هل تتجه مصر في ظل رئيس إخواني نحو الغرب أم نحو إيران؟
٢٥ يونيو ٢٠١٢برقية التهنئة التي بعثت بها المستشارة ميركل للرئيس المصري الجديد محمد مرسي أشارت إلى أن "استمرار التحول الديمقراطي ودعم الوحدة الوطنية" من أهم التحديات التي تواجه أول رئيس للجمهورية الثانية، كما أشارت الرسالة إلى إن ألمانيا ستقف إلى جانب مصر وتدعمها.
وكان مرسي قد أعرب مجددا عن احترامه للمعاهدات الدولية ملمحا لإسرائيل التي تقلق على اتفاقية السلام الموقعة عام 1979 مع مصر، ولجيش مصر الذي ترتبط المساعدات الأمريكية الكبيرة التي يحصل عليها بمصير هذه الاتفاقية.
"هل يستطيع الرئيس الجديد تغيير ثوابت السياسة الخارجية لمصر؟"
بعض المهتمين بشؤون الشرق الأوسط لا يرون في انتخاب مرسي انتقالا لمراكز القوة إلى صف الأخوان المسلمين، بل هم يتذكرون أن المجلس العسكري قد استبق الانتخابات بإصدار إعلان دستوري مكمل حدد فيه إلى حد كبير صلاحيات رئيس الجمهورية المقبل، من هؤلاء الصحفي الألماني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط شتيفان بوخن.
وأشار بوخن في حوا مع DW بالقول "لا نعرف بالفعل ما هي صلاحيات الرئيس الجديد، وما زالت القوة الحاسمة في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما لا نعرف ما هو التوجه المصري الجديد في السياسة الخارجية". وبيّن بوخن أن حديث العسكر عن العلاقات الخارجية قائم على ثوابت ومصالح إستراتيجية، وبهذا فخطاب المجلس يشير دائما إلى علاقة مصر الوثيقة بالولايات المتحدة التي تمنح جيش مصر سنويا مساعدة قدرها 2 مليار دولار ( مشروطة بنفاذ اتفاقية السلام مع إسرائيل).
وعاد المحلل السياسي الألماني بوخن ليشير إلى "أن المؤسسة العسكرية في مصر لم تشكك في ثوابت السياسة الخارجية حتى الآن، والسؤال هو : هل يستطيع الرئيس الجديد أن يغير هذه الثوابت"، وخلص بوخن إلى القول إن من المبكر أن نحكم على مجريات الأمور.
"من المستحيل تقييم تصريحات مرسي بشان إيران وإسرائيل الآن"
وفي سياق العلاقات الخارجية أيضا، دعا الرئيس المصري الجديد محمد مرسي إلى "استعادة العلاقات الطبيعية" بين مصر وبين إيران والمقطوعة منذ أكثر من 30 عاما بهدف تحقيق توازن استراتيجي جديد في المنطقة. وبالرغم من نفي الرئاسة المصرية أن يكون مرسي قد أدلى بهذه التصريحات فإن المراقبين توقفوا عندها مليا ودرسوا دلالاتها. وبعد يوم من هذه التصريحات أعرب مرسي مجددا عن احترامه للمعاهدات الدولية، ملمّحا إلى معاهدة السلام بين بلده وبين إسرائيل دون أن يشير بصراحة إلى هذه المسألة الجوهرية. هذان التطوران المتناقضان يثيران أسئلة عن مستقبل علاقة مصر بإسرائيل، في ضوء موقف إيران من الغرب وإسرائيل.
المحلل السياسي الألماني شتيفان بوخن علّق على التناقض بالقول: "من المستحيل تقييم تصريحات مرسي بشأن إيران وإسرائيل في الظرف الحالي لسبب الغموض الذي يسود حول صلاحيات الرئيس الجديد". ومضى الصحفي الألماني الذي شارك في تغطية ثورات الربيع العربي للقناة الأولى في التلفزة الألمانية (ARD) إلى القول: "التطبيع مع إيران سيشكل تغييرا جذريا في السياسة الخارجية المصرية، ولا نعرف إلى أي حد يمكن لمرسي أن يقوم بمثل هذا التغيير".
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تتوقع أن تتعاون في المستقبل مع إدارة الرئيس المصري محمد مرسي. وأضاف نتنياهو "أعتقد أن السلام مهم لإسرائيل، أعتقد أن السلام مهم لمصر، أعتقد أن السلام مصلحة حيوية للبلدين وأعتقد أن السلام هو أساس الاستقرار في منطقتنا".
البروفسور يورام ميثال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون تحدث إلى DWمبينا أن صفحة جديدة من العلاقات بين بلاده وبين مصر قد بدأت اليوم. وأضاف ميتال قائلا: "وباستثناء اتفاقية السلام بين البلدين فإن حكم الأخوان التزم بتغيير شامل للعلاقة بين البلدين خصوصا في اتجاه الملف الإسرائيلي الفلسطيني، حيث أن علاقة وطيدة تربط أخوان مصر بحركة حماس المعروفة بعدائها لإسرائيل".
"تغيير الوضع في سيناء يحتاج إلى اتفاق مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة"
البروفسور ميثال أشار إلى أن أغلبية الإسرائيليين، وضمنهم الحكومة الإسرائيلية، ينظرون إلى فوز مرسي بالرئاسة بقلق شديد، ولكن الجميع صامتون إزاء التغيير، فيما تعبّر وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قلق كبير وخوف من مستقبل اتفاقية السلام بين الدولتين. وأشار ميثال إلى أن التزام مصر الأساسي يكمن في احترام اتفاقية السلام بين البلدين، ولكن مستوى العلاقات الثنائية بينهما سيشهد تغييرا عميقا وشاملا.
وشدد ميثال على أنه "من الممكن أن يشهد الوضع في جزيرة سيناء تغييرا جذريا، فهذه الجزيرة شاسعة المساحة منزوعة السلاح ضمن شروط اتفاقية السلام. وقد طالب مرسي بإجراء تغيير وزيادة عديد وتسليح القوات المصرية في الجزيرة، وهذا يحتاج إلى اتفاق مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة الأمريكية".
ويبدو أن الأخوان في هذه المرحلة على الأقل يسعون للمحافظة على جسور الاتصال مع الغرب، حيث قال مسؤولون بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لهم، إن الإخوان المسلمين اتصلوا بالسياسي الإصلاحي العلماني محمد البرادعي الدبلوماسي السابق بالأمم المتحدة لتولي منصب كبير. ويقرأ البعض في هذا الدعوة محاولة لإرضاء الغرب وحلفائه، وهو ما أيّده الخبير الإسرائيلي ميثال.
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو