هل باتت أيام المدونات التقليدية معدودة؟
٦ ديسمبر ٢٠٠٩يمكن تعريف المدونة في صورتها التقليدية على أنها تقرير متوسط أو طويل الحجم، ينشر على موقع المدونة. أما التدوين القصير Microblogs فيعتمد على نصوص قصيرة لا يزيد طولها عن 140 حرفا، وتُنشر على المواقع التي توفر هذه الخدمة مثل تويتر وفيس بوك.
وفي الوقت الذي يدور فيه النقاش حول مستقبل الصحافة في ظل استطاعة المواطنين العاديين كتابة تقارير صحفية ونشرها على شبكة الانترنت، يشهد التدوين القصير نموا كبيرا وبوتيرة متسارعة. وتشير تقديرات موقع نيلسون أونلاين إلى أن تويتر ينمو عاماً بعد عام بنسبة 1382 بالمئة. لكن النمو السريع الذي تعكسه هذه الإحصائيات لا يرسم صورة دقيقة عن استخدام الموقع، فكثير من المستخدمين الذين سجلوا في الموقع بعد الاهتمام الإعلامي الكبير الذي صاحب ظهوره لا يستمرون في التدوين على المدى الطويل. وبالرغم من ذلك فإن مما لا شك فيه أن موقع تويتر أحدث تحولاً كبيراً في عام 2009، وأدخل طريقة جديدة لنشر الأفكار والتوجهات.
واليوم يتحدث الجميع عن تويتر، في حين تنزوي المدونات وتتراجع إلى الخلفية. حتى أن الصحفي المتخصص باول باوتين كتب في مقال له في مجلة "وايرد Wired" أن إنشاء مدونات جديدة لا معنى له اليوم. لذلك يمكن القول إن التدوين القصير احتل مكان التدوين العادي في بعض النواحي. لكن المثالين التاليين سيبرهنان على أن المدونات بنوعيها يمكن أن تبقى مرتبطة وتكمل بعضها بعضا.
التدوين التقليدي دخل في سبات شتوي
المثال الأول هو حالة البروفيسور "جي روسن" من جامعة نيويورك صاحب مدونة PressThink. فمنذ اشتراك روسن في موقع تويتر كتب أكثر من 9400 تدوينة قصيرة ولديه 27 ألف مشترك تصلهم تدويناته الجديدة. والمصطلح الذي يستخدمه روسن لوصف تدويناته هو "mindcasting" أي غربلة الأفكار.
من أجل فهم أفضل لوسيلة التدوين القصير ركز روسن إذا بشكل قوي على تويتر وأهمل مدونته الأصلية PressThink. إذ يرجع آخر تدوين له عليها إلى 12 ابريل نيسان 2009. وعندما سألت روسن إن كان سيتخلى عن مدونته PressThink أجاب طبعاً من خلال تويتر: "لم أتخلَّ عن التدوين، لكنني لم أجد شيئاً جديداً اكتبه في المدونة منذ ذلك الوقت، والآن أُدَرِّس استخدام البودكاستنج من خلال تويتر".
إذن أصبح مجال عمل روسن يشمل الآن التدريس في الجامعة وكتابة التدوينات القصيرة على تويتر وعمل البودكاستنج. ومن أراد تتبع أفكار روسن فإنه لن يجدها على مدونته PressThink، وإنما عليه الاشتراك في حساب روسن على موقع تويتر فتصله كافة تدويناته أولا بأول. ومن المؤسف في هذه الحالة أنه تم إهمال التدوين التقليدي.
تويتر مصدر للحصول علي الأخبار
المثال الثاني أسوقه من خبرة شخصية لي. فعندما مكثت 9 أيام في المستشفى كان تويتر الوسيلة الوحيدة للاتصال بالعالم الخارجي. وكنت أقوم بتحديث تدويناتي القصيرة يومياً من سريري في المستشفى، وتلقيت تهاني كثيرة، خاصة من أناس لم أكن أعرفهم، الأمر الذي رفع من روحي المعنوية. في ذلك الوقت لم يخطر ببالي الكتابة في مدونتي المسماة MediaShift.
فقد تحولت المدونة بالنسبة لي وللآخرين من الذين يكتبون فيها إلى منبر مهني ليس فيه مساحة للحديث عن الأمور الشخصية. وأصبحت MediaShift كغيرها من المدونات الإعلامية مثل GigaOm, PaidContent, ReadWriteWeb مجلة إلكترونية، ولم تعد منبرا لتبادل الأفكار.
