مصر: آفاق جديدة للحوار بعد رفض جبهة الإنقاذ دعوة الرئيس
٣١ يناير ٢٠١٣بينما كان الرئيس محمد مرسي يجري محادثات مع المستشارة أنغيلا ميركل في برلين كان أقطاب جبهة الإنقاذ المعارضة يعقدون اجتماعات مع قيادات حزب النور السلفي لبحث مبادرة طرحها الأخير لتسوية الأزمة السياسية في البلاد. جبهة الإنقاذ استجابت لحزب النور بعد أن كانت قد رفضت دعوة الحوار التي وجهها إليها مرسي قبيل سفره لألمانيا. جبهة الإنقاذ ربطت رفضها دعوة مرسي بعدة شروط يبدو أن حزب النور، أكبر الأحزاب السلفية، يميل إلى قبولها ومنها تشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة النظر في بعض مواد الدستور.
الأزهر بدوره دخل على خط الأحداث إذ نجح في جمع الأحزاب المصرية المتنافسة وإقناعها بالتوقيع على وثيقة لنبذ العنف. وبدا محمد البرادعي، أحد أبرز قادة جبهة الإنقاذ المعارضة، متفائلا بعد الاجتماع الذي دعا إليه شيخ الأزهر واتفقت فيه القوى السياسية المتنازعة على ضرورة نبذ العنف وتشكيل لجنة لتمهيد الطريق أمام مزيد من الحوار.
الجبهة: الحوار الذي دعا إليه مرسي غير متكافئ
ويرى أسامة الغزالي حرب، عضو جبهة الإنقاذ الوطني ورئيس حزب الجبهة الديمقراطية، أن رفض جبهة الإنقاذ الوطني للحوار مع الرئيس محمد مرسي كان بسبب غياب التكافؤ وفرض موضوعات وأجندة الحوار من قبله (الرئيس) وعلى هواه، علما بان الجبهة تمثل جميع أطياف كثيرة من المجتمع وقوى كبيرة لا يمكن الاستهانة بها. ويرى حرب أن دعوة الحوار جمعت بين طياتها قوى تنتمي للرئيس وجماعته من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، فالحوار حتى يكون جيدا لابد أن يجمع كل أطياف المعارضة المصرية.
وقال حرب خلال حديثه مع DW عربية إنه "لا يمكن لأي مواطن مصري مخلص أن يرفض الحوار لمجرد أنه نابع من مؤسسة الرئاسة"، وتابع "الجبهة ستقبل الحوار متى بني أركانه على أسس سليمة". ويعتقد حرب أن الحوار ليس كل الخيارات المتاحة أمام الجبهة لمعالجة الوضع الحالي، بقوله أن "الخيارات المتاحة أمام الجبهة تتمثل في إقامة حوار على أسس متكافئة وحقيقية أو الاستمرار في الثورة والنزول إلى الميادين".
شرعية مرسي انتهت
ويعتقد الناشط السياسي خالد تليمة، أحد أبرز القادة الشباب للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل عامين، أن "شرعية الرئيس المصري محمد مرسي سقطت ولا يجوز الحوار معه" وأضاف تليمة لـ DW عربية "شرعية مرسي سقطت مع سقوط أول شهيد في حكمه (جيكا) ثم أحداث قصر الاتحادية التي شهدت سفك دماء المصريين على يد ذراع قمعي للسلطة.. مرسي مسؤول عن ذلك وشرعيته انتهت وهناك قطاع عريض من الشعب يدرك أن شرعيته انتهت".
خصم من الرصيد السياسي
أما أسامة سليمان، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، فيرى أن الأمن القومي للدولة وإنقاذ الوطن مسؤولية الجميع وتحديدا ثلاثة أطراف رئيسية تتمثل في "رأس الدولة والسلطة التنفيذية، والقوى السياسية وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الوطني، والشعب".
وقال سليمان في حديثه لـ DW عربية "أيا كان الاختلاف في الرأي لا بد من نقطة أساسية نلتف حولها وهي مصلحة الوطن"، ويشدد سليمان أنه لا يمكن أن تكون الجبهة في اتجاه معاكس للنظام الحاكم إذا قالت السلطة التنفيذية نعم تقول لا، لأن ذلك برأيه يضر بمصلحة البلاد ويؤخر الزمن اللازم لإنقاذ البلاد وتحقيق شعار الثورة المتمثل في "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".
