نفوذ السعودية على محك ثورات الربيع العربي ودعم أنظمة مستبدة
٤ أغسطس ٢٠١٢لا يقف المال كعقبة أمام المملكة العربية السعودية لتحقيق مصالحها فعائدات النفط تجعل المملكة غير مضطرة للقلق حول هذه المسألة لاسيما وأن مخزون النفط مازال كافيا بشكل يجعل السعودية قادرة على توفير مستوى معيشي مرتفع لمواطنيها علاوة على تقديم الدعم الكريم لحلفائها في الخارج.
تأثير قوي في مصر
يرى الباحث الألماني غيدو شتاينبرغ المتخصص في الشأن السعودي بمعهد السياسة والأمن في برلين، أن "السعودية تكتسب تأثيرها من خلال المال أو التعهد بدفع المال"، ويشير الخبير إلى وضوح هذا الأمر مع النموذج المصري على سبيل المثال إذ أن السعودية تدعم بالملايين المجلس العسكري الذي يمثل بحسب الخبير، نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
ولسنوات طويلة كان مبارك حليفا مهما للسعودية في الشرق الأوسط كما استثمرت السعودية المليارات في مصر. وعلى المستوى الاجتماعي مثلت السعودية عنصر جذب للعمالة المصرية كما مثلت مصر عامل جذب سياحي للسعوديين.
وبالرغم من أن القوى الحاكمة في مصر تغيرت بعد ثورة 2011 إلا أن السعودية لا ترغب في التخلي بهذه البساطة عن تأثيرها في أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان.
خوف من ضياع النفوذ
تحاول السعودية وفقا للخبير الألماني شتاينبرغ، دعم استقرار الأنظمة المستبدة من أجل تحقيق الهدف المشترك وهو الحفاظ على السلطة. ويضيف شتاينبرغ:"ثمة خوف دائم لديهم من فقدان النفوذ وهذا هو سبب خوف السعوديين من الأقلية الشيعية في شرق البلاد". ويمثل الشيعة حوالي 10% من السعوديين وتتهمهم الأغلبية السنية بالتقارب مع إيران، العدو اللدود للمملكة.
وتعتنق السعودية الفكر الوهابي الذي صار يعرف الآن في أوروبا بـ"السلفية". وامتد نطاق الفكر الوهابي حاليا لخارج حدود السعودية ويظهر هذا من خلال التمثيل القوي للسلفيين في بعض الدول مثل تونس ومصر.
نشر الفكر الوهابي
لا يقتصر انتشار الفكر الوهابي على الدول العربية فقط بل امتد أيضا لقارات أخرى كما يقول شتاينبرغ :"بذلت السعودية جهودا كبيرة خلال العقود الأخيرة وتحديدا منذ بداية الستينات، من أجل نشر هذه التعاليم وتحديدا في الدول التي لا تتوقع فيها معارضة شديدة كما هو الحال في غرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وأيضا في أوروبا والغرب".
وانطلاقا من الرغبة في زيادة نفوذها، تعتمد السعودية على ثقلها الروحي والديني للمسلمين في العالم، وتسعى لنشر الفكر الوهابي الذي ساهم بشكل غير مباشر في تقوية حضور التيارات الدينية المتطرفة، في جنوب ووسط آسيا، وغرب أغرفيقيا وبلدان المغرب العربي، وأيضا في أفغانستان ومنطقة شبه الجزيرة العربية.
صراع بين الرياض وطهران
ظل النفوذ السعودي في سوريا محدودا للغاية لاسيما وأن الأقلية العلوية هي التي تتحكم في سياسة هذا البلد الذي يعد أيضا حليفا مهما لإيران لذلك فليس من الغريب ألا تقوم السعودية في هذه الحالة بدعم النظام المستبد ولكن بدعم المتمردين عليه.
ووفقا لتقارير إخبارية غير مؤكدة فإن السعودية تقوم مع قطر بنقل السلاح للمعارضة في سوريا الأمر الذي ساهم في زيادة حدة الصراع في سوريا مع تراجع فرص التوصل لحل سياسي.
وبهذا تحولت سوريا لساحة صراع بين السعودية وإيران وتحديدا بين السنة تحت قيادة الرياض والشيعة تحت قيادة طهران كما تحول الصراع بين الطرفين إلى حرب إعلامية بين وسائل الإعلام التي تمثل الطرفين.
شريك اقتصادي مهم
وفي الوقت الذي تسعى فيه إيران لزيادة نفوذها عبر طريق برنامجها النووي، تعتمد السعودية على تعهدات الحماية من الولايات المتحدة وعلى شراء الأسلحة من الخارج والتي يلعب فيها المال السعودي دورا مهما.
وتعقيبا على سباق التسلح بين السعودية وإيران يقول توماس ديملهوبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة هيلدسهايم:"أحد أهداف السعودية هو الحفاظ على دورها المسيطر في المنطقة".
وتفكر الولايات المتحدة وأوروبا في السعودية كمورد للنفط وكشريك اقتصادي مهم بشكل يعلو على أصوات المنتقدين لها(السعودية)، فالسعودية في النهاية هي البلد الوحيد القادر على زيادة معدل إنتاجه النفطي خلال أيام قليلة وبالتالي التأثير على سعر النفط. وطالما ظل الحال هكذا فستظل مساحة التحرك المخصصة للسعودية في مجالات الاقتصاد والسياسة والدين كبيرة للغاية.
آنا آلميلينج/ ابتسام فوزي
مراجعة: منصف السليمي