والآن أصبح تركيزي المهني منصبا على تويتر بشكل كبير، وبات تويتر بالنسبة إلي منتدى لتبادل المعلومات القصيرة والانطباعات والأحداث اليومية المشتركة. وكلما وصلني مقترح لموقع أو مدونة جديدة أو خدمة إنترنت جديد، أدونها فورا في تويتر. في فترة بقائي في المستشفى كان تويتر بمثابة مصدرا للأخبار، فكان يمدني بالأخبار الهامة وأتاح لي تبادل الأخبار مع الآخرين. وكان بمثابة خدمة RSS-Feed جيدة بشكل يصعب مجاراته.
وبينما كنت على سريري في المستشفى بدأت أشعر بالملل، فقررت تدوين 10مقترحات لإنقاذ قطاع الصحف في تويتر، وكتبتها احداً تلو الآخر. أثارت المقترحات ردود فعل كثيرة، حتى أن مستخدماً قام بجمع كل المقترحات ووضعها في صفحة واحدة. عندها سألت نفسي: لماذا لم أقم أنا بجمعها؟ كان بإمكاني وضعها في مدونتي. وهذا ما قمت به لاحقاً، لكن ردود الفعل جاءت مخيبة للآمال، حتى أن بعض القراء انتقد قيامي بتكرار ما كتبته في تويتر، وأصبح المقال سطحياً وينقصه التعمق.
التدوين القصير + التدوين التقليدي = النجاح
أقنعتني مثل هذه الأمثلة بأنه يمكن للتدوين التقليدي والتدوين القصير أن يتجاورا ويتكاملا، وأنهم مرتبطان مع بعضهما البعض. فبدون تدوينات جي روسن في مدونته التقليدية كنت سأشعر بأني فقدت شيئاً مهما. ولو اعتمدت على تدوينات تويتر القصيرة وحدها سأفتقد العمق والتفاصيل في تقاريري.
ومن هنا يمكن القول بأن التدوين القصير لن يضع نهاية للتدوين، حتى لو حصل هذا في بعض الحالات المتفرقة. فالتدوين القصير هو بمثابة منتدى لتداول الأفكار واختبار الآراء، ومصدر للمعلومات التي يمكن للمرء أن يستعين بها قبل كتابة تقرير طويل في المدونة. أما المدونة التقليدية فهي المكان الذي يمكن فيه كتابة الأفكار متعمقة ومناقشتها. نوعا التدوين يمكن أن يعيشا جنباً إلى جنب، التأثير المتبادل بينهما يتيح كتابة المدونات الطويلة ذات الأفكار العميقة، وكذلك كتابة الملاحظات القصيرة والأفكار العابرة.
مارك غلازر مدير تحرير لمدونة "PBS MediaShift"، ويكتب كذلك في مدونة "PBS Idea Lab". إضافة إلى ذلك يكتب تقريراً أسبوعياً لـ موقع اتحاد الناشرين على شبكة الانترنت " The Online Publishers Association". يعيش غلازر حاليا في سان فرانسيسكو مع ابنه جوليان. وهو عضو في هيئة التحكيم لمسابقة دويتشه فيله العالمية للمدونات من عام 2006 وحتى عام 2008.
الكاتب: مارك غلازر
مراجعة: هيثم عبد العظيم
الوصلات:
مقال باول باوتين http://www.wired.com/entertainment/theweb/magazine/16-11/st_essay
عنوان البروفيسور جي روسن على موقع تويتر http://twitter.com/jayrosen_nyu
المزيد من المعلومات حول مصطلح غربلة الافكار
http://jayrosen.tumblr.com/post/110043432/mindcasting-defining-the-form-spreading-the-meme
عشر خطوات لإنقاذ قطاع الصحف http://www.twitter.com/mediatwit
خطوات إنقاذ قطاع الصحف على موقع PBS الالكتروني
http://www.pbs.org/mediashift/2009/06/10-steps-to-saving-newspapers162.html
موقع mediashift الالكتروني http://www.pbs.org/mediashift
موقع idealab الاكتروني http://www.pbs.org/idealab
موقع اتحاد الناشرين على شبكة الانترنت http://www.online-publishers.org
عنوان مارك غلازر على موقع تويتر http://www.twitter.com/mediatwit