هل تفتح السويد الباب أمام اعتراف أوروبي بالدولة الفلسطينية؟
٦ أكتوبر ٢٠١٤رغم الغضب الذي أثاره رئيس الحكومة السويدي ستيفان لوفين في إسرائيل من خلال إعلانه نية بلاد الاعتراف بدولة فلسطين دون تحديد موعد لذلك واستدعاء وزارة الخارجية الإسرائيلية للسفير السويدي لدى إسرائيل للتعبير عن احتجاجها والتهديد ضمنيا بقطع العلاقات مع ستوكهولم، هاهي السويد تُعلن أنّ قرار الاعتراف سيمر دون موافقة البرلمان رغم التحفظ الأمريكي لهذه الخطوة التي وصفها ب"السابقة لأوانها".
وبذلك تكون السويد أول دولة اسكندينافية عضو في الاتحاد الأوروبي تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين. السلطة الفلسطينية من جانبها رحبت بهذه الخطوة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس انه "موقف شجاع جدا من السويد التي عودتنا على دعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وهي بلد يحترم القانون الدولي". وأعرب عريقات عن أمله في "أن تحذو جميع دول الاتحاد الأوروبي حذو خطوة السويد الكبيرة والشجاعة لأنه لم يعد هناك سبب لعدم الاعتراف بدولة فلسطين". وبذلك يرتفع عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين أو التي أعلنت نيتها ذلك إلى 112 دولة، وفق تعداد لوكالة فرنس برس.
"الاعتراف بنا يعني الاعتراف بوجودنا وهويتنا"
وعن الخطوة السويدية يقول الخبير الفلسطيني في شؤون بلاده الدكتور شريف أبو جابر والمقيم في ألمانيا بأنها تعطي للكثيرين من أمثاله الأمل في قيام دولة ووطن ينتسبون ويعودون إليه. ويقول في حديث مع DW: "نحن 12 مليون فلسطيني نعيش في شتات العالم، وليس لدينا إلى اليوم الجنسية الفلسطينية لأنه لا توجد دولة فلسطينية. أن يُعترف بنا يعني أن تكون لدينا هوية. نحن بحاجة أن يعترف بنا العالم على أننا شعب لنا هوية ووطن وجنسية."
وكان رئيس الحكومة السويدية قد برر نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية بالقول "الحل القائم على دولتين يتطلب اعترافا متبادلا وإرادة للتعايش السلمي." وسبق أن أيدت ستوكهولم حصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة العام 2012. لكنها رفضت العام الفائت انضمامها الى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو). ويعزو الخبير في الشؤون الفلسطينية قرار الاعتراف السويدي إلى نجاح الدبلوماسية الفلسطينية بالإضافة إلى "العمل الدءوب" لمن وصفهم ب"جنود الخفاء من الفلسطينيين المقيمين والمندمجين في السويد والذين ما انفكوا يعرّفون بقضية بلادهم."
هل تحذو فرنسا حذو السويد؟
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستدعم هذه الخطوة الموقف الفلسطيني في مفاوضات السلام وهل تجد إسرائيل نفسها مجبرة على الدخول في هذه المفاوضات مع طرف ند لها؟
فرنسا، إحدى الدول المؤسسة للإتحاد الأوروبي ودولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ثقلها الدبلوماسي على الصعيد الدولي، ألمحت إلى إمكانية حذو المثال السويدي. ففي سياق متصل قال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال "من الملح تحقيق تقدم في حل الدولتين والتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تحيا في سلام وأمن إلى جانب إسرائيل".
وأضاف "أنه الحل الذي يدعمه المجتمع الدولي. هذا يعني أنه سيتعين يوما الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مرددا ما قاله وزير الخارجية لوران فابيوس في كلمته أمام السفراء الفرنسيين في نهاية آب/أغسطس الماضي عندما اعتبر خلال حرب غزة هذا الصيف (2014) أنّ "المجتمع الدولي يجب ان يفرض" تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني". فهل يصب الإعلان السويدي في إطار حراك دبلوماسي دولي للضغط على كلا الطرفين لتحقيق تقدم في مفاوضات السلام التي لم تتقدم قيد أنملة منذ سنوات، بل بدلا من ذلك عاشت المنطقة على وقع حروب دامية متتالية؟
هل دعمت السويد الفلسطينيين على حساب إسرائيل؟
إسرائيل أعلنت على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو بنيامين رفضها "لأي خطوة أحادية الجانب لا تساعد في التوصل إلى السلام، بل على العكس لا تؤدي سوى إلى استبعاد احتمال" بلوغه"، مؤكدا على أن حصول الفلسطينيين على دولتهم الموعودة لن يكون إلا من خلال المفاوضات المباشرة.
صحيفة دي فيلت الألمانية علقت على الإعلان السويدي في عددها الصادر الاثنين (06 تشرين أول/ أكتوبر 2014) بالقول: "ستوكهولم بصدد القيام بخطأ. فليس رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فقط الذي عطل مفاوضات السلام ، وإنما الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيضا. وبإعطائه شيكا على بياض من خلال الاعتراف (بدولة فلسطينية)، فإن ذلك يعني إعفاء الفلسطينيين من كل مسؤولية عن الوضع المتأزم. صحيح أن عباس تخلى عن العنف ولكنه لا يسيطر على المتطرفين في صفوفه، ومن يريد إرغام إسرائيل من خلال عينين مغمضتين إيديولوجيا للوصول إلى حل الدولتين، فإنه لا يرى إلا جزءا من الواقع."
جيروزاليم بوست: " السويد ودول أخرى تدعم طرفا على حساب طرف آخر"
وفي سياق مماثل علقت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية في مقال عنونته "الخطأ السويدي" بالقول: "من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 فإن السويد ودولا أخرى تدعم طرفا على حساب طرف آخر في صراع معقد وطويل."
وتضيف الصحيفة قائلة: "تفاصيل اتفاق السلام يجب أن يتفق عليها كلا الطرفين في إطار جو من الاعتراف المتبادل، كلا الطرفين يجب أن يدخلا في عملية تصالح. إرغام الطرفين على القبول باتفاق من شأنه أن يشعل فتيل أزمة جديدة."
وفي عددها الصادر الأحد (05 أكتوبر/ تشرين الأول) أشارت الصحيفة إلى أنّ "المجر وبولندا وعدد قليل من الدول الأوروبية كانت اعترفت بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، ولكن ذلك كان عام 1988 عندما كانت جزءا من الدول الموالية للاتحاد السوفيتي." لكنها شددت بالقول: "إذا مضى لوفين قدما في خطته، فإن السويد ستكون أول دولة أوروبية كبيرة تحذو خطى السوفييت. وهذا الأمر من الصعب أن يتناسب مع مبادئ السويد الليبرالية والمتسامحة."