مختطفون في سجون مصر- شباب خرج ولم يعد!
٢٤ يونيو ٢٠١٥اختفت إسراء منذ 20 يوما. في مساء فاتح يونيو كانت الشابة المصرية على موعد لتناول العشاء مع صديقين لها. التقت إسراء البالغة من العمر 23 سنة في منطقة المعادي بالقاهرة مع صديقيها صهيب سعد ومحمد عمرو. ولكن بعد العشاء، لم يعد الطلاب الثلاثة إلى بيوتهم."تحديد مكان الهاتف الذكي لإسراء أشار بأنها توجد في مركز للشرطة في المعادي" ، كما يقول الأب محفوظ الطويل"، غير أن السلطات نفت ذلك. وبعدها أغلق الهاتف ولم يتوصل أهلها بأية رسالة منها ولا بأمر القبض عليها أو أية معلومات أخرى.
ليست إسراء حالة استثنائية فخلال شهرين تم إلقاء القبض بطرقية قسرية على 163 من المواطنين، حسب ما نشرت المنظمة المصرية "الحرية للشجعان" قبل بضعة أسابيع. بعض المختفين يتم العثورعليهم في السجون، حيث يتم احتجازهم دون تهمة. البعض الآخر يتم العثور عليهم مقتولين على حافة الطريق.وليس هناك من معلومات عن الكثيرين منهم. وفي هذا الصدد يقول محمد عبد السلام، الذي يعمل في منظمة مصرية غير حكومية: "لقد ارتفع عدد المفقودين بسرعة في الأسابيع الأخيرة"، مضيفا أن " وزارة الداخلية والجيش ينفيان مسؤولية الوقوف وراء ما يحدث من اختطافات"
إسراء لم تكن ناشطة سياسية
تدرس إسراء الطويل علم الاجتماع في القاهرة بالإضافة إلى عملها كمصورة صحفية حرة. يصفها أصدقائها بأنها شابة لطيفة، لديها قليل من السذاجة، وتعشق دائما روح الدعابة. علاوة على ذلك فقد كانت إسراء معروفة سواء في الشبكات الاجتماعية أو حتى خارج العالم الافتراضي، حيث لديها الكثير من الأصدقاء. لكن رفيقتها المفضلة كانت هي قطتها ودي، حسب أحد صديقتها التي تضيف:"لقد أخذتها معها حتى إلى الحج في مكة". كانت إسراء تعيش حياة طبيعية تماما في القاهرة. وحتى وقت قريب كانت إسراء تجلس على كرسي متحرك، ففي شهر يناير من العام الماضي، تم إطلاق النار عليها عندما كانت تصور إحدى المظاهرات بمناسبة الذكرى السنوية لثورة 2011. وفي الفترة الأخيرة كانت تمشي على عكازين. "ما هو الخطر الذي قد تشكله فتاة معاقة؟" تتساءل أمها اليائسة على الفيسبوك. مضيفة "إنها ليست ناشطة سياسية، بل مجرد مصورة هاوية".
تؤكد منظمات حقوقية انتشار ظاهرة الاعتقالات والإدانات دون محاكمة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وليس كل الأشخاص المفقودين هم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين أو "حركة 6 أبريل" المناهضة للحكومة. وفي هذا الصدد تقول سارة ويتسون من منظمة هيومن رايتس ووتش: "بعضهم نشطاء، وبعضهم يمشي فقط بالقرب من المظاهرات، ويتم اعتقال بعضهم بشكل تعسفي، كما حدث لإسراء وأصدقائها". وتضيف ويتسون أن " لا يتعلق الأمر ببعض رجال الشرطة الفاسدين بل يتم ذلك بشكل ممنهج".
أسابيع من الخوف والاضطراب
الأب محفوظ الطويل خائف وقلق جدا بشأن مصير إسراء. كما يخاف أيضا على زوجته وابنتيه الأخرتين. وبالنظر إلى أن محفوظ يعمل في المملكة العربية السعودية فإنه لم يجرؤعلى السفر إلى مصر، خشية تعرضه للاعتقال أيضا. ويضيف محفوظ في هذا الصدد:" وإذا حدث ذلك فلن أستطيع أن أفعل أي شيء لابنتي إسراء ولأسرتي ". بعد 16 يوما من اختفائها، انتشرت بعض الشائعات، التي تفيد بأن إسراء قد شوهدت في سجن القناطر. وهو سجن للنساء في العاصمة المصرية، له سمعة سيئة.
وفي ليلة 18 يونيو، اقتحمت وحدات الشرطة المسلحة منزل عائلة الطويل في القاهرة، كما يحكي الأب محفوظ بصوت مرتجف، مضيفا أنهم " أخذوا معهم الكمبيوتر المحمول لإسراء بالإضافة إلى أربعة أجهزة كمبيوتر محمولة أخرى". بعدها جاء محامي الأسرة وطلب من الشرطة إظهار مذكرة تفتيش والتوقيع على استمارة تفيد بأنهم أخذوا الأجهزة. ولكنهم أخذوا في الضحك ودفعوه جانبا ببنادقهم، كما يحكي محفوظ. وفي اليوم التالي نشرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة تقارير عن أدلة في جهاز الكمبيوتر المحمول لإسراء، تفيد أنها تتعامل مع "قوات أجنبية" وأنها أرسلت لها معلومات وصور ذات أهمية كبيرة. ولكن أب إسراء ينفي ذلك قطعا ويعتبره " أمرا مثيرا للسخرية، وكذبة كبيرة."
بعد يوم من ذلك تم السماح لأم إسراء بزيارتها في السجن بعد 18 يوما من الخوف وعدم الطمأنينية، حيث لم تكن الأسرة تعرف عما إذا كانت البنت على قيد الحياة. وقد سمح لأقارب بالتحدث معها لمدة 15 دقيقة كما يروي أب إسراء، مضيفا أنه قلق جدا بشأن مصير ابنته، ثم يأخذ في البكاء وهو يردد: "أخشى أن يقوموا بتعذيبها وإجبارها على تقديم أي اعترافات. قد يكون ذلك قد حدث بالفعل، وأنا لا أدري".
صدمة الشعور بالعجز
لدى محفوظ الطويل شعورا بالعجز عن القيام بأي شيء في مواجهة ذلك، شأنه شأن العديد من المصريين، الذين اختفى أقاربهم . وهو يأمل، مثل الناشط محمد عبد السلام، في الحصول على دعم من أوروبا التي لازالت صامتة.
وفي هذا الصدد تقول نيكول لامبرت من "شبكة حقوق الإنسان الأوروبية المتوسطية":" الاتحاد الأوروبي يبدي تحفظا كبيرا فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر". وتشير أنه بدلا من التدخل بصرامة فيما يحدث، فإننا نشاهد ألمانيا مثلا وهي تبسط "السجادة الحمراء" للرئيس السيسي، كما تخطط المملكة المتحدة لاستقبال الرئيس في وقت قريب. أما أب إسراء فلازال يتساءل بصوت خافت ويقول:" لانعرف كيف ستنتهي الأمور، إنه كابوس بالنسبة لنا"