مسلمو ألمانيا يخشون أجواء معادية للإسلام بسبب "داعش"

في محل أثاث الديكور تجلس صاحبة المحل المحتجبة، وهي محاطة بالأوراق الملونة والشرائط وغيرها من الخردوات. ويخيم على المكان رائحة عطر شرقي. وعند فتح الباب يتسرب ضجيج الشارع إلى داخل المحل. وتقول ميرال شاهين "سنتعرض لكثير من المخاطر ، لكن ليس هذا بالجديد". بذلك تعبر المتحدثة الشابة عن ذهولها مما يقوم به تنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال العراق وسوريا من تهجير وقتل بشيع للمسيحيين والإيزيديينوالمسلمين. وتضيف ميرال قائلة: "لاعلاقة لتنظيم الدولة الإسلامية بالدين. إنهم إرهابيون يسيئون استخدام إسم الله".

ولكن هل يمكن للمواطنين في ألمانيا أن يميزوا بين المسلمين المحبين للسلام والإسلاميين المتطرفين؟ . السيدة ميرال تتمنى أن يكون الأمر كذلك، غير أنها تتخوف من حدوث "اغتراب جديد"، على حد تعبيرها.

فهل يعني ذلك إذن وجود تراجع في السياسات الخاصة باندماج المسلمين؟ ليس هناك من يتمنى ذلك ولاشك. أكثر من أربعة أشهر مرت على زيارة قام بها رئيس ألمانيا الإتحادي يؤاخيم غاوك للسيدة ميرال شاهين. وهي أيضا رئيسة "رابطة شارع كويب" في كولونيا. الرئيس الألماني هدف آنذاك من زيارتها إلى إرسال إشارة واضحة للتأكيد على أهمية روح التفاهم. وكانت زيارته آنذاك في إطار الذكرى العاشرة للحدث الدموي الذي قامت به إحدى المنظمات اليمينية المتطرقة. وآنذاك عبرت الشرطة بداية عن اعتقادها أن يكون أشخاص أجانب خلف ذلك الحدث العنيف. وكان لدى العديد من سكان تلك المنطقة بمدينة كولونيا، وأغلبهم أتراك، شعور بأن تلك الاتهامات موجهة إليهم وأن مواقف التشكك منهم لم تكن عملا صحيحا على الإطلاق. ولذلك يقام في العاشر من يونيو من كل عام حفل ثقافي كبير تحت شعار "التضامن"، يحضره حوالي 70 ألف مواطن من سكان مدينة كولونيا

"سياسة وقائية"

بالنسبة للسيدة مريا فيخته فقد حقق هذا الحفل نجاحا كبيرا. الشابة ماريا التي ترتدي "الجينز" و" تي شورت" ، لها مهمة تنسيق النشاطات التي تقوم بها المبادرات و الجمعيات والمجموعات الدينية. ويتجلى محور عملها في المساعدة على تجنب الصراعات التي قد تنشأ بين المهاجرين و العاطلين عن العمل وغيرهم من الأفراد والأسر المقيمة في هذه المنطقة في مدينة كولونيا. وتوضح مريا فيخته قائلة:" هنا يعيش أتراك و أفارقة وبالطبع مواطنون أصليون من ألمانيا. وبذلك ننهج سياسة وقائية".

يتقاسم مسجد أحمد أردوغان الفناء الداخلي مع محل تركي لبيع المواد الغذائية. ويعبر السيد أردوغان، الذي يحمل صدفة نفس إسم رئيس تركيا وهو في الأربعين من العمر، عن اعتقاده أن أغلبية الألمان لاتنظر إلى كل المسلمين بأنهم إرهابيين. كما يعبر عن قلقه من تطرف عدد من الشباب المسلمين ومشاركة عدد منهم في "الجهاد". "يجب أن نعبر عن قلقنا من ذلك، وقد يحدث مثل ذلك في أية أسرة ". ويرى السيد اردوغان أن بعض الأئمة الذين ينشرون في خطابهم روح الكراهية يعرفون جيدا كيف يتلاعبون بأفكار الأطفال الضعفاء. "فمن الواضح أنهم يبثون فيهم شيئا ما من الآمال مثل روح الصداقة أو روح الجماعة أو مواقف القوة" وقد يتبع ذلك الإيديولوجيات واللباس والمواقف الشكلية. وهنا يتساءل السيد أردوغان بصوت ناقد:"هل يقوم(الآباء والأمهات) بشيء خاطئ، هل تقوم العائلات بعمل خاطئ؟ ما الذي أسأنا استخدامه؟ الكثير من الأولاد فقدناهم. أنا مجبر على فعل شيء ما".

العديد من المشاه في المنطقة لا يريدون الحديث علانية عن السياسة، غير أن سيدة من أصل تركية -ألمانية ؟تقف جانبا وتقول:"نخشى من أن يتم تصنيف كل المسلمين على أنهم إرهابيون. هؤلاء يسعون إلى ربح الأموال والسلطة ولا يريدون السلام وبركة الله. أظن أننا، نحن المسلمون، سنكون مضطرين للعودة إلى تبرير ما يحدث مرة أخرى".