ويضيف سليمان أن "رفض الجبهة للحوار الوطني يخصم من رصيدها الشعبي وبالتالي عليهم أن يراجعوا أنفسهم"، وقال "الشعب شاهد على ما تقوم به الجبهة وسيحكم التاريخ عليهم". وبسؤاله عما إذا كانت جبهة الإنقاذ الوطني جديرة بالحوار معها، رد سليمان قائلا "لا يوجد أحد يستطيع إنكار أحد فالشعب هو من يحدد ذلك من خلال آليات متفق عليها في الدستور سواء كانت مرغوب فيها أو غير مرغوب وهو ما سيتضح من خلال الاستحقاقات القادمة.. وذلك رغم الشواهد السلبية والتصريحات النارية من جانبهم".
لكن سليمان يقول إن الفرصة مازالت سانحة لكل طرف وطني يرغب أن يشارك في إنهاء الأزمة التي يعيشها الوطن وتحقيق التحول الديمقراطي المنشود، وبالتالي عليها أن تعيد النظر في الشروط التي تضعها ولا يمكن أن تضع نفسها وصاية على أحد فالشعب يعلم مصلحته جيدا.
ويستكمل سليمان حديثه قائلا "على مؤسسة الرئاسة التعامل مع الجميع في إطار الجماعة الوطنية وإذا ثبت قانونيا أن أي طرف ضد المصلحة الوطنية يجب أن يخضع لتحقيقات تتولاها النيابة العامة". وأجاب سليمان عن ما إذا كانت جبهة الإنقاذ مسئولة عن الفوضى التي تشهدها البلاد حاليا، بقوله إن "تصريحاتهم في هذا الصدد تعكس ذلك وجميع دعواتهم قبل الاحتفال بثورة 25 يناير يشير بدعوات للتخريب والحرق والدمار بدعوة أن النظام الحالي يماثل النظام السابق"، ودعا سليمان الجبهة للتعبير عن آرائها السياسية بشكل سلمي واستنكار ما يحدث على أرض الواقع.
الجبهة لا تحرك الشارع
بدوره يعتقد أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هناك ثلاث حقائق تكتنف عملية الحوار الوطني. تتمثل أولها أن جبهة الإنقاذ لا تؤثر على ما يحدث الآن على الأرض بمعنى أن الجبهة لا تؤثر سلبا أو إيجابا على الحركة الثورية العنيفة. ويعرب عبد ربه عن اعتقاده أن الأحداث تتعلق بمجموعة من الشباب الثوريين الذين "لا نستطيع تخوينهم والذين وجدوا أنه لا أمل من تلبية مطالبهم سوى اللجوء لوسائل العنف، بغض النظر عن الطريقة ذاتها"، التي يرفضها.
من هنا يرى عبد ربه أن قبول الانخراط في الحوار من عدمه لا يؤثر علي مجرى الأحداث، ويضيف في حديثه لـ DW عربية أن ثاني تلك الحقائق تتعلق أن الجبهة قد تكون على حق لأن خبرة الحوار الوطني عامة في مصر خبرة غير سليمة لاسيما بعد أحداث الاتحادية لأنها كانت متعلقة فقط باستيعابهم وليس تنفيذ مطالبهم. وثالث تلك الحقائق أن تضع جبهة الإنقاذ في اعتبارها أن الحوار جيد وأن تضع شروطا واقعية للمشاركة به، فلا يمكن الاشتراط على إلغاء الدستور لبدء الحوار رغم أن هناك أطرافا وافقت عليه وتم الاستفتاء عليه.
وينهي عبد ربه كلامه بالقول إن هناك أسسا فعالة للحوار أهمها تقع على عاتق مؤسسة الرئاسة في مقدمتها أن تقتنع بجدوى الحوار وأن تضع في اعتبارها ما سيؤول إليه وألا يكون مجرد استيعاب للمعارضة. ويشدد الباحث المصري على أن "على الرئاسة وضع ضمانات حقيقية للحوار، وفتح الملفات المتعلقة بأحداث ثورة 25 يناير لا الاكتفاء باتخاذ إجراءات أمنية فقط".