من برلين إلى شتى أنحاء العالم عبر الكتاب الإلكتروني
١٠ أغسطس ٢٠١٣دون لافتة وبدون بوابة تدل على أن في الطابق الأول لإحدى البنايات المتوارية عن الأنظار في ضاحية فيدين بالعاصمة الألمانية برلين يتم العمل على تطوير أحد أهم مشاريع دور النشر في العاصمة. وهذا على الرغم من أن برلين لا تخلو من أفكار خلاقة ورجال أعمال شجعان. الأمريكي، إدوارد فان لانن، يريد انطلاقا من شقته الصغيرة إجراء بعض التغييرات والتعديلات على سوق الكتاب الإنجليزي.
في دار نشره الجديدة "فريش آند كو" يصدر رجل الأعمال الأمريكي الشاب الذي يحلو له تسمية نفسه "إي جي" ترجمات إنجليزية لكتب وروايات وقصص وغيرها من الأعمال الأدبية التي يعرفها مثلا الجمهور في ألمانيا وإيطاليا والتي لم تجد طريقها من قبل إلى سوق الكتاب الإنجليزي.
طموح كبير والصعوبات أكبر
ويتعاون "إي جي" البالغ من العمر 39 عاما، وكان يعمل في السابق في قسم التسويق في شركة هاربر كولنز في نيويورك، مع عدد من دور النشر في ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وفنلندا والبرازيل. وكانت أولى إصداراته في الربيع الماضي كتاب وهو ترجمة من اللغة الألمانية إلى اللغة الإنجليزية لرواية الكاتبة النمساوية، آنا كيم، بعنوانAnatomy of a Night "تشريح ليلة". ويسعى فان لانن إلى إصدار نحو 12 كتاب سنويا، لكن يبدو أن ذلك ربما يفوق طموحاته في الوقت الحالي. الكتاب الإلكتروني "ذي تاور" (البرج) للكاتب تيلكامبس من المنتظر أن يصدر في وقت أبكر، إلا أن المترجم، مايك ميتشل، يحتاج إلى وقت أطول مما كان مخططا له من قبل. وبالنسبة للناشر، الذي يتولى التحرير وتصميم الكتاب بنفسه، فإن عبء العمل عليه كبير جدا.
ولكن هناك أيضا أشياء أخرى تثير قلقه. "في الشهر الأول قمنا ببيع 100 نسخة، وهذا ليس بالعدد الكبير"، هكذا يتحدث الناشر دون أن يخفي إحباطه. ولكنه يواسي نفسه في الوقت ذاته باعتقاده أن الكتب الإلكترونية من شأنها أن تحظى بإقبال القراء أكثر من الكتب الورقية. "الكتاب الورقي لا يبقى أكثر من نصف سنة على رف الكتب قبل أن يختفي. أما الكتب الالكترونية فتبقى لفترة أطول. وبيع 100 نسخة شهريا ليس بالأمر السيء وأفضل من بيع 500 نسخة في البداية وبعدها لا شيء".
"عمل جنوني وقد يُمنى بالفشل"
إدوارد فان لانن يعرف أن الكتب التي ينشرها هي عادة ليست بالكتب ذات المبيعات الكبيرة. ولكنه يعرف أن الكتب الترفيهية تجد إقبالا ملحوظا عند القراء من مستخدمي الانترنت. أما بالنسبة للأدب المرموق فإن الإقبال حتى في بلد الكتب الإلكترونية، أي في الولايات المتحدة، منخفض للغاية. ولكن وبالرغم من ذلك فهو لا يفكر في التخلي عن مشروعه.
"أحيانا أفكر بأن الذي أقوم به أمر مجنون. إنه محفوف بخطر الفشل. ولكن حين أستثمر كل هذا المال والوقت والطاقة، فأن ذلك يتعين أن يكون للكتاب والكتب قيمة مهمة لي و أرغب في مطالعتها. ولهذا السبب يؤسس المرء دار نشر لكي يتقاسم مع القراء الأشياء التي يجدها مهمة ومثيرة للاهتمام"، هكذا يتحدث الناشر وكله عزيمة في مواصلة مشروعه. ويأمل أن يرى نفسه في موقع أفضل من دور النشر التقليدية التي لا تزال تعتمد على طبع الكتب بالدرجة الأولى ولا تولي إلا اهتماما جانبيا بالكتب الإلكترونية.
ولكن العزيمة والمثالية لا تكفيان لوحدهما لإنجاح مثل هذا المشروع. ففي الولايات المتحدة وغيرها لا يعرف أحد أن في برلين هناك دار نشر صغيرة اسمها "فريش آند كو" تقوم بإصدار ترجمات انجليزية لإصدارات أدبية بالألمانية وعدد من اللغات الأوروبية. وستكون أهم مهمة بالنسبة للناشر فان لانن تغيير هذا الأمر. وربما يكون هذا الطريق طويلا ومليئا بالأشواك ولكنه ليس مستحيلا.