مخاوف من هجوم أمريكي على إيران على غرار عراق صدام
٢٠ أبريل ٢٠٠٦يبدو أن أزمة الملف النووي الإيراني قد دخلت حلقة تصعيد جديدة مع بدء الولايات المتحدة الحديث عن عدم ضرورة حصولها على الضوء الأخضر من مجلس الأمن الدولي في حال أقدامها على عمل عسكري ضد إيران. وجاء هذا التصريح، الذي يذكر بالخطاب الإعلامي لإدارة الأمريكية في فترة الاستعداد للحرب على العراق، بعد أن فشلت القوى العظمى في اجتماعها يومي الثلاثاء والأربعاء في موسكو في التوصل إلى اتفاق حول عقوبات محتملة لإيران التي تحدت الأسرة الدولية ليس لعدم انصياعها للمطالب الدولية بوقف نشاطاتها النووية فحسب، بل ولإقدامها على تكثيف برنامجها النووي كذلك من خلال إعلانها أخيراً عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم. وكما هو متوقع انعكست تأثيرات التصعيد الجديد من كلا الجانبين على أسعار النفط أولا ولكنها بدأت تلقي بظلالها على مستقبل وتوازن القوى في المنطقة أيضاً.
اجتماعات موسكو
في محاولات أخيرة لإقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي عقدت القوى العظمى، إضافة إلى ألمانيا اجتماعات في العاصمة الروسية على مدى يومين. لكن هذه الاجتماعات انتهت بغير ما تشتهي به سفن الترويكا الأوروبية، التي إكتفت بتجديد دعوتها لإيران إلى وقف نشاطات تخصيب اليورانيوم من دون التوصل إلى تحقيق أي تفاهم. ومن جهة أخرى أتى الوفد الإيراني بمفاجأة جديدة لدبلوماسيي الترويكا الأوروبية مفادها إن إيران تعتزم تشغيل أجهزة طرد مركزية جديدة في سلسلتين تظم كل منهما 164 جهازاً من نوع بي-1 من أجل تخصيب اليورانيوم. الوفد الإيراني لم يكتفي بهذه المفاجأة فحسب، بل انه دعا أوروبا إلى "مواكبة" برنامجها النووي. كما قال ممثلو الترويكا الأوروبية أنها لم تجد شيئاً جديداً في الموقف الإيراني، ولكنها حذرت طهران من إجراءات من شأنها أن تزيد من عزلتها دولياً.
واشنطن تريد "الدفاع عن النفس"
لا تزال واشنطن تلح على موسكو من أجل وقف تعاون الأخيرة في المجال النووي مع إيران، وترى إن الرفض الروسي الصيني سيكون احد العوامل المؤثرة على قمة مجموعة الثمانية التي ستعقد في تموز/يوليو المقبل في روسيا. ولكن واشنطن لم تكتف بالدعوات لمنع التعاون مع إيران وفرض عقوبات عليها، بل أصبحت تتحدث عن حقها الطبيعي في "الدفاع عن نفسها" من خلال استخدامها لكافة الوسائل "لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية". ورغم أملها في التوصل إلى حل دبلوماسي لم تستبعد وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يوم أمس الأربعاء أي تدخل عسكري أمريكي ضد إيران. وتأتي هذه التصريحات في وقت بدأت فيه الصحافة الأمريكية الحديث عن ضربات عسكرية محتملة لإيران. لذلك أضحى المشهد الإيراني الآن يذكر بقوة بسيناريو الحرب على العراق، فواشنطن ترى أن"حق الدفاع عن النفس لا يتطلب قراراً من مجلس الأمن"، كما جاء على لسان رايس. ورغم عدم وضوح لغة الدبلوماسية الأمريكية في نيتها الحقيقية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، إلا أن الكثير من الخبراء يؤمنون بنية الولايات المتحدة الجادة في قيامها بعمل عسكري ضد طهران. وعن الخطط الأمريكية المتعلقة بهذا الصدد يقول بهرز خوسروزاده، أستاذ العلوم السياسية في جامعة غوتنغن الذي ينحدر من أصول إيرانية: "السلم العالمي بعد الحرب الباردة لم يكن مهدداً مثل الآن". ومن جهة أخرى يرى كارل-هاينتس كامب، منسق السياسة الأمنية في مؤسسة كونراد ادناور الألمانية انه لا توجد إشارات لشن حرب على إيران "على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والدعائية".
روسيا حرة في الاختيار
من جهة أخرى ترى روسيا، التي ترفض مع الصين فرض أي عقوبات على طهران، أنها لا تستطيع بعد تحديد موقفها من البرنامج النووي الإيراني قبل صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم النداءات التي وجهها يوم أمس الأربعاء مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية إلى موسكو لوقف تعاونها النووي مع إيران بما في ذلك في محطة بوشهر التي يبنيها الروس في جنوب طهران، إلا أن موسكو ترى أن هذه المحطة لا تهدد نظام منع الأسلحة الإيرانية. ففي بيان صدر اليوم الخميس عن الخارجية الروسية رفضت موسكو الطلب الأمريكي بإعلانها أن كل دولة حرة "بان تختار الطرف الذي تريد التعاون معه". وفي محاولة منها للتخفيف من الانطباع بفشل الاجتماع قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف ان انه لم يتم اتخاذ "أي قرار ولم تصدر أي وثيقة ختامية. لكن هذا لم يكن هدفنا"، مجددة رفض روسيا الاشتراك في أي عمل عسكري ضد طهران.
أسعار النفط تخضع للازمة الإيرانية
أخذت التصعيد في الأزمة الإيرانية يلقي بظلاله ثقيلاً على أسعار النفط في السوق العالمية، إذ وصلت إلى أسعار قياسية تنذر بأزمة في الأفق فقد وصل مزيج برنت القياسي إلى 74 دولاراً بسبب المخاوف من إن النزاع يمكن ان يعطل شحنات النفط من اكبر رابع مصدر للنفط في العالم. وعلى الرغم من تأييد إيران بقاء سقف الإنتاج الحالي لمنظمة الأوبك، التي تنتج بطاقتها القصوى، يرى الرئيس الإيراني ان النفط لم يصل للقيمة الحقيقية بعد. فقد قال في اجتماع له مع وزراء وحكام الأقاليم انه "رغم ارتفاع أسعار النفط في السنوات الأخيرة فأنه لم يصل إلى قيمته الحقيقية".