مصر: محاكمة مرسي.. رئيس جديد خلف القضبان
٣ نوفمبر ٢٠١٣لم يتصور أحد في مصر أن البلد التي طالما مجدت حكامها سيأتي لها اليوم التي تضعهم فيها خلف القضبان. محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك اطلق عليها في حينها محاكمة القرن. تلك المحاكمة كانت لقتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير 2011 لكن البعض يرى أن التهم الموجهة حاليا لمرسي تجعل من محاكمته بالفعل محاكمة تاريخية أجدر بأن تحمل لقب "محاكمة القرن". فالرئيس الذي دخل تاريخ مصر كأول رئيس مدني منتخب، سيدخل التاريخ مجدداً كأول رئيس مصري وعربي يحاكم بتهمة التخابر لصالح جهات أجنبية، بالإضافة لمحاكمته بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين أمام قصر الإتحادية والتي من المقرر لها أن تبدأ أولى جلسات المحاكمة فيها في الرابع من هذا الشهر(4/11/2013).
مؤيدو 30يونيو يطالبون بأقصى عقوبة لـ"الرئيس الجاسوس"
"مرسي لم يختلف عن مبارك لذا كان مصيرهم واحد"، يقول الموظف حسام أحمد لـDW عربية تعليقاً على محاكمة مرسي بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين أمام قصر الإتحادية. واضاف: "كلاهما تخيل أن جماعته بإستطاعتها إسكات صوت الحق والحرية بالقوة لكن كلاهما فشل". لكن رغم ذلك يخشى أحمد أن تفشل المحكمة في إثبات هذه التهمة على مرسي. "نفس التهمة وجهت لمبارك وادخلتنا في متاهات بسبب عدم وجود أدلة واضحة".
وعلى العكس توقع الطالب محمد عصام أن تثبت التهمة على مرسي وألا تدخل محاكمته في "متاهات" كمحاكمة مبارك – على حد قوله. "أعتقد أن هذه المرة سيكون هناك إثباتات وأدلة قاطعة على التهم المنسوبة لمرسي"، يقول عصام لـDW عربية. ويفسر الشاب الجامعي أسباب قناعته قائلاً: "في محاكمة مبارك كانت الشرطة مدانة لذا لم تتعاون مع المحكمة بل اتلفت الأدلة أما في هذه القضية فالشرطة على العكس تقف ضد مرسي مما سيعني تعاونها تماماً مع النيابة والمحكمة". وعن تهمة التخابر صرح الشاب المؤيد لـ30 يونيو لDW عربية قائلاً: "أعتقد بنهاية المحاكمة ستكتب مصر التاريخ بمحاكمة أول رئيس جمهورية جاسوس في العالم".
لم يكن الشعب المصري ليسمح بأن يحكمه "رئيس جاسوس" حسب رأي العامل صلاح إسماعيل الذي صرح به لDW عربية. إسماعيل استبق الحكم على الرئيس المعزول ويبدو أنه يؤمن تماماً أن الحكم النهائي سيكون بإدانته وقد ركز في حواره لDW عربية على تهمة التخابر. "لقد كان مرسي عميلاً داخل مؤسسة الرئاسة وهو ومكتب الإرشاد باعوا البلد وسيأخذون عقابهم بإذن الله"، يقول الرجل المؤيد للفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع بإنفعال. وأضاف: "أتمنى أن ينال مرسي أقصى عقوبة أي الإعدام جزاء الخيانة".
"البطل" مرسي يواجه "تهماً ملفقة ومحاكمة مسيسة"
وعلى الجانب الآخر، اعتبر إسلام رضا، صاحب مكتبة ومقهى ومؤيد لحركة رابعة، أن التهم الموجهة لمرسي غير منطقية وملفقة. "هم (السلطة الحاكمة) لم يجدوا ما يحاكمون مرسي عليه خلال سنة حكمه لذا اختلقوا له تلك التهم"، يفسر رضا وجهة نظره لـDW عربية. وتوقع رضا أن تسيس المحاكمة وأن تتدخل السلطة الحالية في قرار المحكمة والحكم الصادر منها. وعن توقعاته للحكم يقول رضا "منطقياً إذا ما كان هناك أدلة وبراهين على التخابر فعقوبتها الإعدام أما إذا لم يحكم عليه بذلك إذن فهو إعتراف ضمني بتلفيق القضية".
