هل تحدد أحداث العباسية مصير انتخابات الرئاسة المصرية؟
٢ مايو ٢٠١٢بينما يخيم الضباب على طبيعة الأحداث المحيطة بمقر وزارة الدفاع بالقاهرة، قال الرجل القوي في الجيش المصري رئيس الأركان الفريق سامي عنان إن "المجلس العسكري يبحث تسليم السلطة في الرابع والعشرين من شهر مايو"، الجاري إذا انتخب الرئيس من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومي 23 و24 من الشهر نفسه، حسب التلفزيون المصري الرسمي.
ويأتي تصريح عنان بعد مقتل 20 شخصا، وفقا لمصادر طبية، في صدامات بين متظاهرين كانوا يعتصمون بالقرب من مقر وزارة الدفاع وأشخاص مجهولين هاجموهم فجر اليوم الأربعاء (الثاني من مايو/ أيار 2012). وبدأ الأمر بتحرك أنصار المرشح السلفي المستبعد من السباق الرئاسي حازم أبو إسماعيل من اعتصامهم بميدان التحرير إلى العباسية حيث مقر وزارة الدفاع. كما صعد أنصار المرشح أبو إسماعيل في موقفهم من المطالبة بعودة مرشحهم لانتخابات الرئاسة إلى المطالبة بالرحيل الفوري للمجلس العسكري عن الحكم.
وليبدأ بعد هذه التطورات السيناريو المعتاد من "ظهور لأطراف مجهولة تحت اسم بالبلطجية قاموا بالاعتداء على المتظاهرين محاولين فض الاعتصام"، الأمر الذي خلف عشرين قتيلا وعددا كبيرا من المصابين. وأدلى عنان بهذه التصريحات خلال اجتماع المجلس العسكري مع ممثلي عدد من الأحزاب المصرية.
وأعلن أربعة مرشحين للرئاسة هما الإسلاميان عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي والعلمانيان حمدين صباحي وخالد علي تعليق حملاتهم الانتخابية حدادا على القتلى الذين سقطوا في المصادمات. ووجه هؤلاء المرشحون وعدة أحزاب وحركات سياسية أنصارهم للتوجه إلى مقر الاعتصام المجاور لوزارة الدفاع احتجاجا على الهجوم الذي تعرض له المعتصمون وتأكيدا لحق التظاهر السلمي.
"المجلس مسئول مسؤولية كاملة"
من جانبها نفت قوات الأمن المصرية محاولة فض الاعتصام، لكن الصور والفيديوهات القادمة من الاعتصام تظهر بوضوح تواجد "البلطجية في صفوف قوات الأمن" وعدم محاولة تدخل هؤلاء لحماية المعتصمين. الكاتب والمحلل السياسي المصري حسن عبد الموجود يرى في حوار مع DWعربية أن ما يحدث هو إعادة إنتاج للسيناريوهات القديمة للنظام البائد. ويضيف عبد الموجود لـ DWعربية بالقول: "لم نكن نعلم أن العسكر ربما يكونون مشاركين في موقعة الجمل لأننا كنا نهتف وقتها، تحت تأثير الفرح بالانتصار: الجيش والشعب إيد واحدة، ولكن بعد توالى الأحداث، ودهس المواطنين تحت المدرعات، وإحراقهم بالمولوتوف، وخنقهم بالغاز، لم يعد هناك شك في أن الفاعل لم يعد مجهولاً، حتى بالنسبة لأعضاء حزب الكنبة الذين بدؤوا يهتفون يسقط حكم العسكر". وذلك في إشارة إلى المصريين الذين تابعوا الثورة المصرية من بيوتهم ولم يشاركوا في المظاهرات.
الجيش المصري لم يصمت على هذه الاتهامات إذ نفى على لسان نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم ورئيس الأركان الفريق سامي عنان أن يكون الجيش متورطا في قمع المتظاهرين أو في إطلاق النار عليهم.
"أحداث العباسية رد على تصعيد الإخوان"
ويربط المحلل السياسي حسن عبد الموجود ما يحدث في العباسية بالانتخابات الرئاسية إذ يرى أن المجلس يحاول استغلال الأحداث لتشويه التيار الإسلامي إعلامياً من خلال إظهارهم كأنهم الجناة لأنهم تطاولوا على المجلس العسكري وبالتالي التأثير على فرص فوز مرشحي الرئاسة الإسلاميين. ويضيف عبد الموجود أن: "العنف المتعمد ضد الإسلاميين، ومنهم السلفيون الذين يمثلون الجانب الأكبر من معتصمي العباسية يتزايد للإيحاء بخطورتهم، حيث بدأ الشارع أيضاً في إلقاء اللائمة عليهم لأنهم تركوا ميدان التحرير واتجهوا إلى وزارة الدفاع، ما يعنى أنهم مسؤولون عن تصرفاتهم غير المسؤولة".
أحداث العباسية تأتي متزامنة مع تصعيد حركة الإخوان المسلمين لصراعها مع المجلس العسكري حيث أعلن رئيس مجلس الشعب المصري الإخواني محمد سعد الكتاتني تعليق جلسات مجلس الشعب لمدة أسبوع احتجاجا على عدم تغيير الحكومة بعد رفض البرلمان لبيانها وسحبه للثقة عنها. كما رفضت حركة الإخوان الاجتماع بالمجلس العسكري لحين توقف عمليات العنف في العباسية ومحاسبة المسئولين عنها.
لهذا يرى عبد الموجود أن العنف في العباسية في جزء منه موجه لجماعة الإخوان ومرشحها للرئاسة محمد مرسي. ويوضح تلك النقطة قائلا: "العسكري يعلم أن الإخوان لن يرضيهم ما يحدث في العباسية، وهو يحتاج إلى أن تكون المعركة معهم علنية، وها هم الإخوان يعلنون بالفعل مقاطعتهم لاجتماع العسكري، وكل ذلك يصب في مصلحة مرشح العسكر، وهو عمرو موسى، مهما نفى ذلك، ومهما تحدث عن استقلاليته، في مواجهة المرشح الاحتياطي للإخوان محمد مرسى".
أحمد ناجي ـ القاهرة
مراجعة: أحمد حسو