نقاش ألماني موسع حول استخدام تحاليل الحمض النووي لكشف الجريمة
أدت سرعة إلقاء القبض على قائل رودولف موسهامر احد مصممي الأزياء الألمان المعروفين إلى تزايد أصوات السياسيين ورجال القضاء الألمان المطالبة بتعميم استخدام فحوصات الحمض النووي DNA لمتابعة و ملاحقة المجرمين. غير أن مطلب كهذا قوبل من جهة أخرى بالرفض والتخوف من قبل ساسة آخرين يرون في التعميم خرقاً واضحاً للحقوق المدنية. على صعيد آخر يسمح القانون الألماني الحالي بأجراء مثل هذه الفحصوات، ولكن فقط في حالات خاصة كالأعمال الجنائية والاعتداءات الجنسية. ولا تكمن المشكلة في وضع البصمة الجينية تحت تصرف رجال الأمن، وإنما في كونها تقدم كماً كبيراً من المعلومات الحساسة عن الأشخاص مما يعني إمكانية إساءة استخدامها إذا توفرت النية لذلك.
كشف الجريمة بواسطة الحمض النووي
تمكنت شرطة ميونيخ الألمانية من اعتقال أحد الجناة في أقل من 72 ساعة بفضل عينات من حمضه النووي موجودة في بنك معلومات خاص تجمع فيه بيانات هامة عن مرتكبي الجنح و الجنايات. ويتعلق الأمر هنا بشاب عراقي يبلغ من العمر 25 عاماً أقدم على قتل مصمم الأزياء الألماني رودولف موسهامر خنقاً. وارتكب الشاب الجريمة بسبب خلاف حول مبلغ مالي كان على المصمم دفعه لقاء خدمات جنسية حسب مصادر الشرطة. وسهل مهمة الأخيرة في الكشف عن المجرم تقديمه لعينات من لعابه بعد قيامه بجنح أخرى سابقاً. وبعد مطابقة بصمته الجينية مع تلك التي تركها في بيت الضحية ما كان أمامه الا الاعتراف بجريمته.
تقنية القرن الحادي والعشرين
في وصفة للتقدم الحاصل في فحوص تقنيات الحمض النووي DNA قال رئيس وزراء ولاية بافاريا ادموند شتويبر أن هذا التقدم سيكون أحد وسائل البحث الحاسمة في القرن الحادي والعشرين. ويعود ذلك إلى ما يوفره من نتائج دقيقة و سريعة وأكيدة. وبموجبها لن يكون بمقدور الجناة الفرار من العقوبة مهما طالت فترة البحث عنهم. وعلى صعيد الدعوات السابقة من قبل الحزب المسيحي الديموقراطي لاستخدام عينات الحمض النووي خلال التحقيقات قال وزير العدل روجر كوش في ولاية هامبورج: "لقد دعونا لتبني هذه التقنية من أجل محاربة و تعقب الجريمة منذ سنين طويلة، الا أننا كنا نواجه معارضة التحالف الحاكم المؤلف من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر كل مرة. كما كنا نواجه أيضاً حجة عدم وجوب الإباحة بالمعلومات الشخصية." ولكن موافقة البرلمان الألماني على توسيع استخدام فحوصات الحمض النووي حسمت الكثير من نقاط الاختلاف. وهذا ما شجع الكثير من السياسيين على المطالبة بأخذ عينة من كل شخص يصل إلى مراكز الشرطة مهما كانت جريمته او جنحته.
مشكلة التعدي على المعلومات الشخصية
لا تزال قضية المعلومات الشخصية وحمايتها من أكثر الهواجس التي تثير قلق العديد من السياسيين في ألمانيا. ومن الأمثلة على ذلك تصويت عدد كبير من اعضاء حزب الخضر ضد قرار أخذ عينات الحمض النووي من كل شخص يزور مراكز الشرطة. أما حجتهم في ذلك فتقوم على أساس أن لهذه الفحوصات نتائج سلبية اخرى تتعلق بالمعلومات الخاصة عن الشخص المعني. ومن بينها على سبيل المثال تلك المتعلقة بالأمراض التي يعاني منها ولا يريد للآخرين معرفتها. على ضوء هذه التخوفات ظهرت العديد من الدعوات التي طالبت بإيجاد طرق ووسائل اخرى لمحاربة الجريمة اعتماداً على تقنيات أخرى.
اعداد طارق النتشه