وفي نفس المسار كان رأي سائق الأجرة عمرو جلال الذي ابدى تعجبه من التهم الموجهة لمرسي. "أين كانت تهمة التخابر قبل توليه الرئاسة أو خلال فترة رئاسته؟" يتساءل جلال. واتهم جلال السلطة الحالية بتلفيق التهم لمرسي وأعضاء جماعته معتبراً المحاكمة سياسية موجهة. "الحكم سيخرج كما يريده قيادات البلد فهم من لفقوا القضية وهم من سيحكمون فيها"، يقول سائق الأجرة الشاب.
وتحدث احد أعضاء جماعة الإخوان، رفض ذكر اسمه، لDW عربية. ويعتبر عضو الجماعة أن المحاكمة غير شرعية من الأساس وأن الإعتراف بها هو إعتراف بما اسماه "الإنقلاب". وتوقع الشاب الثلاثيني إدانة الرئيس المعزول. "بالنسبة لتهمة قتل المتظاهرين فالشرطة ستبذل قصارى جهدها لتلفيق الأدلة لمرسي لإدانته على عكس ما فعلته مع مبارك من طمس للأدلة"، يقول عضو الجماعة. ويضيف: "أما تهمة التخابر فهي تهمة مختلقة من الأساس لذا من لفقها لن يغلب في أن يختلق لها أدلة". ورفض الشاب الإخواني البوح بخطط تظاهراتهم يوم المحاكمة مكتفياً بقول أن التظاهرات مستمرة في جميع أنحاء البلاد حتى "سقوط الإنقلابيين". واختتم حديثه لDW عربية قائلاً: "مرسي سيقف بطلاً في المحكمة وسيضحى رمزاً للصمود في العالم أجمع".
"محاكمة مرسي سلاح ذو حدين"
ويرى المحلل السياسي وخبير الأمن القومي د. حمدي السيد أن محاكمة مرسي تمثل سلاحاً ذو حدين خاصة فيما يتعلق بتهمة التخابر. "الحد الأول يتمثل في وجوب محاكمة مرسي محاكمة عادلة حال توفر أركان الجناية بأدلة دامغة قاطعة تؤكد إدانته وعقابه"، يفسر السيد لـDW عربية. ويستطرد: "الحد الثاني يتمثل في أن تقضي المحكمة ببراءة مرسي، وهذا سيمثل إدانة صريحة للسلطات المصرية قد تؤكد سعيها لتلفيق التهم الجائرة لتحقيق مكاسب سياسية ولتصفية الحسابات وبالطبع قد يفقدها ذلك مصداقيتها في الشارع المصري".
وتوقع السيد أن تزداد أعمال العنف والسعي لضرب الاستقرار في الشارع المصري في حالة تأكد الجماعة من أن المحاكمة سياسية تتم بشكل جنائي. لكن السيد رغم ذلك استبعد أن تأخذ محاكمة مرسي بعداً سياسياً منوهاً عن ثقته في استقلال القضاء وعدم قبول القضاة لأي توجيه . ويضيف السيد: "كذلك القانون الجنائي واضح ومحدد ولا يأخذ بالشك أو الأحتمال".
فيما أعرب الخبير السياسي والأمني عن تمنيه عدم بث المحاكمة على الهواء "لأن بثها قد يكون له تبعات وتداعيات سلبية تزيد العنف والعنف المضاد وقد تتسبب في تعظيم الخصومة والانقسام بين المصريين خاصة أن الوضع يختلف عن محاكمة مبارك"، يوضح السيد. واختتم: "الوضع الآن يختلف عن وقت محاكمة مبارك. حينها كان هناك توحد في الشارع إلا قليل من مؤيدي المعزول أما الآن فالشارع منقسم بين معارض للإخوان ومحب للحكومة ومحب للإخوان وكاره للحكومة وتائه بين هذا وذاك ورافض لكِ من الحكومة والإخوان".