مونديال قطر 2022.. جدل حول "صندوق الاستدامة" الخاص بالفيفا
٥ ديسمبر ٢٠٢٤بعد عامين من نهائيات كأس العالم، أطلق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالتعاون مع إمارة قطر "صندوق إرث كأس العالم 2022"، وهو صندوق استدامة بقيمة 50 مليون دولار من أجل تمويل ودعم "مختلف البرامج الاجتماعية". وتحدث خلال ذلك رئيس الفيفا جياني إنفانتينو عن إطلاق مبادرة "تاريخية".
في المقابل طالب المنتقدون بمبلغ أعلى بكثير حتى أثناء نهائيات كأس العالم، وشددوا على إنشاء صندوق تعويضات للعمال المهاجرين، الذين قتلوا أو أصيبوا في مواقع البناء الخاصة بنهائيات كأس العالم في قطر 2022.
هل "صندوق إرث كأس العالم فيفا قطر 2022" تاريخي حقًا؟
من المعروف أنَّ "صناديق إرث الفيفا" هذه كانت موجودة بالفعل في نهائيات بطولة كأس العالم الثلاث السابقة: في جنوب أفريقيا 2010، والبرازيل 2014، وروسيا 2018. وقد كانت قيمة كل منها 100 مليون دولار، أي ضعف قيمة الصندوق المعلن عنه الآن بعد نهائيات كأس العالم في قطر.
وقد كانت الأموال مخصصة في المقام الأول من أجل مشاريع البنية التحتية لكرة القدم في البلدان المعنية. وفي عام 2022، أوقف الفيفا بشكل مؤقت مدفوعات الصندوق لروسيا، بسبب الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا. وبحسب الاتحاد الروسي لكرة القدم فقد تم حتى ذلك الحين دفع نحو 30 بالمائة من الأموال الموعودة.
والجديد في الصندوق القطري بالمقارنة مع الصناديق السابقة هو توجهه الدولي. فهو يدعم مشاريع من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، ولا تربطها علاقة مباشرة وحصرية بالبلد المضيف قطر.
وسيذهب ثلث المبلغ المتعهد بتقديمه - أي 16.6 مليون دولار - إلى صندوق منظمة التجارة العالمية، الذي أنشئ في شباط/فبراير الماضي من أجل دعم سيدات الأعمال في البلدان الأقل نموًا.
ما هو رأي منتقدي الفيفا؟
ينتقد منتقدو الفيفا عدم تخصيص هذا الصندوق أية أموال لتعويض العمال المهاجرين، الذين تضرروا خلال بناء مرافق كأس العالم في قطر أو تعويض أسرهم. وهذا الصندوق هو "مجرد محاولة أخرى من الفيفا لصرف الانتباه عن عدم رعايته أو عدم تعويضه الأشخاص المتضررين من أنشطته"، كما قالت أندريا فلورنس لـDW.
وأندريا فلورنس برازيلية تعمل مديرة "تحالف الرياضة والحقوق"، الذي يضم تسع منظمات غير حكومية ونقابات عمالية ـ من بينها منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة الشفافية الدولية، ويعمل بحسب تعبيره من أجل "ترسيخ حقوق الإنسان ومكافحة الفساد في الرياضة العالمية".
وتقول أندريا فلورنس يجب على الفيفا أن "يتحمل المسؤولية عن عواقب تصرفاته وأن يستخدم جزءًا من إيراداته البالغة 7 مليارات دولار من كأس العالم 2022 من أجل تعويض الذين عانوا من أجل تنظيم كأس العالم". وفي فترة التحضير لكأس العالم، كانت منظمات حقوق الإنسان قد دعت الفيفا إلى دفع ما لا يقل عن 440 مليون دولار كتعويضات للعمال المهاجرين - وهو نفس مبلغ الجوائز المالية الممنوحة للمشاركين في بطولة كأس العالم.
ما هو رد الفيفا؟
والاتحاد العالمي لكرة القدم لا يعتبر نفسه مسؤولًا عن تعويض العمال المهاجرين. وكثيرًا ما يشير الفيفا إلى "صندوق دعم وتأمين العمال"، وهو صندوق أنشأته قطر في عام 2018 بقيمة 350 مليون دولار وبشكل أساسي للأجور المتأخرة أو غير المدفوعة.
وفي المقابل ترى منظمة العفو الدولية أنَّ المتضررين يواجهون عقبات كثيرة تمنعهم من الوصول إلى "صندوق دعم وتأمين العمال"، مثلًا عندما يكون العمال المهاجرون قد عادوا إلى بلدانهم الأصلية، كما تقول أندريا فلورنس. وتضيف أنَّ المدفوعات محددة بسقف.
ما يزال هناك جدل حول عدد العمال المهاجرين الذين عانوا من مشكلات صحية أو حتى ماتوا أثناء العمل قبل بطولة كأس العالم في قطر. ويدعي الفيفا والحكومة القطرية أنَّ ثلاثة أشخاص فقط قد لقوا حتفهم بسبب يرتبط مباشرة بعملهم في مواقع بناء الملاعب. وأنَّ 37 عاملًا آخرين في كأس العالم قد توفوا، ولكن من دون سبب يرتبط مباشرة بعملهم.
وفي المقابل تتحدث منظمات حقوق الإنسان عن وجود عدة آلاف من حالات الوفاة غير المفسرة بين العمال المهاجرين ضمن سياق الاستعدادات لبطولة كأس العالم في قطر.
كأس العالم 2034 في السعودية؟
من المتوقع أن يستمر النقاش خاصة وأنَّ منح الفيفا بطولة كأس العالم 2034 للمملكة العربية السعودية بات على ما يبدو شبه مؤكد. وعلى الرغم من الانتقادات الواضحة من قبل المنظمات الحقوقية، إلَّا أنَّ الطلب السعودي قد حصل على 4.2 من أصل 5 نقاط محتملة في تقرير تقييم الاتحاد العالمي لكرة القدم، المنشور مساء السبت.
وكما هي الحال في قطر، يوجد أيضًا في المملكة العربية السعودية الكثير من العمال المهاجرين، وخاصة من دول جنوب شرق آسيا الفقيرة مثل باكستان ونيبال وبنغلاديش. وكثيرًا ما تشكو منظمات حقوق الإنسان من استغلال أرباب العمل للعمال المهاجرين في السعودية وغشهم وإجبارهم على العيش في تعاسة وشقاء.
ويعمل العمال المهاجرون في السعودية على أساس "نظام الكفالة" التقليدي، الذي يكفل بحسبه صاحب العمل عماله الأجانب. ويمنح نفسه مقابل ذلك الحق في الاحتفاظ بجوازات سفر عماله وتحديد الأجور وظروف العمل.
وصحيح أنَّ منظمة العمل الدولية (ILO) كشفت فيما يتعلق بكأس العالم 2022 أنَّ ظروف العمال المهاجرين في قطر تحسنت خلال الأعوام بعد كأس العالم: "لكن ما يزال الكثير من العمال يواجهون عقبات عندما يتركون عملهم ويريدون الانتقال إلى عمل جديد، من بينها انتقام أصحاب العمل، مثلًا من خلال إلغاء تصاريح إقامة العمال أو اتهامهم زورًا بالفرار".
*هذا المقال تم تحديثه في الثاني من كانون الأول/ديسمبر.
أعده للعربية: رائد الباش