأسواق الروسية". وعلىصعيد تعامل القطاع المالي الألماني مع الأزمة ذكر تراير أن البنوكالألمانية تعتبر التعاون المالي مع روسيا نشاطا محفوفا بالمخاطر، الأمر الذي يدفعها إلى منح قروض استثمارية أقل.
مخاوف مبالغ فيها؟
ويشير نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية إلى عواقب أخرى محتملة للعقوبات الاقتصادية على روسيا من الممكن أن تقع ألمانيا في مواجهة مخاطرها، إذ ترتبط كل ثالث وظيفة في ألمانيا بعمليات التصدير، ما يعني أن العقوبات ستؤثر على 400 ألف وظيفة في ألمانيا.
لكن الخبير المالي يورغن فيستر يؤكد في حديثه مع DWعلى أن التبادل التجاري بين ألمانيا وروسيا منخفض جدا، موضحاً أن العقوبات الاقتصادية قد تؤثر على بعض الشركات الخاصة، إلا أن الاقتصاد الكلي في رأيه لن يكون مهددا بشكل كبير.
يذكر أن روسيا تساهم بنسبة 3.8 بالمائة فقط من إجمالي الصادرات الألمانية، بينما تقدر نسبة الاستثمارات الأجنبية بنسبة 1.8 بالمائة.
تعادل سلبي للطرفين
وعلى صعيد آخر يرى الخبير المالي يورغن فيستر أن فرض قيود على العلاقات التجارية الروسية مع الغرب سيهدد الاقتصاد الروسي أيضا، موضحاً: "إن جميع عائدات التصدير الروسية تعتمد بشكل أساسي على المبيعات للغرب، وتعرضها للخطر سيؤثر سلبا على الانتعاش الاقتصادي الروسي الذي يشهد مؤخرا تدهورا شديدا".
لذلك يرى غونتر أوتينغر مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي أن الأزمة الأوكرانية لن تؤثر على إمدادت الغاز الروسي إلى أوروبا، ففي حواره مع صحفية "فيرتشافت فوخه" ذكر أوتينجر أن "قطع روسيا للغاز لا يخدم مصلحتها" مشيرا إلى اهتمام روسيا بإيرادات المبيعات اليومية لشركة غاز بروم الروسية. وإلى جانب عائدات الغاز، يرى أوتينغر أن روسيا بحاجة أيضاً إلى استثمارات من أوروبا، مثل إنشاء مصانع للسيارات الألمانية لديها على سبيل المثال.
تصعيد التهديدات لن يعود بالنفع على أي طرف، لذلك يناشد خبراء المال جميع الأطراف تخفيف حدة التوتر، إذ يرى الخبير المالي فيستر ضرورة امتناع الغرب عن تشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا، إذا ما اكتفت بضم شبه جزيرة القرم بدون التدخل في الشأن الأوكراني، وذلك سعيا للحد من تفاقم الأزمة.