هل تُقدم ألمانيا على بيع دبابات ليوبارد جديدة للسعودية؟
١٩ يونيو ٢٠١٢في تطورات الحديث عن أكبر صفقة سلاح تبيعها ألمانيا الاتحادية منذ 20 عاما، نفت شركة كراوس مافاي فيغمان الألمانية المصنعة لدبابات ليوبارد القتالية تلقيها طلبا من السعودية لتوريد دبابات من طراز ليوبارد 2 حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية. أصداء تسريبات هذا الخبر متداولة في أروقة السياسة والصحافة الألمانية منذ أسبوع، فقد نشرت صحيفة فيلت أم زونتاغ الألمانية يوم الأحد (17 حزيران/ يونيو 2012) خبرا مفاده أن السعودية تريد شراء ما بين 600 و800 دبابة من طراز ليوبارد من ألمانيا وهو ما يزيد مرتين على الأقل عن الرقم الذي كان متوقعا سابقا. صحيفة بيلد أم زونتاغ، الشعبية واسعة الانتشار، أعادت نشر الخبر في نفس اليوم مع بعض الإضافات. فيما نشرت DWلقاء مع يوآخيم بفايفر البرلماني العضو بحزب المستشارة ميركل المسيحي الديمقراطي أكد فيه أن السعودية تعد من عوامل الاستقرار في المنطقة في معرض حديثه عن صفقة الدبابات المحتملة بين البلدين.
"الابتعاد عن مناطق النزاع مادة للحوار السياسي في ألمانيا"
الجدل يتناول في الغالب الجانب القانوني للمسألة، فألمانيا تمتنع عن بيع السلاح للدول التي تعيش في مناطق توتر سياسي، وهنا يجب الافتراض أن السعودية تعيش في منطقة توتر سياسي لكي تمتنع ألمانيا عن بيعها دبابات ليوبارد الموجودة منذ زمن طويل في الترسانة السعودية. خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس علق على هذه النقطة في حديث مع DWبالقول:" إن السعودية تعيش في منطقة توتر سياسي لكنها ليست في حرب معلنة مع طرف معين". واعتبر أبو دياب أنه إذا أريد للمسألة القانونية أن تأخذ مداها البعيد فيمكن التساؤل: لماذا تبيع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وحتى الصين أسلحة للسعودية؟ ثم عاد ليتحدث عن الحراك السياسي في ألمانيا قائلا: "المعارضة الألمانية قوية و الابتعاد عن مناطق النزاع يشكل مادة دائمة للحوار السياسي والإعلامي والقانوني، لكن يمكن في هذا الموضوع إيجاد اجتهادات قانونية".
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن تحقيق هذه الصفقة قد يعود على الشركة المنتجة بمبلغ 10 مليارات يورو، فيما تشير نفس التقارير إلى أن الدبابات ستصنع في إسبانيا بموجب ترخيص من الشركة الأم في ألمانيا، فيما ذهب أبو دياب إلى أن مجموعة سانتا باربارا الموجودة في اسبانيا تعمل لصالح شركة ألمانية منتجة للسلاح، لكن الفرع الاسباني مملوك لشركة أمريكية "وبمعنى آخر إذا، أن نسبة العائد من هذه الصفقة لألمانيا سيكون بسيطا، وهذا يعني أن هناك راحة في الجدل القانوني والسياسي في ألمانيا حول هذا الموضوع، وبوجود الانتخابات في ألمانيا في العام القادم لن تنال هذه الصفقة موافقة السلطات الألمانية".
"المملكة تريد استخدام هذه الدبابات لغرض الدفاع الخارجي"
الجدل الذي يسير في ألمانيا بهذا الاتجاه، يأخذ في الجانب السعودي منحى آخر، فالسعودية ترى نفسها محاطة بالأخطار وبحاجة إلى كمية تفوق بكثير الكمية المعلنة من الدبابات لحماية أمنها من الأخطار التي تهدده، كما ذهب الباحث السعودي عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث في حوار مع DWمشيرا إلى أن أي بيان رسمي عن المملكة بخصوص طلب تسليح تقدمت به إلى ألمانيا لم يصدر حتى الآن، والحديث يجري بشكل عام في أروقة الإعلام. وعاد بن صقر ليؤكد أن " المهم في هذا الطلب إن صح وجوده، أن المملكة تريد استخدام هذه الدبابات لغرض الدفاع الخارجي وليس لغرض حفظ الأمن الداخلي، فالمملكة تملك حدودا برية طويلة مع اليمن ومع العراق وكلاهما يعيشان توترا سياسيا وأمنيا كبيرا يمكن أن يهدد المملكة".
ومضى الباحث السعودي بن صقر إلى القول إن تحصين مئات الكيلومترات من حدود المملكة مع اليمن والعراق يحتاج إلى ما يقرب من 3000 دبابة، مبينا أن"المملكة تمتلك بدائل للحصول على الدبابات، وسبق لها أن اشترت دبابات أمريكية متطورة عالية الإمكانات، وفي اعتقادي أن الألمان هم المستفيدون من هذه الصفقة اقتصاديا، ولدعم علاقاتهم بالدول العربية والخليجية". الخبير السعودي أكد أن قوة الروابط الاقتصادية بين ألمانيا ودول الخليج لن يؤثر عليها في النهاية تحقق هذه الصفقة أم عدم تحققها.
وفي معرض رده على مخاوف قوى اليسار الألماني ومنظمات حقوق الإنسان بشأن إمكان استخدام هذه الدبابات في قمع تظاهرات محتملة في المملكة أو في حليفاتها من دول الخليج، أشار بن صقر إلى" أن المملكة لا يمكن أن تستخدم هذا السلاح في القضاء على أي أعمال شغب في الداخل، فالمملكة ليست سوريا، وليست نظام القذافي، والمشروعية قائمة فيها، والولاء والحب بين المواطن والدولة قائم"، على حد وصفه.
"الاستحقاق الانتخابي في ألمانيا قد يمنع إبرام الصفقة"
ويرى البعض أن ألمانيا قد لا تتمكن من تحقيق توازن بين المثل النبيلة التي تحكم سياستها وبين المنافع الاقتصادية التي يمكن تحقيقها على الأرض في نهاية الأمر، ما يمكن أن يرجح تمرير الصفقة. فيما يرى خطار أبو دياب أن اعتراضات اليسار الألماني وحزب الخضر القائمة منذ عام على صفقة أقل من هذه، يمكن أن تثني الحكومة عن عزمها على إبرام الصفقة "نظرا لوجود استحقاق انتخابي في عام 2013، والحكومة لا تريد للمزايدات السياسية أن تنال منها في هذا الموضوع".
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس ذهب إلى أن "ألمانيا تمتلك في هذا الموضوع هامش مناورة غير موجود عند دول أخرى مثل فرنسا التي تعتمد على مبيعات الأسلحة لأجل ميزانها التجاري، فألمانيا يمكنها أن تستغني من الناحية التجارية والاقتصادية عن أن تكون المورد الكبير للأسلحة". وأشار أبو دياب إلى أن العديد من دول العالم تفتش عن دبابة ليوبارد نظرا لكفاءتها وجودتها، ولكن سيكون من الصعب على ألمانيا تحقيق توازن بين توريد الأسلحة وبين الالتزامات السياسية في العلاقات الدولية ومسائل حقوق الإنسان وبين المتطلبات الداخلية للعملية السياسة في داخل ألمانيا.
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو