نموذج للتسامح - أول مدرسة للأديان الثلاثة في ألمانيا
١٣ سبتمبر ٢٠١٢بفخر واعتزاز وقف 22 طفلا أمام "مدرسة ثلاثة أديان" في مدينة أوسنابروك. إنه اليوم الأول للدخول المدرسي لأطفال مسيحيين ومسلمين ويهود. ولا غرابة في ذلك. فهم يدرسون هناك جميعا، جنبا الى جنب، اللغة الألمانية والرياضيات والموسيقى والمواد العلمية، أما بالنسبة للدروس الدينية فلكل مجموعة دينية معلمها الخاص بها. وإضافة إلى ذلك يشارك التلاميذ في دروس تعليمية مشتركة تهدف إلى التعريف بالأديان المختلفة وبشعائرها. في هذه المدرسة تؤخذ الأعياد الدينية للعقائد الثلاث بعين الاعتبار. فخلال شهر رمضان مثلا يتم التخلي عن الاحتفالات داخل الأقسام. وفي يوم كبور (الغفران) اليهودي لا يأتي الأطفال اليهود للدرس. وبالنسبة للمسؤول عن المدارس المسيحية في منطقة أوسنابروك Winfried Verburg فإن الهدف هو "أن يحافظ التلاميذ و التلميذات على خصوصية الحوار الديني بينهم وأن يكونوا عن وعي بعقيدتهم وأن ينهجوا مواقف الاحترام و التسامح تجاه الآخرين".
بين الترحيب والرفض السياسي
جاءت فكرة مشروع مدرسة الأديان الثلاثة بالصدفة. ففي السنوات الأخيرة تراجع عدد التلاميذ الكاثوليك المسجلين بمدرسة يوهانس المسيحية الكاثوليكية في أوسنابروك. وحسب قوانين الولاية فيجب ألا يتعدى عدد التلاميذ غير الكاثوليك بالمدرسة نسبة 30 بالمائة. وبسبب وجود علاقات جيدة مع الجاليات المسلمة و اليهودية بالمنطقة جاءت فكرة تدريس الأديان الثلاثة في المدرسة. ويقوم مجلس استشاري يمثل الأديان الثلاثة باتخاذ القرارات المهمة الخاصة بالقضايا التربوية. في البداية كان هناك أخذ و رد بهذا الشأن حيث رفض جزء من حزب الخضر و الحزب الاشتراكي الديمقراطي هذا النموذج المدرسي من منطلق أن عملية الاندماج تتم بالأساس في المدارس الحكومية التي يوجد بها عدد لا بأس به من أبناء وبنات المهاجرين.
رموز إسلامية ويهودية و مسيحية في المدرسة
في الماضي كان الصليب هو الرمز الديني الوحيد بمدرسة يوهانس. غير أن ذلك سيتغير خلال الأسابيع المقبلة. ففي إطار الحوار بين الأديان سيتم تعليق رموز أخرى مثل الهلال الإسلامي أو الشمعدان اليهودي بسبعة فروع. وتريد معلمة مادة التربية الإسلامية توضيح خلفية هذه الرموز خلال درسها الأول للتلاميذ. أثناء الدرس تضع المعلمة غطاء على رأسها للإشارة إلى الحجاب مثل زميلها اليهودي الذي يلبس قبعته الدينية. وتضيف المعلمة قائلة: " إني أهتم في دروسي بالتأكيد على التوازي القائم في الديانات السماوية." و تشير المعلمة إلى أن الخلفيات الكثيرة التي ينحدر منها التلاميذ المسلمون الثمانية بالقسم تشكل تحديا بالنسبة لها، حيث يختلف مستوى معرفتهم بالإسلام لأنهم ينحدرون من تركيا واندونيسيا ومن بلدان عربية مختلفة وأيضا من ألمانيا.
التسامح والفرائض الدينية
غير أن عدد التلاميذ اليهود في هذه المدرسة ليس بأكثر من تلميذين. ويعتقد معلم مادة اليهودية سيباستيان روبراك وهو في الأربعين من العمر أن "هذا العدد القليل يمكنه من التركيز على رعاية التلميذين بشكل أفضل". ورغم ذلك فهو لا يود المبالغة عند الحديث عن هذا النموذج التعليمي الوحيد من نوعه في ألمانيا، حيث يرى وجود بعض المشاكل التي لا يمكن تفاديها دائما في الحياة اليومية للتلاميذ بالمدرسة، مثل وجبات الأكل الجماعية في الظهر. ويشير في ذلك إلى الفوارق في أنظمة الأكل المرتبطة بهذا الدين أو ذاك. فمثلا يريد اليهود الأكل من طبق زجاجي حتى يكون هناك توافق مع الشريعة اليهودية، كما تم بطلب المسلمين التخلي عن إشعال الشمع خلال الحفلة الافتتاحية للمدرسة.
ويبدو أن هذه الفوارق لا تؤثر على موقف أولياء التلاميذ. فأم التلميذة اليهودية راحل مسرورة بوجود بنتها بهذه المدرسة المتعددة الأديان حيث يمكن لها " أن تعيش هويتها الدينية بشكل منفتح على الآخرين" كما تؤكد الأم. أما بالنسبة للأب المسلم فإنه يأمل في أن تتعلم بنته "أن كل الناس متساوون كيفما كان دينهم". و بالنسبة للأب الكاثوليكي فإنه "يريد الاستفادة مما سيتعلمه إبنه عن الأديان والعقائد المختلفة".