هل تتجه حماس إلى تغيير استراتيجيتها بشكل جذري؟
سارع زعماء حماس في الضفة الغربية الى التأكيد على أن الحركة ستخوض الانتخابات القادمة للمجلس التشريعي على أساس برنامج "يحفظ حق النضال المسلح ضد اسرائيل الى أن تنهي احتلالها للاراضي الفلسطينية." ونقلت وكالة الانباء الفلسطينية عن محمد غزال عضو القيادة السياسية لحماس في الضفة الغربية قوله ان الحركة قررت المشاركة في الانتخابات "على قاعدة التمسك بالحقوق المشروعة لشعبنا وحماية برنامج المقاومة كخيار استراتيجي حتى زوال الاحتلال." وكانت تصريحات زعماء حماس في الداخل والخارج متطابقة من حيث ان قرارها هذا لا يعني التخلي عن المقاومة والاعتراف بالمعاهدات الموقعة مع اسرائيل. ففي مقابلة له مع إذاعة دويتشه فيله أكد سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس في قطاع غزة أن قرار الحركة المشاركة في الانتخابات لا يعني باي حال من الاحوال الاعتراف باتفاقات اسلو. واعتبر أبو زهري أن "أسلو بكل افرازاته انتهى، وهناك انتفاضة قوية خلقت واقعا جديدا يستند على التمسك بالثوابت الوطنية وخيار المقاومة، هذا الواقع هو الذي فرض على حماس اتخاذ القرار بالمشاركة." واضاف ابو زهري قائلا: "نحن نتحدث عن مشاركة على اساس برنامج سياسي، دفاعا عن عن برنامج المقاومة، والمشاركة من خلال المجلس التشريعي ستوظف لصالح خيار المقاومة وليس العكس." وفي معرض اجابته عن سؤال يتعلق بامكانية تحول حماس الى حزب سياسي، قال سامي أبو زهري:"حماس لن تتحول الى حزب سياسي طالما هناك احتلال، سنواصل المقاومة والحركة ترى انه من الطبيعي الجمع بين العمل السياسي والمقاومة." ولم يجب ابو زهري بوضوح على سؤال يتعلق بامكانية مشاركة الحركة في الحكومة القادمة، حيث اكتفى بالقول "هذا مبني على نتائج الانتخابات والنقاشات الخاصة بذلك داخل الحركة."
تحول استراتيجي أم تجاوب مع متطلبات المرحلة الى حين. . . ؟
يختلف عدد من المحللين السياسيين مع قراءة المتحدث باسم حماس في غزة للقرار الاخير، فهم يرون أن حركة حماس باعلانها الموافقة على المشاركة في الانتخابات التشريعية المرتقبة في الصيف القادم خطت خطوة كبيرة نحو التحول من فصيل مقاوم على الساحة الفلسطينية الى حركة سياسية. وبذلك تكون الحركة التي تشكل راس حربة المعارضة، قد تخلت عن تحفظها ومعارضتها السابقة للمشاركة في اي من مؤسسات سلطة الحكم الذاتي المنبثقة عن اتفاق اوسلو الذي طالما رفضته وعارضته. وبالرغم من تاكيد حماس ان مشاركتها جاءت لحماية "المقاومة" فان تبعات هذه المشاركة البرلمانية ستفرض على الحركة استخدام ادوات جديدة بعيدة عن متطلبات لغة السلاح والعمليات التي تستهدف الاسرائيليين. ويرى مراقبون ان الحركة الاسلامية تتمتع بقدر كبير من البرغماتية، الامر الذي شكل منطلقا لقرارها بالمشاركة في الانتخابات القادمة. وقال المحاضر الجامعي المختص في الحركات الاسلامية باسم الزبيدي في حديث لوكالة فرانس برس "تثبت حماس انها قادرة على التعامل مع المتغيرات وانها قرأت المرحلة بشكل مختلف وبصورة دقيقة بعيدا عن الشعارات والدوغماتية". واضاف "لقد استفادت حماس كثيرا من علاقتها المميزة مع جميع الفصائل بما في ذلك حركة فتح خلال سنوات الانتفاضة الاخيرة وستؤثر بثقلها ووزنها في النظام السياسي الفلسطيني وستترك بصمات كبيرة عليه".
احتواء الضغوط الدولية
لا يمكن اغفال حقيقة لجوء حماس الى خيار الانتخابات لاحتواء الضغوط الدولية والاقليمية عليها لوقف اعمال المقاومة ضد اسرائيل. وقال المحاضر باسم الزبيدي "يجب علينا ان نتذكر ان لدى حماس قراءة دولية وعالمية وهي لا تريد ان توصف بالتطرف والراديكالية لذلك قررت اللجوء الى الانتخابات لاحتواء هذه الضغوط. واكد مقربون من حماس ان الحركة الاسلامية لم تجد صعوبة كبرى داخل مؤسساتها في الداخل والخارج في التوصل الى هذا القرار وانها استفادت كثيرا من تجربة حزب الله اللبناني اثر الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان. وقال عضو المجلس التشريعي عماد الفالوجي والقيادي السابق في حماس لوكالة فرانس برس ان قرار حماس المشاركة في الانتخابات التشريعية "دليل على وجود نقلة جدية في فكر حماس وان هناك فهما وقناعة لديها بان المرحلة الان هي مرحلة سياسية جديدة".
ترحيب فلسطيني واسع
السلطة الفلسطينية رحبت بالطبع بهذا القرار الذي يشكل بالفعل خطوة كبيرة نحو التهدأة واعادة صياغة البرنامج الوطني الفلسطيني بحيث يوافق متطلبات المرحلة. فقد قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس للصحافيين: "انها خطوة ايجابية تسهم في مشاركة جميع الفلسطينيين في الحياة السياسية"، مضيفا ان "قرار حماس هذا ليس قرارا مفاجئا حقا لان الحركة شاركت في الانتخابات البلدية الاخيرة التي حققت فيها نجاحا". من جهته قال نبيل شعث نائب رئيس الوزراء ووزير الاعلام الفلسطيني لوكالة فرانس برس ان اعلان حماس قرار المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة "شيء ايجابي بالنسبة لنا ونشجعه كل التشجيع لانه سيعطي لحماس الفرصة للمشاركة الديموقراطية ولتحديد وزن هذه المشاركة بناء على الذين سيفوزون في الانتخابات التشريعية". وأثنى المستشار الرئاسي نبيل ابو ردينة على القرار باعتباره "خطوة جيدة للمشاركة في الحياة السياسية"، مضيفا أن "هذه الخطوة ستعزز الوحدة الفلسطينية وتؤمن الهدنة."