داعش يستهدف المسيحيين لأسباب عدة
١ مارس ٢٠١٥لم يتضح حتى الآن ماذا سيفعل تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي ب220 من المسيحيين الذين اختطفهم في الأيام القليلة الماضية في عدد من القرى الواقعة شمال سوريا. ففي حال اتخذت الأمور مساراً إيجابياً، فإن التنظيم الإرهابي سيطلق سراحهم مقابل إطلاق سراح الإرهابيين المعتقلين في السجون السورية، أما إذا سارت الأمور في مسار سلبي، فمن المحتمل أن يُقتلوا كما حدث مع الأقباط المصريين الذين قُطعت رقابهم مؤخراً في ليبيا. فالإعدام هو خطوة رمزية يلجأ إليها التنظيم لتأكيد إعلانه الحرب ضد المسيحيين والمسيحية في جميع بقاع العالم.
وعندما يحمل المرء تصرفات من تسميهم بعض وسائل الإعلام ب " الجهاديين "محمل الجد فإن ممارستهم قطع الرقاب ما هي إلا مقدمة لمعركة أكبر بكثير. وتتركز تلك المعركة في الوقت الحالي في السواحل الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. إلا أن التنظيم الإرهابي يهدد بنقلها يوماً ما إلى السواحل الشمالية للبحر المتوسط، وهو ما عبّر عنه أحد مقاتلي التنظيم في الساحل الليبي كان يحمل سكيناً في يده ويشير إلى أوروبا ويقول: "سوف نغزوا روما".
تبريرات دينية للحرب على المسيحيين
في أواخر صيف العام الماضي، نشر تنظيم "الدولة الإسلامية" الطبعة الرابعة من مجلته التي تحمل عنوان "دابق"، وهو أسم إحدى المدن في شمال سوريا، حسبما وردت في الروايات المنسوبة لأحاديث نبوية، تتنبأ بأن تشهد دابق قبيل نهاية العالم معركة حاسمة بين المسلمين والمسيحيين. واختار محررو مجلة "دابق" لغلاف العدد الرابع من المجلة صورة ساحة القديس بطرس بروما، يعلوها العلم الأسود للجهاديين. وسبق لزعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي القول إن تنظيمه "سيغزو روما بإذن الله" على حد قوله.
تنظيم "الدولة الإسلامية" وهاجس غزو أوروبا
هذا التبرير الديني للحرب ضد المسيحيين سبق أن عبّر عنه تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، عندما نشر عام 2007 وثيقة تأسيسه بعنوان "إعلام المؤمنين بولادة الدولة الإسلامية". واستشهد كتّاب الوثيقة بالاعتماد على مقولة لرسول المسلمين مضمونها أنه "يجب على المسلمين أن يُحكموا من قبل المسلمين، وعندما يعيش ثلاثة مسلمون في مكان ما، يجب عليهم تعيين قائد لهم".
وتضيف الوثيقة المذكورة أنه من أجل "تحقيق خلاص المسلمين لابد أن يعيشوا في المنطقة التي تطبق فيها الشريعة الإسلامية". وفي ظل غياب وثائق تحدد المناطق المحسوبة لصالح المسلمين السنة، فإن التنظيم الإسلامي يفهم من ذلك عدوم وجود أي مانع للانتشار والسيطرة على مناطق أخرى وضمها لأرض "الخلافة" كما يصفها، كما كان الحال خلال الفتوحات الإسلامية. ولتحقيق ذلك يعتمد التنظيم الإسلامي على ثلاثة مبادئ تكتيكية وهي: "الشوكة والنكاية"، و"التوحش"، و"التمكين". ولا يدع أنصار التنظيم أي مجال للشك في جديتهم لتفعيل تلك المبادئ على أرض الواقع.
"أربعة أهداف وراء الهجمات على الأقليات الدينية"
وبالنسبة للمؤرخ الإيراني الأمريكي حميد دباشي يسعى تنظيم "الدولة الإسلامية" من خلال الهجمات التي تستهدف المسيحيين إلى تحقيق أربعة أهداف، كما جاء في مقال له نشر على الموقع الإليكتروني للجزيرة.
الهدف الأول هو رغبة التنظيم في القضاء على أحد مؤشرات ورموز التعايش الديني والثقافي في الشرق الأوسط.
ثانياً، تحريض الجماعات الدينية ضد بعضها البعض كالأقليات المسيحية والشيعية والإيزيدية، بهدف المس بالاستقرار داخل الدول.
أما الهدف الثالث فهو دفع الدول الغربية إلى الدخول في حرب مع التنظيم (وهو ما يكسبه " الشرعية " باعتباره يقاتل الغرب الكافر حسب ادعائهم ) كما يقوي هذا الصراع ادعاءاته بأن الإسلام في حالة حرب مع بقية العالم.
كما أن الدول الغربية تميل إلى تفسير الهجمات ضد المسيحيين باعتباره هجوما يستهدفها. ويشير الباحث الإيراني الأمريكي في هذا الصدد أنه يجب عدم إغفال حقيقة أن معظم ضحايا هذا التنظيم الإرهابي هم من المسيحيين العرب. وبخصوص الهدف الرابع، الهجمات التي تستهدف الأقليات الدينية هي محاولة للتغطية على هزيمة التنظيم في كوباني وفقدانه لهذه المدينة. فالتنظيم يريد من خلال ذلك أن يظهر بأنه لا يُقهر، كما يريد أن لا يغيب كمادة مهمة في الإعلام الغربي.
ومن وجهة نظر غربية يمكن إضافة نقطة خامسة، وهي أن الإرهاب الذي يستهدف المسيحيين يساهم في تأجيج العداء للإسلام، كما أن بعض المسلمين سيميلون إلى التطرف وتبني ما يسمّونه بالفكر "الجهادي".